زوَّج الصحابي الجليلُ معقل بن يسار أخته لرجلٍ من الأنصار، فحدث بين الرجل وزوجته خلاف فطلَّقها، فلما انقضَتْ عدتها جاءَ زوجها ليخطبها من أخيها مرةً أخرى..
ويُكملُ معقل بن يسار القصة فيقول: فقلتُ له: زوَّجتُكَ، وفرشْتُكَ/أي ساعدْتُكَ في جهازها، وأكرمتُكَ فطلَّقتها ثم جئتَ تخطبها، لا واللهِ لا ترجِعُ إليكَ أبداً! وكان رجلاً لا بأس به وكانتْ أُختي تُريدُ الرجوع إليه.
فأرسلَ إلىَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال: يا معقل بن يسار إن الله أنزل فيكَ قرآناً: «وإذا طلقتم النساء فبلغنَ أجلهُنَّ فلا تعضُلُوهُنَّ أن ينكحن أزواجهنَّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف..». فقال له معقل: أُزوِّجُها له يا رسول الله!
المؤمنُ يجب أن يكون وقَّافاً عند أوامرِ الله، فعندما أمر الله تعالى الأهل أن لا يمنعوا ابنتهم من الزواج بطليقها إن رغبتْ في ذلك، وافقَ على الفور امتثالاً للأمر الإلهي، وتنازلَ عن رفضه الجازم السابق، فلا تكُنْ تنحاً خصوصاً إذا ما تعلَّقَ الأمر بأمرِ الله سبحانه.
أُمِرْنَا بالعدل عند الخصام، فبالرغم من أن معقل بن يسار مُنزعج من طلاق أُخته، ومُتضايق من صهره لأنه ساعدَه في أمرِ الزواج فلم يلقَ هذا صدىً إيجابياً عنده، إلا أنه يشهد له أنه كان رجلاً لا بأس به، فلا تدعْ ساعة الخصومة تقودك إلى نكرانِ فضائلِ الآخرين!
واجبُ الأهلِ إذا وقع الخلاف بين الزوجين أن يدفعوا باتجاه الصُلح، فالمرأة لزوجها والزوج لامرأته، إن رغبا في العودة بعد وقوع الطلاق البائن وانقضاء العِدة، وهذا يلزمه مهر وعقد جديدان، فمن باب أوْلى أن يعودا لبعضِهما وهي على ذمته وقد حدث بينهما خلاف، والعِنادُ في عودةِ الأزواجِ لبعضِهم قِلةُ فقهٍ للحياة، وعدمُ إدراكٍ لمخاطر الطلاق، وجهلٌ بالحياة الزوجية التي لا تخلو أساساً من خلاف!
الإحسانُ إلى الزوجة ومعاملتُها بالمعروف واجبٌ على الزوج وإن لم يُعاونه أهلها في أمر زواجها، ويُصبحُ الواجبُ مُضاعفاً إن أحسنوا إليه وعاونوه، لأنَّ النبيل يُقدِّرُ المعروف، ويتحيَّنُ الفرصة لِرَدِّه، والحياة الزوجية الكريمة للبنت في بيت زوجها فرصة سانحة لِرَدِّ المعروف فأَحْسِنْ استغلالها!
بقلم: أدهم شرقاوي