مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةفي مدخل هذا المقال ومن خلال العنوان، تظهر للقارئ الكريم ثلاثة محاور، قطر وتونس والعلاقات العربية-العربية، وهنا في الإطلالة البانورامية على واقع الوطن العربي، يظهر حجم الواقع الكارثي الذي يعيشه العرب، كواقع في حياة الفرد أو كدول يؤمّل أن تتقدم ذاتياً، بين حقوق الفرد وحريته وحلم النهضة العربي، الذي يشمل كل توجهات إنسان الوطن العربي الكبير.
ولا حاجة لنا في التفصيل فالمؤشرات قوية الدلالة، سواءً تلك التي برزت بعد الرحلة الدموية والسياسية، للثورة المضادة، والتي ساهم في التمهيد لها، بعض ضحاياها، من خلال أخطاء عدم تقدير المراحل، ومن خلال الصراعات الحزبية والفكرية والسياسية، التي دمرت أرضية التعاون الضروري لبقاء الوطن القُطري، ومصالحه الإستراتيجية الكبرى.
وتنقسم دول الوطن العربي وفقاً لهذا الواقع، بين دول لا تزال تحت التأثيرات المباشرة، لحملة إسقاط هذا الربيع، وقد خرج أحدها كلياً من التأثير العربي، فهي تحت اتفاقات التسوية، لمصالحها وليس للشعب الضحية كسوريا، حيث إن مستقبلها الاستراتيجي المنظور، يتم تقريره من خلال التسوية النهائية بين موسكو وطهران وأنقرة، فيما يخوض اليمن حروب ما بعد الحرب، والتي يتداخل فيها المحلي والإقليمي والدولي.
ودول تحت تأثير مباشر سياسي وحقوقي عنيف كمصر، ودول تحاول أن تخرج من حرب مدمرة كليبيا، أو ركام تجربة مُرّة أسقطتها انتفاضة شعبية كالسودان، وهناك مستويات تأرجح أخرى لدول عربية عديدة، باتت قضية الاستقرار الاجتماعي والسياسي ولو في حدّه الأدنى، إحدى ضروريات العبور لها من مرحلة تهديد سقوط الدولة، لا كنظام ولكن ككيان كلي، ويلعب محور الكراهية في أبو ظبي، وخاصة بعد تحالف أبو ظبي الاندماجي الأخير مع تل أبيب، دور المترصد الفاعل في هذه المساحات.
وبالتالي من السهل على المراقب العربي، أن يدرك أولويات هذه المراحل وضرورة تجاوز الأخطر للخطير، ثم الخروج من حُفر النزاعات المسلحة، أو اتقائها والفوضى السياسية الشاملة، للوصول لهذا الاستقرار في حدّه الأدنى، وتحويله إلى مدافعات سياسية، حتى لو كانت حادة وخلقت صراعا حزبيا وفكريا، ولكن بقواعد لعبة تحافظ على توازن هذه الدولة القُطرية العربية.
وقد جاءت زيارة الرئيس التونسي قيس بن سعيد، في ظل هذه الأجواء إلى قطر، وفي ختام مرحلة صعبة لا تزال خطورتها قائمة، تسعى فيها أبو ظبي لانتزاع الاستقرار السياسي المتبقي، للحلم التونسي، وهي زيارة حظيت باهتمام كبير وحميمية، قاد رسائلها سمو أمير البلاد بنفسه.
وهذا لا يعني مطلقاً ألا تكون للرئيس قيس بن سعيد، سياسة رئيس دولة تمتد لبقية الأطراف، بما فيها بعض الدول المتورطة في مشروع إسقاط تونس، فعالم السياسة يُعطي بلا شك حقا واسعا لرئاسة الدول، في فقه إدارة هذا الصراع، ويبقى واقع التقييم يقوم على أولوية مصالح، لكنه أيضاً يراجع موقع هذه الدول والتي تعتمد على شراكة عربية ثقافية ومصالح متبادلة، دون أن يكون لها رغبة ولا مشروع تدخل سياسي يرتد عليها سلبياً.
وفي لحظة اليوم تختط قطر هذه الرسالة بوضوح، مع تونس ومع غيرها، ربما لا يرصد المراقب هذا الأمر بصورة مباشرة، ولكنه واقع اليوم في السياسة المحدّثة في الدبلوماسية القطرية، من أعلى المواقع القيادية.
في ذات الوقت فإن هذه المسافة للدوحة، هي في الحقيقة تساهم في صمود التجربة التونسية، بما فيها شراكة الحالة الإسلامية وخاصة حركة النهضة، والتي كلما ثبتت مرحلة التجربة، وتحقق الاستقرار الديمقراطي، فهي ستفرز قدرات قوة وتوازن أكبر لمستقبل تونس، الذي يحتاج إلى قاعدة اقتصاد متينة، في ظل أزمة عالمية متصاعدة، يساعدها خفض الاحتقان الداخلي، بين المؤسسات السيادية، وبين توجهات الحياة الحزبية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
إن قرار الدوحة المُضي في هذا الإطار، هو أيضاً قرار استراتيجي مهم للغاية في هذه المرحلة، والمساحة الإنسانية والأخلاقية، والاعتراف الفكري بحق الإسلاميين في المشاركة في الحياة السياسية، لا يتعارض مع ضروريات توازن السياسة القومية للوطن القَطري، بل هو أيضاً يخلق مساحة تفاهم عربية-عربية، وفرص تعاون نوعية تنعكس إيجابياً بين قطر وبين بقية أقطار الوطن العربي.
باحث عربي مستقل مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةفي مدخل هذا المقال ومن خلال العنوان، تظهر للقارئ الكريم ثلاثة محاور، قطر وتونس والعلاقات العربية-العربية، وهنا في الإطلالة البانورامية على واقع الوطن العربي، يظهر حجم الواقع الكارثي الذي يعيشه العرب، كواقع في حياة الفرد أو كدول يؤمّل أن تتقدم ذاتياً، بين حقوق الفرد وحريته وحلم النهضة العربي، الذي يشمل كل توجهات إنسان الوطن العربي الكبير.
ولا حاجة لنا في التفصيل فالمؤشرات قوية الدلالة، سواءً تلك التي برزت بعد الرحلة الدموية والسياسية، للثورة المضادة، والتي ساهم في التمهيد لها، بعض ضحاياها، من خلال أخطاء عدم تقدير المراحل، ومن خلال الصراعات الحزبية والفكرية والسياسية، التي دمرت أرضية التعاون الضروري لبقاء الوطن القُطري، ومصالحه الإستراتيجية الكبرى.
وتنقسم دول الوطن العربي وفقاً لهذا الواقع، بين دول لا تزال تحت التأثيرات المباشرة، لحملة إسقاط هذا الربيع، وقد خرج أحدها كلياً من التأثير العربي، فهي تحت اتفاقات التسوية، لمصالحها وليس للشعب الضحية كسوريا، حيث إن مستقبلها الاستراتيجي المنظور، يتم تقريره من خلال التسوية النهائية بين موسكو وطهران وأنقرة، فيما يخوض اليمن حروب ما بعد الحرب، والتي يتداخل فيها المحلي والإقليمي والدولي.
ودول تحت تأثير مباشر سياسي وحقوقي عنيف كمصر، ودول تحاول أن تخرج من حرب مدمرة كليبيا، أو ركام تجربة مُرّة أسقطتها انتفاضة شعبية كالسودان، وهناك مستويات تأرجح أخرى لدول عربية عديدة، باتت قضية الاستقرار الاجتماعي والسياسي ولو في حدّه الأدنى، إحدى ضروريات العبور لها من مرحلة تهديد سقوط الدولة، لا كنظام ولكن ككيان كلي، ويلعب محور الكراهية في أبو ظبي، وخاصة بعد تحالف أبو ظبي الاندماجي الأخير مع تل أبيب، دور المترصد الفاعل في هذه المساحات.
وبالتالي من السهل على المراقب العربي، أن يدرك أولويات هذه المراحل وضرورة تجاوز الأخطر للخطير، ثم الخروج من حُفر النزاعات المسلحة، أو اتقائها والفوضى السياسية الشاملة، للوصول لهذا الاستقرار في حدّه الأدنى، وتحويله إلى مدافعات سياسية، حتى لو كانت حادة وخلقت صراعا حزبيا وفكريا، ولكن بقواعد لعبة تحافظ على توازن هذه الدولة القُطرية العربية.
وقد جاءت زيارة الرئيس التونسي قيس بن سعيد، في ظل هذه الأجواء إلى قطر، وفي ختام مرحلة صعبة لا تزال خطورتها قائمة، تسعى فيها أبو ظبي لانتزاع الاستقرار السياسي المتبقي، للحلم التونسي، وهي زيارة حظيت باهتمام كبير وحميمية، قاد رسائلها سمو أمير البلاد بنفسه.
وهذا لا يعني مطلقاً ألا تكون للرئيس قيس بن سعيد، سياسة رئيس دولة تمتد لبقية الأطراف، بما فيها بعض الدول المتورطة في مشروع إسقاط تونس، فعالم السياسة يُعطي بلا شك حقا واسعا لرئاسة الدول، في فقه إدارة هذا الصراع، ويبقى واقع التقييم يقوم على أولوية مصالح، لكنه أيضاً يراجع موقع هذه الدول والتي تعتمد على شراكة عربية ثقافية ومصالح متبادلة، دون أن يكون لها رغبة ولا مشروع تدخل سياسي يرتد عليها سلبياً.
وفي لحظة اليوم تختط قطر هذه الرسالة بوضوح، مع تونس ومع غيرها، ربما لا يرصد المراقب هذا الأمر بصورة مباشرة، ولكنه واقع اليوم في السياسة المحدّثة في الدبلوماسية القطرية، من أعلى المواقع القيادية.
في ذات الوقت فإن هذه المسافة للدوحة، هي في الحقيقة تساهم في صمود التجربة التونسية، بما فيها شراكة الحالة الإسلامية وخاصة حركة النهضة، والتي كلما ثبتت مرحلة التجربة، وتحقق الاستقرار الديمقراطي، فهي ستفرز قدرات قوة وتوازن أكبر لمستقبل تونس، الذي يحتاج إلى قاعدة اقتصاد متينة، في ظل أزمة عالمية متصاعدة، يساعدها خفض الاحتقان الداخلي، بين المؤسسات السيادية، وبين توجهات الحياة الحزبية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
إن قرار الدوحة المُضي في هذا الإطار، هو أيضاً قرار استراتيجي مهم للغاية في هذه المرحلة، والمساحة الإنسانية والأخلاقية، والاعتراف الفكري بحق الإسلاميين في المشاركة في الحياة السياسية، لا يتعارض مع ضروريات توازن السياسة القومية للوطن القَطري، بل هو أيضاً يخلق مساحة تفاهم عربية-عربية، وفرص تعاون نوعية تنعكس إيجابياً بين قطر وبين بقية أقطار الوطن العربي.