+ A
A -
جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، من أحقُّ الناس بحسن صحابتي يعني صحبتي؟
قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك.
قال: ثم مَنْ؟ قال: أبوك!
وجاء رجلٌ قد قتلَ نفساً إلى عبد الله بن عباس، فقال له: هل للقاتلِ من توبة؟ فقال له: أمك حيَّة؟
فقال: لا. فقال له ابن عباس: أَكثِرْ من الاستغفار!
فلما ذهبَ الرَّجُل، سأله تلميذه عطاء بن يسار: يا ابن عم رسول الله رأيتكَ سألته عن أمه!
فقال: ما أعلمُ شيئاً أحبُّ إلى الله من بِرِّ الوالدة!
وجاءَ في الأثر أن فرعون على طُغيانه وجبروته كان من أشدِّ الناسِ بِراً بأمه، وأن الله سبحانه بقيَ يُؤخر عنه العذاب لبِرِّه بها، فلما ماتتْ أمه أخذه أخذ عزيز مُقتدر!
لا أحد أوفى من الله، ولحبِّه للوفاء أمر ببِرِّ الوالدين، وخصوصاً الأم، وذلك لأنها في أصلِ خلقتها أضعف من الرجل في بنيتها الجسدية، وتحملُ وهناً على وهن، ورغم ذلك تُعطي أكثر! ولأن غالب النساء إنما يتزوجن في غير أهلهنَّ، والبِرُّ بها تعويضٌ عن غربتها عن أهلها، وهذه نقطة حبذا لو ينتبه إليها الأزواج!
الأُمهات هُنَّ اللاتي صنعنَ لنا أبطال هذه الأُمَّة!
كانتْ أم الإمام أحمد تُوقظه في ليالي بغداد الباردة، فتُدفي له الماء ليتوضأ، ثم تصحبه إلى المسجد لصلاة الفجر ليُصلي، ثم ترجع به إلى البيت، فلمَّا كبرَ حفظَ اللهُ به الإسلام يوم فتنة المعتزلة والقول بخلقِ القرآن!
ونشأ البُخاري يتيماً في حجرِ أمه، فربَّته أحسن تربية، وحثته على طلب العلم، وسافرتْ معه، وأنفقتْ عليه، حتى اشتدَّ عوده وفتحَ الله عليه بصحيحِ البُخاري! وماتَ أبو الشافعي وهو صغير، فرفضتْ أمه الزواج لتربيته، وتركتْ أهلها في غزة وجاءتْ إلى مكة حفاظاً على نسبه الشريف لأنه كان من أهل البيت، وبقيتْ ترعاه حتى أقرَّ الله عينها ورأته كما يقول عنه الإمام أحمد: كان الشافعي كالشمسِ للدنيا وكالعافيةِ للناس!
وماتَ أبو سفيان الثوري وهو صغير، فأرادَ أن يعمل ليُعيلها، فقالتْ له: لا، اُطلُبْ العلمَ وأنا أكفيك بمغزلي! وبقيتْ تغزِلُ وتُنفِقُ عليه وعلى نفسها حتى صار عَلَماً من أعلام المسلمين!
فالزموا أقدام أمهاتكم، فثمَّ الجنة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
08/10/2020
4615