من الصور المتداولة هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة قرد ينظر بهدوء ولامبالاة إلى أسد يزأر في وجهه وهو يتطلّع إليه بنوع من السخرية وعدم الاكتراث، كأنه يريد إيصال رسالة مفادها: «لا أهابك، ولا أبالي بوجودك».
كثير من الناس في هذه الحياة منذ فجر التاريخ وحتى اليوم يعيشون حياتهم في قلق وتوتر، وحزن من الماضي الذي يلاحق مخيلتهم باستمرار، أو خوف من مستقبل مرتقب، وروح مهزومة وعزيمة مهزوزة أمام التحديات والعقبات.
هل وقفت يوماً لتسأل نفسك: وماذا بعد؟
ماذا بعد كل هذا القلق والحزن والخوف؟ وإلى أين أنت ماضٍ بهذا التفكير والهواجس التي غزت عقلك وقلبك فأحالت حياتك إلى جحيم؟!
صحيح أن المشاعر السلبية جزء من وجودنا، ولا تستقيم حياة الإنسان دون أن تمرّ عليه لحظات يشعر فيها بالضعف والألم، فالحياة متغيرة لا تستقر على حال، لكن هناك فرق شاسع بين أن تبقى أسير مشاعر تدمر حياتك، وبين أن تعطي لكل شيء حقه فلا تغرق في بحر أوهامك أو ذكريات ماضيك أو الخوف من المستقبل المجهول.
يقول الروائي الشهير هاروكي موراكامي: «الألم أمر لا مفرَّ منه، أمّا المعاناة فهي اختيارية»، بمعنى أننا جميعاً سنتعرض في مرحلة ما إلى أحداث أو مواقف مؤلمة، وإلى مفاجآت غير سارة أو تحديات تتطلب الجرأة في مواجهتها وعدم الخوف إلى حد الهلع. لكن هذا لا يعني أن علينا أن نقضي حياتنا في المعاناة، فذلك قرار ذاتي وليس أمراً مفروضاً. إن الإنسان الذي يقف على الأطلال كل يوم ويخشى من المستقبل بشكل مستمر، ويحسب لكل شيء ألف حساب، يعيش حياته في معاناة دائمة، لأنه يحبس نفسه بملء إرادته في زنزانة الحزن والقلق، ويرهق عقله بصورة يومية في تخيل سيناريوهات مرعبة لا يحدث أغلبها سوى في رأسه، عوضاً عن أن يتعلَّم كيف يواجه مخاوفه وهواجسه الداخلية، وينتصر على ذاته، ويجابه التحديات التي تعترضه بشيء من اللامبالاة.
يعتقد الغالبية العظمى من الناس أنك ينبغي أن تخطط بشكل مستمر، وتعطي الأمور حجمها وأكثر كلما اعترضك أمر جديد، لكن هذا غير صحيح، ففي بعض الأحيان يكون الحل الوحيد لمجابهة الموقف كامناً في اللامبالاة ببساطة شديداً.
تذكر موقفاً حصل معك وكيف أنك لو لم تنفعل وتغضب بسرعة وتتفوه بتلك الكلمات التي ندمت عليها أشدَّ الندم فيما بعد، لكان الموقف انقلب إلى صالحك، ولكنت أنت الرابح سواء كان خصمك شخصاً أو تحديّاً خارجيّاً.
واللامبالاة لا تعني عدم التخطيط وأخذ الأمور بسذاجة دون تخطيط، وتسليم حياتك للقدر دون فعل أي شيء حيالها، بل تعني أنه بإمكانك أن تجابه تلك المخاوف التي تحاول النيل منك، وتلك الأفكار وأولئك الأشخاص الذين يحاولون تحطيمك بهدوء وثقة.
فاللامبالاة أحياناً تخطيط بلا خطة مسبقة، وسرعة بديهة عندما لا تسعفنا الحلول، وحل لبعض المسائل الشائكة التي نعجز عن حلها ونحن أسرى لأفكارنا السلبية. وبقدر ما تدرك أن الحياة فانية وأن كل شيء في هذا الكون إلى زوال، عندها تتضاءل في نظرك الكثير من الأشياء والأمور التي تعطيها أكبر من حجمها، بل وتصغر العراقيل التي كنت تراها في السابق جبالاً لتبدو بعد ذلك كأنها محض حجارة صغيرة متناثرة على جنبات الطريق. فلا تحمّل الأمور أكثر مما ينبغي، ولا تخترع أفلام رعب تعيش بداخلها، ولا تسمح لشخص ولا موقف أن يثير خوفك إلى درجة تغدو عاجزاً أمامه، بل واجه الحياة بشجاعة ولا تخشَ الصعوبات والعقبات الطارئة، وبادل خصمك بنظرة لامبالاة تنمُّ عن إيمان بالنفس وثقة عالية بأنك ستنتصر لا محالة.
يقول الإمام الشافعي:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاء
حمد التميمي
hamadaltamimiii@yahoo.com
كثير من الناس في هذه الحياة منذ فجر التاريخ وحتى اليوم يعيشون حياتهم في قلق وتوتر، وحزن من الماضي الذي يلاحق مخيلتهم باستمرار، أو خوف من مستقبل مرتقب، وروح مهزومة وعزيمة مهزوزة أمام التحديات والعقبات.
هل وقفت يوماً لتسأل نفسك: وماذا بعد؟
ماذا بعد كل هذا القلق والحزن والخوف؟ وإلى أين أنت ماضٍ بهذا التفكير والهواجس التي غزت عقلك وقلبك فأحالت حياتك إلى جحيم؟!
صحيح أن المشاعر السلبية جزء من وجودنا، ولا تستقيم حياة الإنسان دون أن تمرّ عليه لحظات يشعر فيها بالضعف والألم، فالحياة متغيرة لا تستقر على حال، لكن هناك فرق شاسع بين أن تبقى أسير مشاعر تدمر حياتك، وبين أن تعطي لكل شيء حقه فلا تغرق في بحر أوهامك أو ذكريات ماضيك أو الخوف من المستقبل المجهول.
يقول الروائي الشهير هاروكي موراكامي: «الألم أمر لا مفرَّ منه، أمّا المعاناة فهي اختيارية»، بمعنى أننا جميعاً سنتعرض في مرحلة ما إلى أحداث أو مواقف مؤلمة، وإلى مفاجآت غير سارة أو تحديات تتطلب الجرأة في مواجهتها وعدم الخوف إلى حد الهلع. لكن هذا لا يعني أن علينا أن نقضي حياتنا في المعاناة، فذلك قرار ذاتي وليس أمراً مفروضاً. إن الإنسان الذي يقف على الأطلال كل يوم ويخشى من المستقبل بشكل مستمر، ويحسب لكل شيء ألف حساب، يعيش حياته في معاناة دائمة، لأنه يحبس نفسه بملء إرادته في زنزانة الحزن والقلق، ويرهق عقله بصورة يومية في تخيل سيناريوهات مرعبة لا يحدث أغلبها سوى في رأسه، عوضاً عن أن يتعلَّم كيف يواجه مخاوفه وهواجسه الداخلية، وينتصر على ذاته، ويجابه التحديات التي تعترضه بشيء من اللامبالاة.
يعتقد الغالبية العظمى من الناس أنك ينبغي أن تخطط بشكل مستمر، وتعطي الأمور حجمها وأكثر كلما اعترضك أمر جديد، لكن هذا غير صحيح، ففي بعض الأحيان يكون الحل الوحيد لمجابهة الموقف كامناً في اللامبالاة ببساطة شديداً.
تذكر موقفاً حصل معك وكيف أنك لو لم تنفعل وتغضب بسرعة وتتفوه بتلك الكلمات التي ندمت عليها أشدَّ الندم فيما بعد، لكان الموقف انقلب إلى صالحك، ولكنت أنت الرابح سواء كان خصمك شخصاً أو تحديّاً خارجيّاً.
واللامبالاة لا تعني عدم التخطيط وأخذ الأمور بسذاجة دون تخطيط، وتسليم حياتك للقدر دون فعل أي شيء حيالها، بل تعني أنه بإمكانك أن تجابه تلك المخاوف التي تحاول النيل منك، وتلك الأفكار وأولئك الأشخاص الذين يحاولون تحطيمك بهدوء وثقة.
فاللامبالاة أحياناً تخطيط بلا خطة مسبقة، وسرعة بديهة عندما لا تسعفنا الحلول، وحل لبعض المسائل الشائكة التي نعجز عن حلها ونحن أسرى لأفكارنا السلبية. وبقدر ما تدرك أن الحياة فانية وأن كل شيء في هذا الكون إلى زوال، عندها تتضاءل في نظرك الكثير من الأشياء والأمور التي تعطيها أكبر من حجمها، بل وتصغر العراقيل التي كنت تراها في السابق جبالاً لتبدو بعد ذلك كأنها محض حجارة صغيرة متناثرة على جنبات الطريق. فلا تحمّل الأمور أكثر مما ينبغي، ولا تخترع أفلام رعب تعيش بداخلها، ولا تسمح لشخص ولا موقف أن يثير خوفك إلى درجة تغدو عاجزاً أمامه، بل واجه الحياة بشجاعة ولا تخشَ الصعوبات والعقبات الطارئة، وبادل خصمك بنظرة لامبالاة تنمُّ عن إيمان بالنفس وثقة عالية بأنك ستنتصر لا محالة.
يقول الإمام الشافعي:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاء
حمد التميمي
hamadaltamimiii@yahoo.com