نحلم جميعاً بالنجاح على مختلف الأصعدة. بعضنا يسعى جاهداً لتحقيق ما يصبو إليه، وآخرون ينتظرون من يمد لهم يد العون وينتشلهم من وضعهم الحالي. في كلتا الحالتين فالقرار قرارك، ولا أحد يستطيع إرغامك على شيء. إذا أردت أن تصنع مجدك بيديك فستُفتح لك الأبواب على مصراعيها لولوج عالم من الفرص اللامحدودة، وإذا أردت الاتكال على الغير وانتظار مساعدة الناس فمرحباً بك في عالم مختلف سنتحدث عنه في الفقرات القادمة. لا شك أن الحياة صعبة، ومن يقول لك غير ذلك فهما إما واهما أو يضحك عليك. فلو كانت المطالب تُنال بالتمني لصار البشر بأكملهم أثرياء ورواد أعمال وعظماء بإنجازات فلكية! لكن الواقع عكس ذلك تماماً؛ لأن الثراء والنجاح والعظمة لا يمكن أن يتحقق دون اجتماع معايير وعوامل عديدة، أساساً الشخص نفسه.
إن الأغنياء وجهابذة العلم والفن والفكر والناجحون في كل مكان، لم يصلوا إلى ما هم عليه إلا بعد جهد جهيد. لقد سخروا حياتهم برمتها لخدمة أغراضهم وأهدافهم. ضحوا بالكثير وعملوا ليل نهار حتى حققوا ما عجز الكثيرون عن تحقيقه. لهذا فلا يمكن أن تكون مثلهم إلا إذا فعلت ما فعلوه.
يظن البعض أن الحياة أشبه بمصباح علاء الدين، بمجرد أن ترجو أمنية حتى يحققها لك. ويشجع على هذه النظرة بعض الدجالين الذين يروجون لعلم التنجيم الزائف، وقراء الطالع من خلال الكف والفنجان.
يضاف إلى ذلك فئة من دخلاء التنمية الذاتية الذين يروجون لفكرة سخيفة، مفادها أنك بمجرد أن تتخيل حدوث شيء وتفكر بطريقة إيجابية فحسب، فستحصل على ما تريده بكل بساطة. فكر على سبيل المثال بأنك ستحصل خلال سنة واحده من الآن على مليون ريال قطري، وعلّق ورقة على الحائط مكتوب عليها الرقم مليون، وتأملها كل صباح ومساء، وتخيل نفسك تعيش حياة المليونيرات؛ وسيجد الكون طريقة ليضع ذاك المبلغ الضخم في جيبك دون أي جهد أو تعب!
كثير من الناس خُدعوا بهذه الألاعيب، واتخذوها سبيلاً إلى النجاح بدلاً من العمل الجاد والصبر والكفاح. إن لدينا نحن البشر قدرة فائقة على الالتفاف حول الأشياء التي لا نريد القيام بها؛ لأننا بحكم الفطرة نميل إلى التكاسل وعدم بذل الجهد.
لكن الناجح والطموح يدرك أن عليه مخالفة غرائزه ورغبات النفس، وتحكيم عقله مع العمل الدؤوب على تحقيق أحلامه، دون أن ينتظر مساعدة من أحد. إنه عصامي يبني نفسه بنفسه ولا يظل يندب حظه ويرجو يداً تنتشله من الفشل.
وعلى النقيض من الناجحين، نجد أعداداً هائلة من الفاشلين في هذا العالم، لا لأنهم لا يملكون قدرات فريدة ومواهب فذة؛ بل لأنهم ببساطة شديدة ينتظرون من يعطيهم الضوء الأخضر ويبارك رحلتهم ويساندهم من أول الطريق حتى آخره!
إذا أردت النجاح حقّاً وكنت إلى الآن تعاني فشلاً ذريعاً في مختلف جوانب حياتك، فقد آن الأوان لتبدأ من حيث إنت. لا تنتظر موافقة أحد أو أن يكون إنسان عكازاً لك في رحلتك، ولا ظرفاً استثنائيّاً لتبدأ مشوارك، بل ابدأ من حيث إنت واسند نفسك بنفسك على طول الطريق. وإلا ستبقى في مكانك دون أي تقدم، بل إنك على الأرجح ستتراجع إلى الوراء أشواطاً كلما تقدمت في العمر أكثر؛ فلا شيء يبقى على حاله. إما أن نتقدم أو نتراجع.
فهل أنت على استعداد لتبدأ رحلتك الآن؟