الدوحة- قنا- يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وسمو الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني، حرم سمو الأمير، اليوم الإثنين، زيارة دولة إلى المملكة المتحدة الصديقة، تلبية لدعوة من جلالة الملك تشارلز الثالث.
وسيلتقي سمو الأمير المفدى، خلال الزيارة، مع جلالة الملك تشارلز الثالث، كما سيجري مباحثات مع دولة رئيس الوزراء وكبار المسؤولين، تسهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
يرافق سمو الأمير، معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ووفد رسمي.
وتضرب العلاقات القطرية - البريطانية بجذورها في عمق التاريخ، آخذة بالنمو والازدهار في جميع المجالات على مر عقود من الزمان، ترسخها الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، التي أثمرت توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والشراكة المتينة بين البلدين في مختلف المجالات، كما أنتجت التعاون المشترك في جميع القضايا الدولية والملفات الإقليمية بما يخدم الأمن والسلم الدوليين ومواجهة التحديات العالمية، خاصة تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة..
وتأتي زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى المملكة المتحدة لتؤكد على مسيرة هذه العلاقات التاريخية المتفردة وتعزز الشراكة المستدامة بين البلدين.
وتشهد العلاقات بين دولة قطر والمملكة المتحدة ازدهارا ونموا مطردا بشكل مستمر، وفي هذا الإطار يقوم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم الإثنين، بزيارة دولة إلى المملكة المتحدة الصديقة، تلبية لدعوة من جلالة الملك تشارلز الثالث.
وتتضمن الزيارة لقاء سمو الأمير المفدى مع دولة السيد كير ستارمر رئيس وزراء المملكة المتحدة، في وقت تتسارع فيه الأحداث الدولية وسط سعي من البلدين لمشاوراتهما بخصوص العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وتمتين علاقاتهما السياسية والاقتصادية.
وكان حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى قد التقى جلالة الملك تشارلز الثالث على هامش حضورهما قمة «كوب 28»، التي أقيمت في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال شهر ديسمبر من عام 2023، كما التقى سموه، دولة السيد كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني في إطار حضورهما فعاليات دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بالعاصمة الفرنسية باريس في يوليو الماضي.
وسبق لسمو أمير البلاد المفدى أن زار العاصمة لندن في مايو 2023 للمشاركة في مراسم تتويج جلالة الملك تشارلز الثالث ملكا للمملكة المتحدة، حيث أجرى مباحثات مع ريتشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني السابق، تناولت عددا من القضايا المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية.
وقد زار سموه أيضا المملكة المتحدة في مايو 2022، والتقى بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، حيث شهدت الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم في الشراكة الاستراتيجية للاستثمار بين حكومتي البلدين، التي من شأنها توسيع التعاون الاستثماري لتعزيز المصالح المشتركة، ومذكرة تفاهم بين قطر للطاقة ووزارة الأعمال والطاقة الاستراتيجية الصناعية البريطانية حول التعاون في مجال الطاقة.
على الجانب المقابل، استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في شهر سبتمبر الماضي بالدوحة، سعادة السيد ليندسي هويل رئيس مجلس العموم في البرلمان البريطاني، والوفد المرافق له، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية والمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية، واستعراض علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين دولة قطر والمملكة المتحدة وأوجه تعزيزها وتطويرها.
وفي إطار العلاقات المتميزة بين البلدين، استعرض سمو أمير البلاد المفدى، مع كل من سعادة السيد ديفيد لامي وزير الخارجية، وسعادة السيد جون هيلي وزير الدفاع البريطانيين، في يوليو الماضي، العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين، وآفاق تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية، خاصة تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومنذ العام الماضي، شهدت الدبلوماسية القطرية والبريطانية نشاطا مكثفا على خلفية التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، خاصة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث استقبل معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في الدوحة، سعادة السيد ديفيد لامي وزير الخارجية، وسعادة السيد جون هيلي وزير الدفاع بالمملكة المتحدة، حيث جرى استعراض علاقات التعاون الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، ومناقشة آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومستجدات جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع.
وأعرب وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان، خلال الاجتماع، عن شكر بلادهما لدولة قطر على جهود الوساطة المشتركة لوقف الحرب على غزة.
وسبق أن استقبل معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في الدوحة أيضا، سعادة السيد ديفيد كاميرون وزير الخارجية السابق بالمملكة المتحدة، في شهر يناير مطلع العام الجاري، وقد جرى خلال المقابلة استعراض علاقات التعاون بين البلدين، لا سيما في مجال المساعدات التنموية، ومناقشة تطورات الأوضاع بالمنطقة، خاصة في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي فبراير 2023، انطلقت في العاصمة البريطانية لندن، الجلسة الافتتاحية للحوار الاستراتيجي الأول بين دولة قطر والمملكة المتحدة، حيث أكد الجانبان خلالها على الشراكة العميقة والوثيقة بينهما، والتي تمكنهما من مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية بشكل مشترك، معربين عن التزامهما بزيادة وتيرة التعاون في مجموعة من الأولويات المشتركة، بدءا من زيادة الدعم من أجل خفض التصعيد والعمل على تعزيز السلام في الشرق الأوسط، وتوجيه الإغاثة بعد الزلازل إلى كل من تركيا وسوريا، بالإضافة إلى أوكرانيا والقرن الإفريقي، واتفقا على العمل بشكل أوثق على الدعم الثابت لخفض التصعيد وتحقيق السلام، وكذلك التعاون في مواجهة التحديات العالمية.
وتتميز العلاقات القطرية - البريطانية بمتانتها في كافة المجالات، حيث يرتبط البلدان بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف القطاعات، ومنها القطاع العسكري، حيث أجرى سعادة الفريق الركن (طيار) سالم بن حمد بن عقيل النابت رئيس أركان القوات المسلحة السابق، الشهر الماضي، زيارة رسمية إلى لندن، التقى خلالها نظيره البريطاني رولاند ووكر، لبحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وعلاقات التعاون العسكري بين الجانبين، وسبل تعزيزها وتطويرها، لا سيما أن البلدين تربطهما علاقات عسكرية قوية تمتد لعقود طويلة، وازدادت نموا في السنوات الأخيرة، حيث وقعا عدة اتفاقيات تعزز تعاونهما العسكري والدفاعي.
ومن أبرز هذه العقود الموقعة بين قطر وبريطانيا صفقة شراء طائرات تايفون، التي أسهمت في تعزيز القدرات الجوية للقوات المسلحة القطرية، فضلا عن التعاون في مجالات التدريب العسكري وتبادل الخبرات الدفاعية، علما بأن القوات البريطانية تشارك بفاعلية في تدريبات ومناورات عسكرية مع نظيرتها القطرية بهدف رفع مستوى الكفاءة القتالية وتطوير القدرات الدفاعية.
وعلى الجانب التجاري، يرتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية مهمة، وخلال أعمال الدورة الثالثة للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين دولة قطر والمملكة المتحدة، التي انعقدت بالعاصمة لندن في شهر أغسطس 2022، أفاد سعادة الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني وزير التجارة والصناعة السابق، عقب لقائه سعادة السيد رانيل جاياواردينا الوزير السابق لشؤون التجارة الدولية بالمملكة المتحدة، بأن عدد الشركات البريطانية العاملة في قطر بلغ أكثر من 1200 شركة تنشط في مختلف المجالات الاقتصادية، مشيرا إلى أن المملكة المتحدة تعد وجهة متميزة للاستثمارات القطرية التي دخلت في العديد من القطاعات الاستراتيجية، مثل التطوير العقاري والضيافة والرعاية الصحية والتكنولوجيا وغيرها.
وعلى المسار ذاته، وصف سعادة السيد جريج هاندز وزير الدولة للسياسة التجارية في وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، العلاقة بين قطر وبلاده بالقوية للغاية والمتفردة، وقال سعادته في حوار مع وكالة الأنباء القطرية قنا في الثامن من شهر يناير من العام الجاري، إن قيمة الاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة تقدر بحوالي 40 مليار جنيه إسترليني، وتتوزع -على سبيل المثال- على مطار هيثرو، ومتاجر هارودز، والخطوط الجوية البريطانية، وأنواع مميزة من العلامات التجارية البريطانية الأخرى. ويبلغ التبادل التجاري مع قطر وحدها حوالي 11.4 مليار جنيه إسترليني، ما يمثل حوالي خمس تجارة المملكة المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ويمتد عمر العلاقات القطرية - البريطانية عقودا من التعاون، فمنذ استكشاف النفط والغاز في منطقة الخليج العربي، ساهمت الشركات البريطانية بدور أساسي ومحوري في تطوير صناعة النفط والغاز بدولة قطر والمنطقة، وتعتبر قطر أحد الشركاء الرئيسيين لبريطانيا في مجال الطاقة حيث تزودها بنحو 30 بالمائة من حاجتها من الغاز الطبيعي.
ويمثل اتفاق الشراكة الموقع بين البلدين عام 2010 محطة مهمة في تاريخ العلاقات القطرية - البريطانية، وبموجبه تم الاتفاق على أن تكثف الدولتان من حواراتهما العالية المستوى بالبدء بعقد جلسات تشاور منتظمة على المستوى الوزاري حول القضايا الإقليمية، واتسعت هذه العلاقات لتشمل التعاون الثنائي في المجالات كافة، خاصة السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والدفاعية، والثقافية، والتعليمية وعلوم الحياة، والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا الخضراء والإنترنت.
وعلى الصعيد الثقافي والتعليمي، تظل بريطانيا إحدى الوجهات الرئيسية لدى الطلبة القطريين لاستكمال دراستهم بالخارج، ومنها كلية ساند هيرست العسكرية، وتشهد أعداد الطلاب القطريين الذين يتابعون دراستهم في المملكة المتحدة تزايدا مستمرا منذ عقود.