مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةفي إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس تجاورت أسرتان فرنسيتان، إحداهما كاثوليكية من أسرة باريسية والثانية من المغرب العربي، التحقت بفرنسا حسب قانون الهجرة، وحصلت على الجنسية الفرنسية، جمعت الصداقة والود بين الأسرتين، يتبادل حسن وستيفان الأحاديث الودية والخبرات الثقافية، والنصائح في ظروف الحياة والمعيشة، وتتبادل الأسرتان تناول الشاي في حديقة منزليهما، وتحرص عائشة زوجة حسن على أخذ طبق من طعام الغداء إلى الجارة وأسرتها، بين فترة وأخرى، خاصة إذا كان ذلك اليوم من حصة الكسكس المغربي المميز، أو مرقة الحريرة.
تبتهج إيليت كثيراً بذلك وهي تبادلها الإهداء يوم إعداد الفطائر الفرنسية اللذيذة، يحرص حسن وستيفان دوماً، على صياغة لغة تعارف وفهم مناسبة وكذلك تفعل إيليت زوجة ستيفان مع عائشة، بحيث تتعزز العلاقة في مساحة قوية من المشتركات والقيم الأخلاقية، ومعرفة كل أسرة بالرحلة الثقافية لفرنسا من عصر الإقطاع حتى التنوير، وللعرب من الجاهلية الأولى حتى البعثة ثم لكل أعراق العالم، وما الذي تمثله أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، في مواجهة أطباع عادات وخطابات لا علاقة لها بالنبوة ولا الرسالة.
يُظهر ستيفان قلقه من تصاعد ثقافة اليمين والكراهية العنصرية، في حديثه مع حسن، وينظر لها بمنظور سياسي مستقل وإن كانا لا يُحبان الإغراق في السياسة، لكن ستيفان يلحظ دوماً استثمار ساسة الأحزاب في باريس هذه الروح والصراع، للصعود الجماهيري، أمام متطلبات الحقوق والمعيشة التي باتت حاضرة في الشارع الفرنسي، لكنها تُتجاهل باسم الحرب على الغرباء، وهو أمرٌ يقلق صديقه حسن كثيراً.
يؤمن حسن تماماً ويحدث ستيفان، عن وجود ثقافة تطرف، تسللت إلى المجتمع المسلم في فرنسا، لكن كليهما يؤمنان بأن المعالجة لا تتم بتبني ودعم يمين الكراهية المتشدد، الذي لم يعد هناك فرق يُذكر بينه وبين ساسة الحكم الجديد، فالمزايدة على هذا الملف في مواجهة المواطنين الفرنسيين من الديانة الإسلامية، أضحت تهيمن على وسائل الإعلام المدعومة من الدولة.
في ذلك الجو المتفاهم نشأت صداقة وثيقة بين فرانسوا ابن ستيفان وإيليت، وبين أحمد ابن عائشة وحسن، من طريق المدرسة الصباحي، حتى الفصل ووجبات الطعام في الوقت المدرسي، حتى فسحة الوقت واللعب في حدائق منزليهما، كانت البهجة متصاعدة، وحتى الحديث البسيط في معانيه عن الفكرة الدينية.
حين يتوجه أحمد بعض الأوقات مع والده للمسجد لأداء الصلاة، كان يفهم فرانسوا ذلك بروح ودودة، وكذلك فهم أحمد من والديه أهمية احترام الدين المسيحي الذي تعتنقه أسرة فرانسوا، الصداقة الجميلة تُخيّم على العائلتين المؤمنتين بأهمية رعاية الأسرة الفاضلة، التي تحيطها ثقافة الأم والأب والفطرة التربوية الجميلة.
غير أن في ذلك الزمن، بدأت خطابات رئيس الدولة تتصاعد في إعلان موقف رسمي ضد الإسلام كدين لبعض مواطنيه، وضد من ينتسب له، مالم يخضع لقوانين جديدة تعيد صناعة الدين ذاته في عقول مسلمي فرنسا، وتشارطهم على الإيمان بمفاهيم عهده الرئاسي، التي تخلقها باسم الإسلام الموائم للجمهورية.
زاد قلق حسن وكذلك ستيفان، لكن تجنبا الحديث ليحافظا على سلاسة العلاقة الجميلة وروح الصداقة، لكن وقع في عقل حسن قصة قراءته وحديث ستيفان عن الإقطاع والملكية ودور الكنيسة، حين كان يُفصّل الدين بناء على الصفقة مع القصر.
ثم داهمت فرنسا حوادث عنف متوحشة، اضطربت لها أنفس العائلتين، وباتت الثقافة التي يتبناها رئيس الجمهورية تخيم على الناس، يبادر حسن بعرض موقفه الرافض للجرائم لستيفان، لكن ستيفان يقاطعه ويقول لست مضطراً لذلك فالتطرف في كلتا الناحيتين يا صديقي العزيز.
تبنّى رئيس الجمهورية رسميا الدعوة إلى ممارسة فن تشكيلي ورسوم، تسيء لرمز الإسلام الكبير، لاحظ فرانسوا وأحمد بعض التوتر في المدرسة، وفي جنبات الطرق، غير أن روح الطفولة ظلت حاضرة بينهما، توائم الزمن مع الثقافة الجميلة البسيطة.
صور الميادين التي تبناها المسؤولون بناء على توجهات رئيس الجمهورية، بدأت تنتشر بالإساءة إلى المسلمين المواطنين والمقيمين، لكن اللحظة الصعبة لفرانسوا ولأحمد، كانت في الفصل الدراسي نفسه، طلبت المعلمة منهم، ان يرسموا صور كراهية لنبي الإسلام الذي ينتمي له أحمد، صدمة فرانسوا كانت لا تقل عن أحمد، سيطرت روح مؤلمة داخل نفسيهما، نظرا إلى بعض.
للقصة بقية
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةفي إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس تجاورت أسرتان فرنسيتان، إحداهما كاثوليكية من أسرة باريسية والثانية من المغرب العربي، التحقت بفرنسا حسب قانون الهجرة، وحصلت على الجنسية الفرنسية، جمعت الصداقة والود بين الأسرتين، يتبادل حسن وستيفان الأحاديث الودية والخبرات الثقافية، والنصائح في ظروف الحياة والمعيشة، وتتبادل الأسرتان تناول الشاي في حديقة منزليهما، وتحرص عائشة زوجة حسن على أخذ طبق من طعام الغداء إلى الجارة وأسرتها، بين فترة وأخرى، خاصة إذا كان ذلك اليوم من حصة الكسكس المغربي المميز، أو مرقة الحريرة.
تبتهج إيليت كثيراً بذلك وهي تبادلها الإهداء يوم إعداد الفطائر الفرنسية اللذيذة، يحرص حسن وستيفان دوماً، على صياغة لغة تعارف وفهم مناسبة وكذلك تفعل إيليت زوجة ستيفان مع عائشة، بحيث تتعزز العلاقة في مساحة قوية من المشتركات والقيم الأخلاقية، ومعرفة كل أسرة بالرحلة الثقافية لفرنسا من عصر الإقطاع حتى التنوير، وللعرب من الجاهلية الأولى حتى البعثة ثم لكل أعراق العالم، وما الذي تمثله أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، في مواجهة أطباع عادات وخطابات لا علاقة لها بالنبوة ولا الرسالة.
يُظهر ستيفان قلقه من تصاعد ثقافة اليمين والكراهية العنصرية، في حديثه مع حسن، وينظر لها بمنظور سياسي مستقل وإن كانا لا يُحبان الإغراق في السياسة، لكن ستيفان يلحظ دوماً استثمار ساسة الأحزاب في باريس هذه الروح والصراع، للصعود الجماهيري، أمام متطلبات الحقوق والمعيشة التي باتت حاضرة في الشارع الفرنسي، لكنها تُتجاهل باسم الحرب على الغرباء، وهو أمرٌ يقلق صديقه حسن كثيراً.
يؤمن حسن تماماً ويحدث ستيفان، عن وجود ثقافة تطرف، تسللت إلى المجتمع المسلم في فرنسا، لكن كليهما يؤمنان بأن المعالجة لا تتم بتبني ودعم يمين الكراهية المتشدد، الذي لم يعد هناك فرق يُذكر بينه وبين ساسة الحكم الجديد، فالمزايدة على هذا الملف في مواجهة المواطنين الفرنسيين من الديانة الإسلامية، أضحت تهيمن على وسائل الإعلام المدعومة من الدولة.
في ذلك الجو المتفاهم نشأت صداقة وثيقة بين فرانسوا ابن ستيفان وإيليت، وبين أحمد ابن عائشة وحسن، من طريق المدرسة الصباحي، حتى الفصل ووجبات الطعام في الوقت المدرسي، حتى فسحة الوقت واللعب في حدائق منزليهما، كانت البهجة متصاعدة، وحتى الحديث البسيط في معانيه عن الفكرة الدينية.
حين يتوجه أحمد بعض الأوقات مع والده للمسجد لأداء الصلاة، كان يفهم فرانسوا ذلك بروح ودودة، وكذلك فهم أحمد من والديه أهمية احترام الدين المسيحي الذي تعتنقه أسرة فرانسوا، الصداقة الجميلة تُخيّم على العائلتين المؤمنتين بأهمية رعاية الأسرة الفاضلة، التي تحيطها ثقافة الأم والأب والفطرة التربوية الجميلة.
غير أن في ذلك الزمن، بدأت خطابات رئيس الدولة تتصاعد في إعلان موقف رسمي ضد الإسلام كدين لبعض مواطنيه، وضد من ينتسب له، مالم يخضع لقوانين جديدة تعيد صناعة الدين ذاته في عقول مسلمي فرنسا، وتشارطهم على الإيمان بمفاهيم عهده الرئاسي، التي تخلقها باسم الإسلام الموائم للجمهورية.
زاد قلق حسن وكذلك ستيفان، لكن تجنبا الحديث ليحافظا على سلاسة العلاقة الجميلة وروح الصداقة، لكن وقع في عقل حسن قصة قراءته وحديث ستيفان عن الإقطاع والملكية ودور الكنيسة، حين كان يُفصّل الدين بناء على الصفقة مع القصر.
ثم داهمت فرنسا حوادث عنف متوحشة، اضطربت لها أنفس العائلتين، وباتت الثقافة التي يتبناها رئيس الجمهورية تخيم على الناس، يبادر حسن بعرض موقفه الرافض للجرائم لستيفان، لكن ستيفان يقاطعه ويقول لست مضطراً لذلك فالتطرف في كلتا الناحيتين يا صديقي العزيز.
تبنّى رئيس الجمهورية رسميا الدعوة إلى ممارسة فن تشكيلي ورسوم، تسيء لرمز الإسلام الكبير، لاحظ فرانسوا وأحمد بعض التوتر في المدرسة، وفي جنبات الطرق، غير أن روح الطفولة ظلت حاضرة بينهما، توائم الزمن مع الثقافة الجميلة البسيطة.
صور الميادين التي تبناها المسؤولون بناء على توجهات رئيس الجمهورية، بدأت تنتشر بالإساءة إلى المسلمين المواطنين والمقيمين، لكن اللحظة الصعبة لفرانسوا ولأحمد، كانت في الفصل الدراسي نفسه، طلبت المعلمة منهم، ان يرسموا صور كراهية لنبي الإسلام الذي ينتمي له أحمد، صدمة فرانسوا كانت لا تقل عن أحمد، سيطرت روح مؤلمة داخل نفسيهما، نظرا إلى بعض.
للقصة بقية