+ A
A -
محمد هنيد
استاذ مشارك بجامعة السوربونلم تشهد فرنسا منذ مدة طويلة حالة من الاحتقان والتوجس مثل تلك التي تعيشها اليوم بسبب تشابك عناصر الأزمة التي تعصف بها وبكيانها السياسي والاجتماعي. إذ لم يعد الأمر مقتصرا على تداعيات أزمة كورونا التي ضربت أسس الاقتصاد الفرنسي ولا على الأزمة التي خلقتها الرسوم المسيئة للرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام بل إن الأمر يتعلّق اليوم بأسس الجمهورية نفسها.
خرجت في الأيام القليلة الماضية مظاهرات عديدة منددة بالقانون الجديد الذي تسعى حكومة رئيس الوزراء جون كاستاكس إلى إقراره وهو ما اصطلح عليه بقانون «الأمن الشامل» الذي يمنح قوات الشرطة صلاحيات واسعة. لكنّ مقاطع الفيديو المسرّبة مؤخرا عن اعتداءات الشرطة على مدنيين أبرياء أعاد إلى الواجهة خطورة القانون الجديد على الحريات المدنية في فرنسا. واجهت الشرطة المتظاهرين بعنف واعتقلت عددا منهم وهو ما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي رغم تصريح الحكومة بأنها ستراجع القانون الجديد.
إن التطوّر المتسارع للأحداث في فرنسا يُنبئ بتداعيات خطيرة على المستويين المتوسط والبعيد لأنه يطال الأسس التي قامت عليها الجمهورية نفسها. إن تهديد مبدأ الحرية المتعلّق أساسا بحرية الصحافة ونقل الأخبار يُعدّ سابقة في تاريخ فرنسا التي تقدّم نفسها على أساس أنها رائدة العالم في هذا المجال. فمن ناحية أولى تدافع الحكومة الفرنسية عن حرية التعبير على خلفية نشر الصور المسيئة لكنها من ناحية ثانية تحاصر عمل الصحفيين وتحدّ من قدراتهم على الوصول إلى الخبر والمعلومة.
الأزمة الفرنسية إذن أزمة أعمق مما يظهر على السطح وهو ما دفع عددا من الملاحظين والمفكرين الفرنسيين إلى اقتراح التفكير في حلول جذريّة لأزمة عميقة تمرّ بها البلاد بعيدا عن التجاذبات السياسية والتوظيف الحزبي. فحرية التعبير وحرية الإعلام مكسب لا يمكن للمواطن الفرنسي التنازل عنه تحت أيّ مُسمّى جديد لأنه مكسب تاريخي وإرث حضاري يتجاوز الأحزاب والسياسات. هذا الوضع الجديد سيفرض حتما تغيرات جوهرية على المشهد الفرنسي العام الذي يبقى مرتهنا بتوالي الأزمات الداخلية والخارجية وتأثيرها على الدولة والمجتمع.
تبقى فرنسا رغم الأزمات التي تمرّ بها دولة مؤسسات صارمة قادرة على امتصاص الرجات المحلية والدولية وتحقيق التوازن الذي يسمح لها باستعادة توازنها داخليا وخارجيا. بل إنه يمكن القول إنّ تحقيق التوازن الفرنسي لا يمرّ إلا عبر التعاطي مع الأزمات القادرة وحدها على تعديل المسارات وإخراج الدولة من عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيه بسبب التسرّع أحيانا وقصر النظر أحيانا أخرى.
استاذ مشارك بجامعة السوربونلم تشهد فرنسا منذ مدة طويلة حالة من الاحتقان والتوجس مثل تلك التي تعيشها اليوم بسبب تشابك عناصر الأزمة التي تعصف بها وبكيانها السياسي والاجتماعي. إذ لم يعد الأمر مقتصرا على تداعيات أزمة كورونا التي ضربت أسس الاقتصاد الفرنسي ولا على الأزمة التي خلقتها الرسوم المسيئة للرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام بل إن الأمر يتعلّق اليوم بأسس الجمهورية نفسها.
خرجت في الأيام القليلة الماضية مظاهرات عديدة منددة بالقانون الجديد الذي تسعى حكومة رئيس الوزراء جون كاستاكس إلى إقراره وهو ما اصطلح عليه بقانون «الأمن الشامل» الذي يمنح قوات الشرطة صلاحيات واسعة. لكنّ مقاطع الفيديو المسرّبة مؤخرا عن اعتداءات الشرطة على مدنيين أبرياء أعاد إلى الواجهة خطورة القانون الجديد على الحريات المدنية في فرنسا. واجهت الشرطة المتظاهرين بعنف واعتقلت عددا منهم وهو ما يزيد من حالة الاحتقان الشعبي رغم تصريح الحكومة بأنها ستراجع القانون الجديد.
إن التطوّر المتسارع للأحداث في فرنسا يُنبئ بتداعيات خطيرة على المستويين المتوسط والبعيد لأنه يطال الأسس التي قامت عليها الجمهورية نفسها. إن تهديد مبدأ الحرية المتعلّق أساسا بحرية الصحافة ونقل الأخبار يُعدّ سابقة في تاريخ فرنسا التي تقدّم نفسها على أساس أنها رائدة العالم في هذا المجال. فمن ناحية أولى تدافع الحكومة الفرنسية عن حرية التعبير على خلفية نشر الصور المسيئة لكنها من ناحية ثانية تحاصر عمل الصحفيين وتحدّ من قدراتهم على الوصول إلى الخبر والمعلومة.
الأزمة الفرنسية إذن أزمة أعمق مما يظهر على السطح وهو ما دفع عددا من الملاحظين والمفكرين الفرنسيين إلى اقتراح التفكير في حلول جذريّة لأزمة عميقة تمرّ بها البلاد بعيدا عن التجاذبات السياسية والتوظيف الحزبي. فحرية التعبير وحرية الإعلام مكسب لا يمكن للمواطن الفرنسي التنازل عنه تحت أيّ مُسمّى جديد لأنه مكسب تاريخي وإرث حضاري يتجاوز الأحزاب والسياسات. هذا الوضع الجديد سيفرض حتما تغيرات جوهرية على المشهد الفرنسي العام الذي يبقى مرتهنا بتوالي الأزمات الداخلية والخارجية وتأثيرها على الدولة والمجتمع.
تبقى فرنسا رغم الأزمات التي تمرّ بها دولة مؤسسات صارمة قادرة على امتصاص الرجات المحلية والدولية وتحقيق التوازن الذي يسمح لها باستعادة توازنها داخليا وخارجيا. بل إنه يمكن القول إنّ تحقيق التوازن الفرنسي لا يمرّ إلا عبر التعاطي مع الأزمات القادرة وحدها على تعديل المسارات وإخراج الدولة من عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيه بسبب التسرّع أحيانا وقصر النظر أحيانا أخرى.