دُعيت للمشاركة في ندوة زوم نظمتها مشكورة صحيفة لوسيل، ومشاركتي كانت حول سبل إنجاح جهود المعالجات الحقوقية والسلوكية للقضايا التي تتعرض لها الأسرة في منطقة الخليج العربي عموماً، وإن كانت هذه التحديات باتت تشمل المنطقة العربية، داخل الوطن العربي وفي المهجر، سواءً في مواجهة حالات العنف والتجاوز على الحقوق ضد المرأة والطفل، أو ردة الفعل التي تحظى باهتمام غربي يطور سلبياً هذه الأزمة الحقيقية.
كما هي صدمات الحوادث التي نسمعها في مصر أو السعودية أو الأردن وغيرهم، وهي تؤكد ما أطلقتُ عليه في الندوة مصطلح الجاهلية الاجتماعية، العميقة في ثقافة إنسان المنطقة العربية مع الأسف الشديد، والتي تردد عبارات إسلامية سطحية في العقل والتفكير، وهي تَنقض أصوله القيمية ومنهجيته الحقوقية، وتوازنه في صناعة الشراكة والوجدان، بين طرفي الأسرة الأزليين في تاريخ هذه الأرض.
وبالتالي تستقي ردات الفعل على هذه المظالم، قوة حضورها في وجدان الشباب، فتجيّر إعلامياً وثقافياً عبر المؤسسات الغربية أو جامعاتها أو مؤسساتها الإعلامية، فتخلق ظاهرة انفصال ومواجهة داخل الأسرة الخليجية.
تقوم على الافتراق ليس كافتراق جغرافي، بسبب ظروف العمل أو الدراسة أو قرارات الظرف الشخصي، وإنما افتراق ضميري مؤلم، فيتحول في حالات إلى هجوم ممنهج على الرسالة الإسلامية، وإدانة الأهل والمجتمع العربي والشرقي، والتحريض عليه.
وتقديس المآلات الكارثية للحداثة المادية الغربية على الإنسان، وليس التقدم المدني الدستوري، أو مؤسسات النفع العام والحق القانوني، الذي نجح في بعض مسالكها الغرب الحديث، فهذه المآلات تعتمد فكرة الصراع بين الرجل والمرأة، واعتبار الرجل بغض النظر عن ظلمه من عدله، ومن جهله رغم طيبته، أو ثقافته السيئة، هو عدو للفتاة العربية في الخليج، أباً وزوجاً وأخاً، وهي ثقافة اعتمدت على انحراف أصلي في الفلسفة الغربية المعاصرة، ليس هنا مقام تفصيلها.
ولكنها في الحقيقة لا تصنع أي أرضية حقوقية مستقرة، تقوم على فرص الحياة المطمئنة والانسجام الاجتماعي والجنساني الفطري، وفي الغرب يتعرض المسلمون اليوم إلى حملة حصار (أبارتايد)، لوضع أجيالهم تحت هذا القهر الثقافي، كما حصل مع السكان الأصليين في أميركا الشمالية، بعد حروب الإبادة التي تعرضوا لها.
إن المشكلة هنا في أن الجيل المعنّف أو المهمش، أو الذي لا يجد مساحة تعبير ولا تطوير حقوقي، يَمنع التجاوز عليه وعلى أقرانه، لا يفتح أذنيه ولا فهمه الفكري ولا معياره الإنساني الحقوقي، لفهم أين سيكون واقعه كفرد، في ظل انضمامه لهذه الدعوات، التي تدعم من الثقافة الغربية المتنفذة، أو تصل لمجتمعاتنا بسبب قوتها في الإعلام وفي السوشل ميديا.
لكن السبب الأهم والأخطر، هو حالة الرفض أو التفهم الاجتماعي للواقع الحقوقي المر، أو حتى الثقافة التي تتمكن من المجتمع، دون أن تفرق بين القيم الإسلامية وروح التضامن العائلي، وبين مساحة الشباب في كل جيل لتحقيق حضورهم الفكري، واستقلالهم الشخصي.
وبالتالي فإن العمل على صناعة بنية ثقافية تنتشر اجتماعياً، تعيد فهم الواقع الحقوقي وضرورة معالجته لصالح الضحايا، في ذات الوقت الذي يُحقق فيه، هذا التقدم الحقوقي سواءً كان ثقافة أو تشريعات، فهو يفترض أن يوجد عند أبناء الجيل الجديد ثقة، وتعاون لتحقيق نقلة إنسانية لصالح كامل المجتمع، ولكن لا يُمكن أن تتقدم إلى هذا المستوى، وأنت كشاب تفرض المرجعية الغربية، على شعبك.
التي يعيش تحتها إنسان اليوم، أزمة عسف ضميري وصراع مع الذات، بحكم أنها تقوم على تضخيم الفردانية، كجسم تخلّق دون شركاء أرحام ومجتمع، وافتراض ماديات مطلقة، تصنع من خلالها نزوات شراكات منحرفة، ترفض حتى الاختلاف البيولوجي، فمجتمعك العربي المسلم، له رصيد أيضا من قيم الشرق، ولا يريد أن يتخلى عنها لصالح، سوق الرأسمالية الحديث وتسليع الإنسان.
والوصول إلى هذا التوافق من الجميع هو أفضل مشروع مجتمعي تدعمه الدولة، وأحسب أن الفريق المكلف بمركز أمان وخاصة مديرته، أ. مريم المسند ينطبق عليها ذلك، لكن تحتاج لانفتاح وثقة مجتمعية، ودعم من الدولة لتوسيع مساحة تشكيلات المجتمع المدني المستقلة، ومنصات الحوار المطلوبة لذلك، والله يحفظ أهلنا في قطر لمستقبل اجتماعي مشرق.مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية
كما هي صدمات الحوادث التي نسمعها في مصر أو السعودية أو الأردن وغيرهم، وهي تؤكد ما أطلقتُ عليه في الندوة مصطلح الجاهلية الاجتماعية، العميقة في ثقافة إنسان المنطقة العربية مع الأسف الشديد، والتي تردد عبارات إسلامية سطحية في العقل والتفكير، وهي تَنقض أصوله القيمية ومنهجيته الحقوقية، وتوازنه في صناعة الشراكة والوجدان، بين طرفي الأسرة الأزليين في تاريخ هذه الأرض.
وبالتالي تستقي ردات الفعل على هذه المظالم، قوة حضورها في وجدان الشباب، فتجيّر إعلامياً وثقافياً عبر المؤسسات الغربية أو جامعاتها أو مؤسساتها الإعلامية، فتخلق ظاهرة انفصال ومواجهة داخل الأسرة الخليجية.
تقوم على الافتراق ليس كافتراق جغرافي، بسبب ظروف العمل أو الدراسة أو قرارات الظرف الشخصي، وإنما افتراق ضميري مؤلم، فيتحول في حالات إلى هجوم ممنهج على الرسالة الإسلامية، وإدانة الأهل والمجتمع العربي والشرقي، والتحريض عليه.
وتقديس المآلات الكارثية للحداثة المادية الغربية على الإنسان، وليس التقدم المدني الدستوري، أو مؤسسات النفع العام والحق القانوني، الذي نجح في بعض مسالكها الغرب الحديث، فهذه المآلات تعتمد فكرة الصراع بين الرجل والمرأة، واعتبار الرجل بغض النظر عن ظلمه من عدله، ومن جهله رغم طيبته، أو ثقافته السيئة، هو عدو للفتاة العربية في الخليج، أباً وزوجاً وأخاً، وهي ثقافة اعتمدت على انحراف أصلي في الفلسفة الغربية المعاصرة، ليس هنا مقام تفصيلها.
ولكنها في الحقيقة لا تصنع أي أرضية حقوقية مستقرة، تقوم على فرص الحياة المطمئنة والانسجام الاجتماعي والجنساني الفطري، وفي الغرب يتعرض المسلمون اليوم إلى حملة حصار (أبارتايد)، لوضع أجيالهم تحت هذا القهر الثقافي، كما حصل مع السكان الأصليين في أميركا الشمالية، بعد حروب الإبادة التي تعرضوا لها.
إن المشكلة هنا في أن الجيل المعنّف أو المهمش، أو الذي لا يجد مساحة تعبير ولا تطوير حقوقي، يَمنع التجاوز عليه وعلى أقرانه، لا يفتح أذنيه ولا فهمه الفكري ولا معياره الإنساني الحقوقي، لفهم أين سيكون واقعه كفرد، في ظل انضمامه لهذه الدعوات، التي تدعم من الثقافة الغربية المتنفذة، أو تصل لمجتمعاتنا بسبب قوتها في الإعلام وفي السوشل ميديا.
لكن السبب الأهم والأخطر، هو حالة الرفض أو التفهم الاجتماعي للواقع الحقوقي المر، أو حتى الثقافة التي تتمكن من المجتمع، دون أن تفرق بين القيم الإسلامية وروح التضامن العائلي، وبين مساحة الشباب في كل جيل لتحقيق حضورهم الفكري، واستقلالهم الشخصي.
وبالتالي فإن العمل على صناعة بنية ثقافية تنتشر اجتماعياً، تعيد فهم الواقع الحقوقي وضرورة معالجته لصالح الضحايا، في ذات الوقت الذي يُحقق فيه، هذا التقدم الحقوقي سواءً كان ثقافة أو تشريعات، فهو يفترض أن يوجد عند أبناء الجيل الجديد ثقة، وتعاون لتحقيق نقلة إنسانية لصالح كامل المجتمع، ولكن لا يُمكن أن تتقدم إلى هذا المستوى، وأنت كشاب تفرض المرجعية الغربية، على شعبك.
التي يعيش تحتها إنسان اليوم، أزمة عسف ضميري وصراع مع الذات، بحكم أنها تقوم على تضخيم الفردانية، كجسم تخلّق دون شركاء أرحام ومجتمع، وافتراض ماديات مطلقة، تصنع من خلالها نزوات شراكات منحرفة، ترفض حتى الاختلاف البيولوجي، فمجتمعك العربي المسلم، له رصيد أيضا من قيم الشرق، ولا يريد أن يتخلى عنها لصالح، سوق الرأسمالية الحديث وتسليع الإنسان.
والوصول إلى هذا التوافق من الجميع هو أفضل مشروع مجتمعي تدعمه الدولة، وأحسب أن الفريق المكلف بمركز أمان وخاصة مديرته، أ. مريم المسند ينطبق عليها ذلك، لكن تحتاج لانفتاح وثقة مجتمعية، ودعم من الدولة لتوسيع مساحة تشكيلات المجتمع المدني المستقلة، ومنصات الحوار المطلوبة لذلك، والله يحفظ أهلنا في قطر لمستقبل اجتماعي مشرق.مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية