+ A
A -
عقل صلاح كاتب فلسطيني

مما لا شك فيه أن التبني الغربي للسردية الإعلامية الإسرائيلية من خلال شبكات الإعلام المتنوعة تجاه القضية الفلسطينية تخلى عن جميع الضوابط والقواعد الأخلاقية والمهنية والحيادية الإعلامية المعروفة، لأن الموضوع يتعلق بإسرائيل، وبنفس الوقت تبنت العداء للعرب. وفي القضايا التي لا تتعلق بإسرائيل يصبح الإعلام الغربي يتمتع بالأخلاق والمهنية ويكيل بمكيالين.

على الرغم من المجازر والحروب وجميع ممارساتها التي تفقدها كلمة دولة بالمعنى السياسي الدولي فهي دولة مستوطنين قتلوا السكان الأصليين واستولوا على بيوتهم وأراضيهم وأقاموا دولتهم على أنقاض أكثر من 500 قرية ومدينة في فلسطين المحتلة سنة 1948، ومن ثم على ما تبقى من فلسطين في سنة 1967، ومن ثم إلغاء اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها سنة 1993، وتم استبدالها بحكم «المنسق» ولم يتبق للفلسطينيين في هذه الدولة التي تدعي الديمقراطية والتحضر سوى الجيوب والمدن السكنية المحاصرة من قبل المستوطنات والمستوطنين الذين يقتحمون القرى والمدن ويعيثون بها فساداً وخراباً وحرقاً.

أما الحرب المستمرة على القطاع، والتي صنفت ضمن حرب الإبادة والتطهير العرقي والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء وأكثر من مائة ألف جريح في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام، وتم تدمير 85 % من غزة وتجويع السكان، وعمليات القتل اليومي من خلال قصف مراكز الإيواء والمدارس وخيم النازحين والمستشفيات، وحتى المخابز لم تسلم من الصواريخ الأميركية التي تستخدم في القتل والتدمير منذ أكثر من سنة على القطاع.

السابع من أكتوبر استطاع نقل القضية الفلسطينية من حالة النسيان والسكون إلى حالة الحضور الدولي، واستطاع الطوفان كشف صورة إسرائيل الحقيقية وتم تعطيل جميع السرديات الإعلامية الغربية والإسرائيلية، حتى الولايات المتحدة بكل قوتها لم تستطع فرض سردياتها الداعمة لإسرائيل. فقد أصبحت صورة إسرائيل مقرونة بصورة الإبادة والتجويع والمجازر والجنائية الدولية والمحاكم الدولية وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء في القطاع والضفة، والهدم والاستيطان في الضفة، وضربت بعرض الحائط القرارات الدولية وحل الدولتين. يمكن القول أن الطوفان شكّل قفزة نوعية بالتفاعل الشعبي والطلابي العالمي، والمظاهرات في مختلف الدول، وغيرها من المؤشرات التي يمكن العمل على فهمها بشكلٍ أعمق.

من الواضح أن غزة أفشلت أساليب التضليل والخداع التي حاول جهاز الهاسباراه الإسرائيلي أن يمارسها لتحقيق التعاطف العالمي مع ما حدث في السابع من أكتوبر، وذلك في سعيها كجزء من المنظومة الغربية الاستعمارية. إذ سرعان ما انكشف كذب العديد من الروايات التي طرحها الإعلام الغربي وتبناها الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته المتصهينة، الأمر الذي أضعف من ثقة الجمهور الغربي بالرواية الغربية، وتم إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية.القدس الفلسطينية

copy short url   نسخ
11/12/2024
5