كان للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مالٌ كثيرٌ حصلَ عليه من فَيْءٍ أصابَه، فقسمَ المالَ بين قُريشٍ وبين قبائل العرب، ولم يُعطِ الأنصار منه شيئاً! فأزعجَهم ذلك، فجاءَ إليه سيدهم سعد بن عبادة وقال له: يا رسول الله إن الأنصار قد وجدوا عليكَ في أنفسِهم من هذا ألفَيْءِ الذي قسمته في قومك وفي قبائل العرب ولم تُعطهم منه شيئاً!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فأينَ أنتَ من ذلكَ يا سعد؟ أي ما رأيك؟
فقال: إنما أنا رجلٌ من قومي! أي أقول بقولهم.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فاجمعْ لي قومكَ.
فخرجَ سعدٌ فجمعَ الأنصار، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلّّم وقال له: قد اجتمعوا لكَ يا رسول الله.
فأتاهم، وقال لهم: أما واللهِ لو شئتم لقُلتم فصدقتم، أتيتَنا مُكذَّباً فصدَّقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك! أوَجَدْتُمْ في أنفُسِكم يا معشر الأنصار في لُعاعةٍ/حقيرٍ من الدنيا تألَّفتُ بها قوماً ليُسلموا ووكلْتُكم إلى إسلامِكم؟! أفلا ترضونَ يا معشر الأنصارِ أن يذهبَ الناسُ بالشاةِ والبعير وترجعون برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في رِحالكم؟! فوالذي نفسُ محمدٍ بيده لولا الهجرة لكنتُ امرأً من الأنصار، ولو سلكَ الناسُ شِعباً/طريقاً وسلكتِ الأنصارُ شِعباً لسلكتُ شِعبَ الأنصار!
اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار!
فبكوا حتى ابتلتْ لِحاهُم، وقالوا: رضينا برسولِ الله قسماً وحظاً!
أعطى الناسَ وحرمَ الأنصارَ، لا لأنه يُحبُّ الناس أكثر منهم، بل ليأْتَلِف قلوب الناس، ويأتي بهم إلى الإسلام، ولأنه يعرف أنَّ الإسلام في قلوبِ الأنصار كالجبال الرواسي، فلما أخذوا على خاطرِهم بيَّن لهم سبب فعلتِه فرضوا، الناسُ هم الناس يُحبون العطاء، وأن لا يستثنيهم أحد، ولكن بيِّنْ دوماً سببَ تخصيصك لفلانٍ حين لا تفعل مثله مع من تُحبه أكثر من الذي أعطيته، فالإنسان مفطور على سوءِ الظن، وتفسيرِ الأمور على غير ما هي، فلا تتركْ ملامةً في صدرِ أحد!
وإياك أن تُفسِّرَ عطايا اللهِ للناس كما فسَّر الأنصارُ أول الأمر عطاءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للناس، إذا رأيتَ من هو أغنى منك، وأكثر صحة وأولاداً، وأوسع داراً على أنه يُحبه أكثر منك، إن الله سبحانه يُعطي الدنيا لمن يُحبُّ ويكره من عباده، ولكنه لا يُعطي الإيمان إلَّا لمن يُحبُّه!
إذا كنتَ تريدُ أن تعرف الذين يُحبهم الله أكثر منك، فهم أولئك الذين أَذِنَ لهم أن يعبدوه ويُطيعوه أكثر منك!
الذين يُحبهم الله أكثر منك ليسوا أولئك الذين راتبهم أعلى من راتبك، وإنما الذين قاموا للفجر وأنتَ نائم، وتصدَّقوا وأنتَ تكنز، وبرُّوا آباءهم وأنتَ عاق، وتحجَّبنَ وأنتِ سافرة، وحجُّوا وأنتَ تقولُ غداً أحجُّ وغداً أعتمر!
كان موسى عليه السلام أحب إلى اللهِ من قارون، رغم أنه أعطى لقارون مالاً لم يُعطه لأحدٍ من خلقه، لقد أعطى عبده الذي يكره المال، ولكنه أعطى عبده الذي يُحبُّ الإيمان!
صحيحٌ أن اللهَ قادرٌ أن يُعطيَ العبد المال والإيمان معاً، ولكن هذه الدنيا دار امتحان لا دار جزاء فتأدَّب أنتَ في حضرةِ قضاءِ اللهِ وقدرِه!بقلم: أدهم شرقاوي
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فأينَ أنتَ من ذلكَ يا سعد؟ أي ما رأيك؟
فقال: إنما أنا رجلٌ من قومي! أي أقول بقولهم.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فاجمعْ لي قومكَ.
فخرجَ سعدٌ فجمعَ الأنصار، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلّّم وقال له: قد اجتمعوا لكَ يا رسول الله.
فأتاهم، وقال لهم: أما واللهِ لو شئتم لقُلتم فصدقتم، أتيتَنا مُكذَّباً فصدَّقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك! أوَجَدْتُمْ في أنفُسِكم يا معشر الأنصار في لُعاعةٍ/حقيرٍ من الدنيا تألَّفتُ بها قوماً ليُسلموا ووكلْتُكم إلى إسلامِكم؟! أفلا ترضونَ يا معشر الأنصارِ أن يذهبَ الناسُ بالشاةِ والبعير وترجعون برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في رِحالكم؟! فوالذي نفسُ محمدٍ بيده لولا الهجرة لكنتُ امرأً من الأنصار، ولو سلكَ الناسُ شِعباً/طريقاً وسلكتِ الأنصارُ شِعباً لسلكتُ شِعبَ الأنصار!
اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار!
فبكوا حتى ابتلتْ لِحاهُم، وقالوا: رضينا برسولِ الله قسماً وحظاً!
أعطى الناسَ وحرمَ الأنصارَ، لا لأنه يُحبُّ الناس أكثر منهم، بل ليأْتَلِف قلوب الناس، ويأتي بهم إلى الإسلام، ولأنه يعرف أنَّ الإسلام في قلوبِ الأنصار كالجبال الرواسي، فلما أخذوا على خاطرِهم بيَّن لهم سبب فعلتِه فرضوا، الناسُ هم الناس يُحبون العطاء، وأن لا يستثنيهم أحد، ولكن بيِّنْ دوماً سببَ تخصيصك لفلانٍ حين لا تفعل مثله مع من تُحبه أكثر من الذي أعطيته، فالإنسان مفطور على سوءِ الظن، وتفسيرِ الأمور على غير ما هي، فلا تتركْ ملامةً في صدرِ أحد!
وإياك أن تُفسِّرَ عطايا اللهِ للناس كما فسَّر الأنصارُ أول الأمر عطاءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للناس، إذا رأيتَ من هو أغنى منك، وأكثر صحة وأولاداً، وأوسع داراً على أنه يُحبه أكثر منك، إن الله سبحانه يُعطي الدنيا لمن يُحبُّ ويكره من عباده، ولكنه لا يُعطي الإيمان إلَّا لمن يُحبُّه!
إذا كنتَ تريدُ أن تعرف الذين يُحبهم الله أكثر منك، فهم أولئك الذين أَذِنَ لهم أن يعبدوه ويُطيعوه أكثر منك!
الذين يُحبهم الله أكثر منك ليسوا أولئك الذين راتبهم أعلى من راتبك، وإنما الذين قاموا للفجر وأنتَ نائم، وتصدَّقوا وأنتَ تكنز، وبرُّوا آباءهم وأنتَ عاق، وتحجَّبنَ وأنتِ سافرة، وحجُّوا وأنتَ تقولُ غداً أحجُّ وغداً أعتمر!
كان موسى عليه السلام أحب إلى اللهِ من قارون، رغم أنه أعطى لقارون مالاً لم يُعطه لأحدٍ من خلقه، لقد أعطى عبده الذي يكره المال، ولكنه أعطى عبده الذي يُحبُّ الإيمان!
صحيحٌ أن اللهَ قادرٌ أن يُعطيَ العبد المال والإيمان معاً، ولكن هذه الدنيا دار امتحان لا دار جزاء فتأدَّب أنتَ في حضرةِ قضاءِ اللهِ وقدرِه!بقلم: أدهم شرقاوي