لا يكفي أن تبادر الحكومة اللبنانية لإعادة فتح السفارة اللبنانية في دمشق، للدلالة على التعاطي الإيجابي مع الإدارة السياسة الجديدة لسوريا بعد هروب الرئيس السوري بشار الأسد إلى خارج بلاده، بل يتطلب الأمر المباشرة باتصالات ولقاءات على مستويات حكومية ورسمية رفيعة مع رئيسها أحمد الشرع، أو أعضاء الحكومة المؤقتة، للتفاهم على الأسس العريضة التي تحكم علاقات لبنان مع سوريا في المرحلة المقبلة، ووضع خريطة طريق للسير عليها، والمباشرة بتنفيذ ما هو ممكن منها في الوقت الحاضر، وخصوصا على المعابر الحدودية، لتسهيل أمور المواطنين والتجار وأصحاب المصالح، ولا سيما الذين يتنقلون باستمرار بين البلدين.

وهنالك التدابير الأمنية والإجراءات المطلوب اتخاذها على جانبي الحدود اللبنانية السورية، للحفاظ على الأمن والاستقرار، ومكافحة أي محاولة للإخلال بالأمن والاستقرار، وإزالة رواسب مرحلة الفلتان الأمني السابقة ومكافحة عصابات الخطف وتجار المخدرات والتهريب على أنواعه.

ويضاف إلى ذلك انتقال البضائع وعبور الشاحنات اللبنانية وتصدير المنتجات عبر الأراضي السورية إلى دول الخليج العربي.

هذه الأمور والقضايا وتطورات الأوضاع المتسارعة في المنطقة، وما يهم سوريا ولبنان تحديدا، تتطلب حدا أدنى من تبادل وجهات النظر والتنسيق، والتفاهم، للخروج من حالة الجمود وعدم اليقين، التي سادت العلاقات بين البلدين طوال عهد بشار الأسد، ولإعطاء دفع للعلاقات الثنائية يتجاوز كل الشوائب التي سادت العلاقات بين البلدين.

ولا شك أن تسارع الخطوات التي قامت بها الإدارة السياسة الجديدة لسوريا، للانفتاح على جميع مكونات الشعب السوري، ولحفظ الأمن، ولإعادة تحريك دورة الحياة في مختلف أنحاء سوريا، يستوجب من الحكومة الحالية التحرك والتلاقي معها والتنسيق قدر الإمكان، لدفع أي مخاطر محتملة، ومواجهة التحديات المرتقبة، تلافيا لتداعيات الحروب المتنقلة بالمنطقة.

ومن يؤخر الحكومة اللبنانية عن التحرك تجاه الإدارة السورية الجديدة؟

تتريث الحكومة اللبنانية وتتباطأ في التلاقي مع الإدارة السياسية السورية أولا، لترقب المنحى السياسي لهذه الإدارة، وما تتخذه من إجراءات بالتعاطي مع كافة مكونات الشعب السوري، والمرأة تحديدا وثانيا، لتجنب حدوث أي خلافات بالداخل اللبناني، جراء تسريع الخطى للانفتاح على هذه الإدارة، لا سيما وأن البعض لن يهضم الانفتاح السريع في الوقت الحاضر، ولا بد من تقطيع بعض الوقت لإنهاء الاعتراضات والتباينات الحاصلة، ولو كانت على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا.اللواء اللبنانية