استضاف المركز القطري للصحافة بالتعاون مع معهد الجزيرة للإعلام، فعالية تقديم كتاب «وحدنا غطّينا الحرب» والذي يتضمن شهادات صحفية من قطاع غزة والضفة الغربية، حيث يواجه الصحفيون وحدهم الموت بالصوت والصورة.
جاءت الفعالية بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي يصادف العاشر من ديسمبر من كل عام، وتحدث فيها الصحفي إسماعيل عمر (صحفي بقناة الجزيرة وقام بتغطية حرب غزة)، والمصور الصحفي بلال خالد، والسيد محمد زيدان محرر الكتاب، وأدار الفعالية الإعلامي سليمان يوسف، بحضور الأستاذ سعد بن محمد الرميحي رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، والسيدة إيمان العامري مديرة معهد الجزيرة للإعلام، وعدد من الإعلاميين والصحفيين والمهتمين بالشأن الفلسطيني.
وقد استُهلت الفعالية بكلمة للأستاذ سعد بن محمد الرميحي، الذي عبر عن سعادته بالتعاون بين المركز القطري للصحافة ومعهد الجزيرة للإعلام؛ لتسليط الضوء على الكتاب، الأمر الذي يعد منسجما مع رؤية المركز القطري للصحافة، مثمنا جهود الصحفيين الفلسطينيين في توثيق أبشع الجرائم المرتكبة من قبل إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
ودعا الرميحي الصحفيين والإعلاميين البواسل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمواصلة رسالتهم السامية في كشف جرائم إسرائيل للعالم، عبر توثيق جرائم الإبادة الجماعية التي تقترفها ضد الشعب الفلسطيني.
وأشادت السيدة إيمان العامري بالتعاون الوثيق مع المركز القطري للصحافة، مثمنة جهوده في استضافة الفعالية بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ لرفع صوت الحقيقة، لافتة إلى أن الكتاب، يتضمن شهادات لصحفيين فلسطينيين وصحفيات فلسطينيات ممن واكبوا الحرب الحالية وحروب غزة السابقة، إذ كان من المهم توثيق هذه الشهادات الحية لانتهاكات إسرائيل الصارخة بحق المدنيين والصحفيين على وجه التحديد.
وقد تناول الصحفيون القائمون على الكتاب، التحديات التي واجهتهم خلال توثيقهم شهاداتهم، مع تبيان القصص التي قاموا برصدها وإلى أي مدى أثرت بهم، لا سيما أن أغلب ما تم رصده هو لأسر ولأفراد تعرضوا لأبشع إبادة جماعية في التاريخ المعاصر، الأمر الذي لم ينفك عنهم كصحفيين استهدفوا مباشرة من قبل قوات الاحتلال.
واستهل محرر الكتاب محمد زيدان حديثه، مؤكدا أن أهمية الكتاب تنبع من بشاعة العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتعمده استهداف الصحفيين على وجه الخصوص دون أدنى اعتبارات للاتفاقيات والمعاهدات التي تقر بضرورة حماية الصحفيين ووسائل الإعلام على اعتبارهم ليسوا أطرافا في النزاع، وكان من المهم البدء بالتفكير لتدوين وتوثيق شهادات الصحفيين بعد أن بلغ عدد الصحفيين الذين استهدفوا 120 صحفيا وصحفية، فكان لا بد من الشروع بهذا العمل، لا سيما أن من تبقى من الصحفيين هم ضحايا محتملون، محاصرون دون أي سند صحفي، لذا كانت شرارة الكتاب.
وقال محمد زيدان: إننا لمسنا أهمية الكتاب منذ أن طرحنا أيضا الفكرة على الزملاء الصحفيين في غزة والضفة الغربية، الذين -ورغم الصعوبات- لم يتوانوا في توثيق شهاداتهم التي لا تقل عن 3 آلاف كلمة.
وأعلن زيدان إصدار النسخة الإنجليزية للكتاب بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لأنسنة ما يحدث في غزة، لا سيما أن الأكاديمية الغربية تركز على تأثير الصدمات النفسية على البشر.
وأشار زيدان إلى أن الكتاب تضمن شهادات لصحفيين وصحفيات في الضفة الغربية، فكان من المهم التأكيد على هذا الأمر، خاصة لمن يعتقد أن وحشية الاحتلال مقترنة بالسابع من أكتوبر، بل إن وحشية إسرائيل هي طبيعة في العدو، الذي أدخل الصحفيين في دائرة بنك أهدافه.
وانتقل الحديث للمصور بلال خالد، الذي كان في دولة قطر عندما بدأت عملية طوفان الأقصى، وخلال ساعات قرر التوجه إلى قطاع غزة؛ ليكون مع ذويه، وليكون مع كاميرته لتوثيق مجريات الأحداث، مشيرا إلى أن رحلته إلى قطاع غزة كانت صعبة جدا، إلا أنه شعر بأن كيف له أن يبقى في مكان غير المكان الذي فيه ذووه، إلى جانب حسه الصحفي، دفعه ذلك ليوثق الأحداث بكاميرته، لافتا إلى أنه علم بأن هذه الحرب ليست كمثيلاتها، وأنها حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي يمارس ضد الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الفلسطينيين دون تمييز كانوا يتنفسون الموت بصنوفه المختلفة، إلا أن الأمر يعد أكثر خطورة على الصحفيين والمصورين الصحفيين؛ بسبب أنهم عين الحقيقة، وهم من لديهم الفرصة أكثر من غيرهم لكشف حقيقة ما يجري في قطاع غزة.
وحول الصورة الأكثر تأثيرا عليه، أشار المصور بلال خالد إلى أن كل صورة وراءها قصة إنسانية، وكل صورة اختزلتها عدسة الكاميرا كانت لأشخاص لهم أحلام وآمال، وكل صورة هي عالقة في ذهنه؛ لأنها صور غير اعتيادية، فهي لا توثق للحظات فرح أو حزن اعتيادي، بل توثق للحظات مرعبة، وفواجع. وتحدث الصحفي إسماعيل عمر عن قضية اليقين، لا سيما أنه من الصحفيين الذين تعرضوا للاستهداف، قائلا: إن هذا الاستهداف ليس الأول بالنسبة لي، بل تعرضت في حروب سابقة لاستهداف من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لكن لم أفكر يوما بأن أتراجع عن رسالتي، أو أن ما يفعله المحتل سيثنيني عن مهامي، فمهمتي كصحفي في فلسطين تختلف عن مهمة أي صحفي آخر، فدوري مهم في أن أكون صوت الإنسان الغزي للعالم، وما حصل لي كان سيحصل حتى وإن كنت في منزلي، كما أنني مؤمن بعدالة قضيتي، ولن أتراجع يوما، فهذه أمانة تطوق عنقي.
وأكد أنه هو أحيانا وخلال تأدية عمله كان بعد الانتهاء من تقريره الصحفي كان ينزوي بأحد الأركان ليبكي ليس ضعفا بل تفاعلا مع حجم ما عاشه ويعيشه الفلسطينيون، مشيرا إلى حادثة الأطفال الذين لم يتعرفوا على شقيقهم بعد أسبوع وهو تحت الركام وقد تغيرت ملامحه، ليقولوا لوالدهم إن ما يرونه مكفنا ليس بشقيقهم، حيث إن مثل هذا المشهد كيف للأطفال أن يستوعبوه، وكم سيبقى عالقا في أذهانهم صورة شقيقهم الذي تغيرت ملامحه بفعل الموت وبفعل الركام.
واختتمت الفعالية بتقديم الأستاذ سعد بن محمد الرميحي درع المركز للسيدة إيمان العامري مديرة معهد الجزيرة للإعلام، كما أتيح للجمهور الحصول على نسخة من الكتاب بتوقيع من قاموا بإعداده.