قال سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي ورئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم مركز قطر للمال، إن قطاع الخدمات المالية في دولة قطر سجل في عام 2023 مستوى مهما من النمو والتحول مع تحديد الأهداف وخريطة الطريق المستقبلية في الخطة الثالثة لتنظيم القطاع المالي، التي تم إطلاقها في نوفمبر 2023 وبالاشتراك مع مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق المالية أدت هيئة تنظيم مركز قطر للمال دورا محوريا في إعداد هذه الاستراتيجية وأطر تنفيذها مع الإشارة إلى أن الاستراتيجية تهدف إلى إنشاء سوق مالي ورأسمالي في المنطقة عنوانه الابتكار والفعالية وحماية المستهلك ويلتزم برؤية قطر الوطنية 2030.
وأوضح سعادته في كلمته التقديمية للتقرير السنوي لهيئة تنظيم مركز قطر للمال قائلا: بموازاة الخطة الاستراتيجية الثالثة لتنظيم القطاع المالي، استمرت هيئة تنظيم مركز قطر للمال في منهج توفيق السياسات المتبعة لديها مع آخر تطورات المعايير العالمية وتسهيل عملية تطور السوق، وذلك عن طريق تكثيف العمل على إنجاز السياسات والتشريعات الرقابية.
وتمحورت المبادرات التشريعية حول إصدار قواعد صناديق المستثمر المختص ومراجعة قواعد الأعمال المصرفية الاحترازية. وإصدار الأوراق الاستشارية الخاصة بقواعد سوق المشتقات، والجهة المقابلة للمقاصة المركزية، وإطار عمل الأصول الرقمية، في ما يساهم في تعزيز نظامنا الرقابي، إضافة إلى توسيع مجموعة المنتجات والخدمات المقدمة من الشركات العاملة في مركز قطر للمال، ودعم الأسواق المالية والرأسمالية القطرية.
وتابع سعادته قائلا: تركزت أعمال هيئة تنظيم مركز قطر للمال على تعزيز مستويات التوطين والتقطير ضمن فريق عملها وبناء قوة عاملة مستقبلية، ونفتخر بالإضاءة على التقدم المهم المنجز في هذا الإطار،على مستوى الهيئة عامة وعلى مستوى القيادات خاصة. ويعكس هذا التقدم النتائج الناشئة عن فرص التدريب والتطوير المقدمة للموظفين وقدرتنا على استقطاب المواهب القطرية للعمل في مجال قطاع الخدمات المالية ولابد هنا ان نلفت إلى ان إنجازات هيئة تنظيم مركز قطر للمال ما كانت لتتحقق من دون التعاون التنسيق القائم بين الجهات الرقابية المالية القطرية التي عملت يدا بيد على تحقيق المبادرات الرئيسية المندرجة ضمن الخطة الاستراتيجية الثالثة لتنظيم القطاع المالي،لاسيما في مجال تطوير أسواق رأس المال وتكنولوجيا المال. ونشكر فريق العمل على مستوى التعاون البناء الذي تميزت به جهودنا المشتركة،ونتطلع إلى تحقيق المزيد من التقدم والنتائج في مشاريعنا القائمة والمستقبلية، نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
من جانبه كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم مركز قطر للمال مايكل راين عن مشاركة هيئة التنظيم في إنشاء إدارة مكتب استراتيجية القطاع المالي الذي تأسس في العام 2023 والذي يتولى مهام إدارة الإنجازات المقررة تحت مظلة الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي التي تحدد الرؤية والأهداف الرامية إلى تطوير القطاع المالي وصولا إلى العام 2030. وتشكل إدارة استراتيجية القطاع المالي مبادرة متعددة الأطراف تعمل عن كثب مع مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق المالية، وبورصة قطر وشركة قطر للإيداع المركزي للأوراق المالية وهيئة تنظيم مركز قطر للمال، لضمان التطبيق الفعال وأطر التنسيق اللازمة للاستراتيجية، إضافة إلى رصد التقدم والنتائج المنجزة ورفع التقارير بشأنها. ولفت إلى أن عام 2023 تميز بنتائج استثنائية في مسار الابتكار والتحول والمرونة المتبع في هيئة تنظيم مركز قطر للمال،وذلك في إطار التزامنا الدائم بتعزيز قطاع مالي يتسم بالحيوية والاستقرار والقدرات المستقبلية فاستمر العمل القائم حول السياسات الرقابية في سياق الالتزام بتلبية كافة المعايير الدولية وأحدثها وأفضل الممارسات في قطاعات البنوك والتأمين وإدارة الأصول ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي العام 2023 أطلقت هيئة تنظيم مركز قطر للمال مبادرات جديدة هدفت إلى تحصين الأسواق المالية القطرية بفرص جديدة وتضمنت إعداد قواعد نظام أسواق المشتقات ومقترحات نظام الأصول الرقمية، في خطوة ترمي إلى إنشاء بيئة تشجع على تقوية أسواق رأس المال، وتطوير تكنولوجيا المال، وبالتالي تعزيز التنوع والتنافسية في الاقتصاد القطري.
وأضاف راين أن الانتقال إلى بنية تحتية سحابية في العام 2022 ساهم بشكل كبير في تعزيز القدرات الرقمية والفاعلية والمرونة التشغيلية لهيئة تنظيم مركز قطر للمال في العام 2023 حيث نواصل تطبيق الرؤية الاشرافية لعام 2030 مع إحلال الأدوات المزودة بالذكاء الاصطناعي في الآليات الإشرافية لهيئة تنظيم مركز قطر للمال في ما يهدف إلى المساعدة في عملية الحد من المخاطر،وعملية صنع القرار، اضافة إلى إعداد أدوات التعلم الآلي الخاصة بهيئة التنظيم والمعدة خصيصا لغايات إعداد التقارير وتنفيذ المهام الاشرافية،التزاما سعينا الدائم إلى تحسين بيئة رقابية ابتكارية. وأكد راين أن هيئة تنظيم مركز قطر للمال تواصل تطبيق خططها المتعلقة بإدارة المواهب وإعداد قادة المستقبل في الرقابة المالية وقد سجل العام 2023 ارتفاعا في عدد القطريين الممثلين في قطاعات الأعمال الرئيسية ومنها الإشراف، والسياسات، والشؤون القانونية.
ووفقا للتقرير السنوي لهيئة تنظيم مركز قطر للمال فإن إطلاق ادوات الذكاء الاصطناعي المفتوحة «شات جي بي تي» في نوفمبر 2022 وتحديثها من منصة مفتوحة المصدر «شات بوت» إلى نموذج «جي بي تي- 4 » في مارس 2023 في هيئة تنظيم مركز قطر للمال يمثل خطوة محورية أدى إلى تعزيز الإمكانيات التطبيقية للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات وخلال العام 2023 عملت إدارة التحليلات الابتكارات المالية في هيئة تنظيم مركز قطر للمال على استكشاف الإمكانيات التي تقدمها نماذج اللغات الكبيرة في مجال الإشراف وخلصت إلى التركيز على تطبيقين اثنين.
ويصب التطبيق الأول في تحليل مستويات الالتزام بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب حيث تم تزويد هذه الأداة بقوانين وأنظمة مكافحة غسل الأموال والمعمول بها من جهة أولى والسياسات والإجراءات المطبقة في كل من الشركات الخاضعة للإشراف من جهة ثانية. وتم تصميم هذه النماذج لتجيب على مجموعة من الاسئلة المطروحة من حيث الإمتثال وإنتاج التقارير التحليلية مع تضمين المراجع التي تستند إليها التحليلات من أرقام صفحات وفقرات واردة في المستندات الاصلية وتعتبر هذه التجربة واعدة من حيث تعزيز وتيرة التحاليل مع الحفاظ على جودة الإشراف. أما التطبيق الثاني فيتمثل في تطوير نظام إدارة البيانات الإشرافية الرئيسية خلال العام،حيث ساهم نشوء نموذج اللغات الكبيرة القوية في فتح آفاق جديدة ويكمن هذا التطبيق في استخدام الرسوم البيانية المعرفية الإشرافية في إنشاء نظام يحتوي على واجهة استخدام ذات لغة طبيعية،وايضا في استخدام نماذج اللغات الكبيرة في استخراج معلومات منظمة من النص،وبالتالي تعزيز التعبئة التلقائية للرسوم البيانية. ويتوقع أن يؤدي استكمال المشروعين وبدء الاستخدام في العمليات الاشرافية إلى تحسين معالجة البيانات بشكل عام وتعزيز الأتمتة في إنتاج المعلومات الادارية.كما حرصت إدارة هيئة تنظيم مركز قطر للمال على زيادة جهودها في اشراك الفرق الاشرافية في المناقشات بهدف تحديد الفرص ورفع مستوى المهارات من حيث الأدوات البيانية والنظريات ذات الصلة.
وفي العام 2023 نجحت الشركات الخاضعة لإشراف مركز قطر للمال في مواجهة التحديات بفعالية وبفضل الركائز القوية لهذه الشركات ومنها صلابة المركز الرأسمالي وتوفر مصدات السيولة وتدني مستوى القروض المتعثرة تمكنت من مواجهة التحديات مثل جائحة كورونا وانقطاع سلسلة الإمدادات والمشاكل الجيوسياسية، والمشاكل المصرفية الحديثة في الولايات المتحدة وسويسرا.
وفيما أظهر القطاع المصرفي مرونة بارزة في هذا السياق تبين أيضا استمرار بعض أوجه الضعف في ما استدعى ضرورة اتخاذ الحذر في ممارسات إدارة المخاطر والالتزام الرقابي والتكيف التكنولوجي وكذلك استمرت ضرورة تعزيز المرونة ومعالجة المخاطر النظامية في القطاع المصرفي لضمان الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام.