كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ماشياً في جماعةٍ من أصحابِه وهو مُمسك بيدِ عُمر بن الخطاب، فقال له عُمر: يا رسول الله، واللهِ لأنتَ أحبّ إلىَّ من كل شيءٍ إلا من نفسي!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليكَ من نفسك!
فقال له عُمر: فإنه الآن واللهِ لأنتَ أحب إلىَّ من نفسي!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: الآن يا عُمر!
وعن أنسٍ قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يُؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ والناسِ أجمعين».
وسألَ رجلٌ أسدَ بن ألفُرات عن معنى هذا الحديث، فقال له: أرأيتَ لو كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أظهُرِنا فَقُرِّبَ ليُقتل، أكنتَ تفديه بنفسك؟
قال: نعم
قال: أكنتَ تفديه بولدك؟
قال: نعم
قال له: إن صدقتَ فأنتَ مُؤمن!
=على أنَّ للمحبة أمارات ثلاثا:
الأولى: أن تتذكرَ فضلَه عليكَ وكم تعبَ ليكُون لكَ دين تعبدُ الله به، أن تتذكرَه ليلةَ نُزولِ الوَحيِ وهو يرتجفُ من هَوْلِ المشهد، وأن تتذكرَه وقومه يُحاصرونه في شِعب أبي طالب، ويضعون على رأسه سلى الجزور، وينعتونه بالساحرِ والكاذبِ والمجنون، أن تتذكرَه في الطائف يُرجم، وفي الهجرة مُختبئاً في الغار، ويوم أُحُد ينزفُ دماً ويقول: كيف يُفلحُ قوم شجُّوا نبيهم! أن تتذكرَه يربطُ حجراً على بطنه من الجُوع، ويعتصرُ ألماً من سمٍّ دسَّتْهُ لهُ اليهودية في فخذِ الشاة!
الثانية: أن تُكثرَ من الصلاةِ عليه قائماً وقاعداً وعلى جنبك، فإن المُحب يُكثرُ من ذِكرِ محبوبه، فاشغلْ لسانَك وقلبَك بالصلاةِ عليه فإنها كفاية الهم وغفران الذنب!
الثالثة: إن أروع أشكال الحُب هو الاقتداء، فاجعلْ محبتك له سلوكاً، اعطِفْ على زوجتك لأنه عَطَفَ، وأحسِنْ إلى جارِك لأنه أحسَنَ، وتواضعْ للضُّعفاء لأنه تَواضَع، وجالِسْ المساكين لأنه جَالَسَ، وساعِدْ الفقير لأنه سَاعَدَ، وكُنْ ليِّناً لأنه لانَ، وحنوناً لأنه حنَّ، ومُحِبَّاً للخيرِ لأنه أحبَّ..
بقلم: أدهم شرقاوي