من الطبيعي أن يمر الحكم الجديد في سوريا في مرحلة انتقالية، قبل أن يتمكن من تثبيت قواعد السلطة الجديدة، لا سيما وأن التغيير الجذري في مواقع الدولة، يحصل بعد حقبة أسدية تجاوزت الخمسين سنة في عهدي الأب والابن.
ولكن العدو الإسرائيلي استغل انهماك القيادة الجديدة في ترتيب أوضاعها، وعمد إلى تنفيذ سلسلة اعتداءات على جانب كبير من الخطورة، بدأت بالسطو على المنطقة العازلة في الجولان، والسيطرة على قمة جبل الشيخ، والتنصل من اتفاقية فصل القوات المبرمة بعد عام 1974، رغم وجود قوات دولية «إندوف»، بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي. وسرعان ما توسعت الاعتداءات الإسرائيلية عبر غارات مكثفة على مختلف المواقع والثكنات والمطارات العسكرية، ومخازن الأسلحة ومراكز البحوث العلمية، والقواعد البحرية، وتدمير كل ما له علاقة بالقدرات العسكرية للدولة السورية، بحجة تجنب وقوعها في أيدي الحكام الجدد.
الطائرات الإسرائيلية تعربد في الأجواء السورية، وتنشر الدمار على امتداد الجغرافيا السورية، والمجتمع الدولي يشيح بأنظاره عن العدوان الإسرائيلي، والإعلام العالمي يركز على هوية القيادات الجديدة، وميولها الإسلامية، وعما إذا كانت على صلة بتنظيم القاعدة، فكراً ونهجاً.
وكانت «قيادة العمليات» قد سارعت إلى اتخاذ سلسلة خطوات مدروسة، سواء بالنسبة لتطمين الأقليات، وعدم المس بالأماكن الدينية، والدعوة للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، ومنع الاعتداء على مؤسسات الدولة ومرافقها المختلفة، ونشر قوات النخبة في دمشق لتأمين أمن العاصمة، فضلاً عن إبداء الاستعداد للتعاون مع الحكومة الراهنة، والاستفادة من خبرات رئيسها وبعض الوزراء في المرحلة الانتقالية، مما يؤكد الحرص على الانتقال السلس للسلطة، والابتعاد عن إثارة المشاحنات الاستفزازية، وتجنب القرارات الانفعالية، والالتزام بتعهدات سوريا في المعاهدات والاتفاقات الدولية، وخاصة اتفاق فصل القوات في الجولان.سوريا الغد أمام تحديات كبيرة، واستقرار النظام الإنقاذي الجديد يساعد على تعزيز الاستقرار في المنطقة، إلى جانب تأكيد عودة سوريا إلى الصف العربي.اللواء اللبنانية