يعتقد الكثيرون بأن النجاح أو الثراء هو نتاج البيئة التي يولدون فيها. التفوق والحياة الرغيدة في نظرهم هي من نصيب أولئك الذين ولدوا بجينات وسمات مميزة مثل العالم آينشتاين أو لاعب كرة السلة مايكل جوردان، أو نشأوا وسط عائلات ثرية أرستقراطية منذ نعومة أظفارهم. والمشكلة الكبرى في وجهة النظر هذه هي أن أعداد لا تحصى من البشر لم يحظوا بأسرٍ غنية ولا بجينات غير اعتيادية، بل إن الغالبية العظمى من الناس ترعرعوا في ظروف عادية جدّاً. فهل هذا يعني أن الثراء حكر على فئة معينة منا؟!
بدراسة الواقع وتتبُّع التاريخ، يمكننا أن نحصل على إجابة شافية، وهي أن التميز وعيش حياة الرخاء ليس مقتصراً على طائفة معينة من بني الإنسان، فكثير من الوقائع تحكي قصص عظماء بنوا أنفسهم من تحت الصفر، وعلماء جهابذة كانوا في مقتبل العمر مثار سخرية أساتذتهم، ورواد أعمال كان جميع من حولهم يسِمُهم بالفشل والغباء!
إذن ما الذي يجعل الإنسان ناجحاً أو فاشلاً؟ ثريّاً أم فقيراً؟ إنه ببساطة اختياراتك في هذه الحياة. إن ما تختاره يحدد نوعية حياتك، بل إن ما تفكر فيه وتشعر به على أساس يومي يرسم حاضرك ومستقبلك؛ فالعالم الخارجي هو تجلٍّ لعالمك الداخلي وتجسيد لما يطوف في ذهنك من أفكار ويسكن قلبك من عواطف.
هذا يعني أنك إذا أردت حياة مختلفة، يلفّها النجاح والسعادة والثراء، فكل ما عليك فعله هو أن تغير نظرتك إلى الواقع، ابتداء من أفكارك ومشاعرك الداخلية.
في البداية ينبغي أن تكتشف جوانب ضعفك وتلك الأفكار والهواجس التي تعيقك عن التقدم والوصول إلى حيث تريد. بعد ذلك لا بد أن تعمل على تفنيد كل ما يحول بينك وبين النجاح واستبدال أية أفكار وأحاسيس غير داعمة بأخرى تدعم مشوارك نحو غاياتك.
إذن فالشق الأول هو أن تعمل على ذاتك، من خلال كشف نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة، والاستعاضة عن التفكير السلبي بالتفكير الإيجابي الذي يفتح لك الآفاق لمستقبل أفضل وحياة لم تكن تحلم بها من قبل. ولتحقيق النجاح في هذا المنحنى، يتعين عليك أن تثقف نفسك كل يوم وتتخذ القراءة جزءاً من حياتك، وخصوصاً قراءة كتب التنمية الذاتية عالية القيمة، والاستماع إلى رواد تطوير الذات، والاطلاع على أي معلومات واستراتيجيات وطرائق نفسية مفيدة لتحقيق تلك النقلة النوعية في طريقة نظرتك إلى ذاتك والآخرين والعالم من حولك.
أما الشق الثاني، فيكمن في ابتعادك عن الأشخاص السلبيين، الذين يقضون وقتهم في التذمر والشكوى دون فعل أي شيء لحل مشكلاتهم. فمن عاشر الناس أربعين يوماً صار منهم؛ لذا احذر من رفاق السوء ومن الذين يصورون الدنيا جحيماً ويحترفون فن إلقاء اللوم على الظروف الخارجية بدلاً من النظر إلى المرآة ليروا العدو الحقيقي؛ ألا وهو أنفسهم.
حاول أن تصادق أشخاصاً إيجابيين يدعمون نجاحاتك، ويستنهضون طاقاتك الدفينة، ويوقدون الحماسة في داخلك. فمصادقتك لإنسان ناجح إيجابي ستجعلك بشكل أوتوماتيكي ترغب في أن تطور من نفسك وتحسن حياتك نحو الأفضل.
أمر ثالث مهم للغاية وهو أن تعيد التعليم باستمرار. فكثير من الناس يكتفون في تعلم الأشياء مرة واحدة في حياتهم، ويبقون طيلة العمر متمسكين بوجهات نظر وآراء لا يحيدون عنها أبداً.
إن الأمي في عصرنا الحالي، ليس الشخص الذي لا يعرف القراءة والكتابة؛ بل هو الشخص الذي يتشبّث بتصوراته عن نفسه وعن العالم دون أن يحاول مراجعة افتراضاته وتعديل ما يلزم وتطوير فكره الذاتي. لذا راجع تصوراتك عن نفسك: هل تعتقد أنك لا تتمتع بالذكاء الكافي للنجاح مثلاً؟ أم تظن أنك غير أهل لتصبح ثريّاً؟ وكذلك راجع تصوراتك عن الآخرين: هل ما تزال تعتقد أن الحب لا وجود له بين الناس؟ أو أن جميع من عداك ماديون أنانيون استغلاليون؟ وما إلى ذلك من افتراضات ربما عشرت عليها عمرك كله، وشكلت حياتك وطريقة شعورك تجاه ذاتك والناس من حولك.
بالإضافة إلى ذلك كله، احرص على 5 أشياء هي الوقت والمال والطاقة والموهبة والفرص. هذه الأشياء الخمسة إما أن يقوم الإنسان بتخزينها أو استثمارها أو تبديدها. ودورك إذا أردت النجاح أن تعمد إلى استثمار العناصر الخمسة التي تشكل أساس تحقيق الأهداف. وابتعد كل البعد عن التسويف والمماطلة؛ لأنه يستنزف القوة، ويتركك مع إحساس بالذنب لعدم إنجاز ما عليك فعله.
سارع دوماً إلى العمل دون أي تأجيل، ورافق الأشخاص الإيجابيين، وراجع معتقدات وتصوراتك الشخصية حول نفسك والعالم الخارجي، واستفد من جميع عناصر النجاح الخمسة التي ذكرناها أعلاه، ولا تنسَ أن تخطط قبل أي شيء لأهدافك وتضع جدولاً بالمهام اليومية والأسبوعية، وتقيم الأداء بصورة منتظمة؛ لتصل إلى حيث تريد.