استعملَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجُلاً يُقالُ له ابن اللُّتْبِيَّة لجمع أموال زكاةِ بني سُليم، فلمّا عاد بأموال الزكاة إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: هذا مالكم، وهذا أُهدِيَ إلىَّ!
فغضِبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: فهلَّا جلستَ في بيتِ أبيكَ وأمكَ حتى تأتيكَ هديتكَ إن كنتَ صادقاً!
ثم صَعِدَ المنبر، فحمدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعملُ الرَّجُلَ منكم على العمل ممّا ولاني الله، فيأتيني فيقول: هذا مالكم، وهذا أُهدِيَ إلىَّ! أفلا جلسَ في بيتِ أبيه وأمه حتى
تأتيه هديته؟! واللهِ لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغيرِ حقِّهِ إلا لقيَ الله يحمله يوم القيامة، فَلَأَعرِفنَّ أحداً منكم لقي الله يحملُ بعيراً له رُغاء، أو بقرةً لها خوار، أو شاةً تيعر/تصيح. ثم رفع يديه حتى رُؤيَ بياض إبطيه وقال: اللهمَّ هل بلَّغتُ؟!
مما ابتُلِيَ به المُسلمون اليوم كثرة الرِّشى، يسمونها بغير أسمائها! فهذا يُسميها: هدية، والآخر يُسمِّيها: إكراميَّة، والثالث يسميها: جبران خاطر، والرابع يُسمَّيها: كَرَم!
ليس للموظف إلا راتبه، وأي شيء يأخذه من المُراجعين، ولو دون طلبٍ منه فهو سُحتٌ وغلول! وروى أبو داود أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: من استعملناه على عملٍ فرزقناه رزقاً/راتبه، فما أخذَ بعد ذلك فهو غلول! وروى الإمام أحمد في مسنده، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: هدايا العُمال غلول!
الهديةُ أمرٌ مُحببٌ بين الناس، وقد قبلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الهدية، وكان يُكافئ عليها، ويُكثر أن يُهدي الناس، ولكن الأمر مُختلف في الوظائف العامة، وما فيه مصالح ومعاملات، حيث يخرجُ من باب الهدية ويدخلُ في باب الرشوة!
فالهدية في هذه الأحوال إنما تُهدى للمُحاباةِ، وتسليكِ الأمورِ، وربما أدَّت المُحاباةُ إلى الغش خصوصاً في المُناقصاتِ التجاريةِ حيث غالباً ما ترسو على الذي دفع البراطيل والرِّشى، ولو كان هذا المُوظف في غير وظيفته ما أعطاه المُراجع لا درهماً ولا ديناراً، وإنما أعطاه لمنصبه الذي هو فيه وليس لشخصه!
وأسوأُ الأنواعِ هو ذاكَ الذي شَغِل منصباً عاماً، فيأتيه المواطنون بمعاملاتهم، فمن دفعَ له رشوة يسَّرَ أمره، ومن لم يدفعْ أهملَ له معاملته، ويتذرعُ أن الراتب الحكومي لا يكفي، وهذه حجة واهية لإنامةِ الضميرِ واستساغةِ الحرام، أنتَ تعرفُ مقدار راتبكَ حين تقدَّمتَ إلى الوظيفة فإما أن تقبلها أو ترفضها، أما دفع راتبك من جيوب المراجعين فهو مال حرام، وأيّما لحمٍ نبتَ من حرام فالنار أوْلى به!بقلم: أدهم شرقاوي
فغضِبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: فهلَّا جلستَ في بيتِ أبيكَ وأمكَ حتى تأتيكَ هديتكَ إن كنتَ صادقاً!
ثم صَعِدَ المنبر، فحمدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعملُ الرَّجُلَ منكم على العمل ممّا ولاني الله، فيأتيني فيقول: هذا مالكم، وهذا أُهدِيَ إلىَّ! أفلا جلسَ في بيتِ أبيه وأمه حتى
تأتيه هديته؟! واللهِ لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغيرِ حقِّهِ إلا لقيَ الله يحمله يوم القيامة، فَلَأَعرِفنَّ أحداً منكم لقي الله يحملُ بعيراً له رُغاء، أو بقرةً لها خوار، أو شاةً تيعر/تصيح. ثم رفع يديه حتى رُؤيَ بياض إبطيه وقال: اللهمَّ هل بلَّغتُ؟!
مما ابتُلِيَ به المُسلمون اليوم كثرة الرِّشى، يسمونها بغير أسمائها! فهذا يُسميها: هدية، والآخر يُسمِّيها: إكراميَّة، والثالث يسميها: جبران خاطر، والرابع يُسمَّيها: كَرَم!
ليس للموظف إلا راتبه، وأي شيء يأخذه من المُراجعين، ولو دون طلبٍ منه فهو سُحتٌ وغلول! وروى أبو داود أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: من استعملناه على عملٍ فرزقناه رزقاً/راتبه، فما أخذَ بعد ذلك فهو غلول! وروى الإمام أحمد في مسنده، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: هدايا العُمال غلول!
الهديةُ أمرٌ مُحببٌ بين الناس، وقد قبلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الهدية، وكان يُكافئ عليها، ويُكثر أن يُهدي الناس، ولكن الأمر مُختلف في الوظائف العامة، وما فيه مصالح ومعاملات، حيث يخرجُ من باب الهدية ويدخلُ في باب الرشوة!
فالهدية في هذه الأحوال إنما تُهدى للمُحاباةِ، وتسليكِ الأمورِ، وربما أدَّت المُحاباةُ إلى الغش خصوصاً في المُناقصاتِ التجاريةِ حيث غالباً ما ترسو على الذي دفع البراطيل والرِّشى، ولو كان هذا المُوظف في غير وظيفته ما أعطاه المُراجع لا درهماً ولا ديناراً، وإنما أعطاه لمنصبه الذي هو فيه وليس لشخصه!
وأسوأُ الأنواعِ هو ذاكَ الذي شَغِل منصباً عاماً، فيأتيه المواطنون بمعاملاتهم، فمن دفعَ له رشوة يسَّرَ أمره، ومن لم يدفعْ أهملَ له معاملته، ويتذرعُ أن الراتب الحكومي لا يكفي، وهذه حجة واهية لإنامةِ الضميرِ واستساغةِ الحرام، أنتَ تعرفُ مقدار راتبكَ حين تقدَّمتَ إلى الوظيفة فإما أن تقبلها أو ترفضها، أما دفع راتبك من جيوب المراجعين فهو مال حرام، وأيّما لحمٍ نبتَ من حرام فالنار أوْلى به!بقلم: أدهم شرقاوي