عن أنس رضي الله عنه قال: «مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي ? وجبت، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال وجبت، فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت؟ قال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض»، رواه البخاري.
إن ثناء الناس على المرء والذكر الطيب له من علامات التوفيق والأثر الحسن، فكم من مسؤول عايشناه وغادرنا ولا يزال ذكره العاطر وذكره الحسن بيننا، وكم من مسؤول غيبه الموت لكن ما غاب ذكره ولا يزال أثره، فضل من الله يؤتيه من يشاء. الذكر الحسن في الدنيا لا يأتي من فراغ، لا يأتي بالتسلط، والاستبداد، والظلم، والدسائس، ونقل الكلام، والتشكيك بزيد وعبيد، من الناس، لا يأتي بالسلوكيات السيئة، وسرقة المال العام، والتحايل لتمرير الصفقات، وتنفيع القرابات، ولكن بحسن الأخلاق، والالتزام والانضباط، لا الانفلات والانحطاط، الذِّكر الجميل، لا يتأتى للمفلس، الذي سب هذا، وشتم هذا، وتكلم في عرض هذا، وسرق مال هذا، الذكر الحسن للصالحين الخيّرين المصلحين، أصحاب الآثار الحسنة، والأفعال الحميدة، الذكر الحسن للذين يتعاملون مع الناس بخُلق حسن، المتواضعين المترفعين عن السفاسف، الرحماء، أهل الفزعة، المتآخين في الله الذين يعيشون سعداء ويموتون شرفاء، الذكر الحسن يكون لعفيف اللِّسان، سمْح النفس، دمث المعاملة، باذل الخير، السبَّاق إلى المعروف، البار بوالديه، الواصل رحمه، الرحيم بأهله، باختصار المشهود لهم بالخيرية، إذا كنت منهم فاستبشر وأبشر بالخير في الدنيا والآخرة، والناس شهداء الله في أرضه.
أما الذين تلونت قبائحهم، وهم سبب كل بلاء، وشرارة كل مصيبة، وبلاء كل قسم وإدارة، المستبد، الظالم للعباد، المفسد في البلاد، وللخزائن أباد، لن تسامحه الأجيال القادمة، وستَذْكره بِمخازيه ومساويه، ولن يبكي عليه أحد، لا السماء ولا الأرض، وكما قال الشاعر:
فَارْفَعْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ذِكْرَهَا ** فَالذِّكْرُ لِلإِنْسَانِ عُمْرٌ ثَانِ
وعلى الخير والمحبة نلتقي