حلت أمس الذكرى «103» على صدور «وعد بلفور»، الذي غيّر مجرى تاريخ الشرق الأوسط، ففي الثاني من نوفمبر 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة، جيمس بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، لتُعرف فيما بعد باسم «وعد بلفور»، وجاء في نص الرسالة أن «حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية»، وتابعت: «على أن يُفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى».
لكن تداعيات هذا الوعد كانت كارثية على الشعب الفلسطيني، إذ تم تنفيذ الشق المتعلق بـ«تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين»، وتجاهل الشق الآخر الذي ينص على أنه «لن يؤتى بعمل من شأنه أن يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين»، لكن بريطانيا، صاحبة الوعد، لم تلتزم بالشق الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92 % من السكان وفق التقديرات البريطانية نفسها.
الثاني من نوفمبر 1917، كان بداية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتحويلهم إلى ضحايا اللجوء والتشرد والقتل، وعلى مدار العقود التالية، طالبت المستويات الفلسطينية الرسمية والشعبية الحكومة البريطانية بتقديم اعتذار رسمي عن الكارثة التي لحقت بهم جرّاء «وعد بلفور»، لكن شيئا لم يتحقق باتجاه تصحيح ذلك، واليوم تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى آخر، لقيام بريطانيا بخطوة تأخرت كثيرا، تقوم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، على الحدود المحتلة عام 1967، وعاصـمتهــا القدس الشــرقيـة، وهذا أقــل مما جـاء فـي وعد بلفور.
بقلم: رأي الوطن