مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةلو طُرح هذا السؤال اليوم على منصة للدراسات الأخلاقية في العالم: ما هو التحدي الأكبر الذي تعيشه البشرية في مستقبل العالم الجديد؟.. لحُدّدت ثقافة الأجيال، وقاعدتها حياة الطفولة ومرحلة تشكّل عمر الفتاة والفتى الصغير، قبل العالم العاصف أمام الشباب اليوم، فلم تعد فيه التكنولوجيا، مجرد أرضية علم وإسناد، وتأسيس منظومة تقنية لنقل المعارف وتطوير الحياة الأرضية لصالح الإنسان.
وقد ساعدت التكنولوجيا في دعم آفاق العلوم والثقافة المعاصرة لكل العالم، لكنها ليست كل الحكاية، فيما يجري اليوم، وهذا قلق أخلاقيٌ عالمي ذو نزعة إنسانية، تشمل المسلمين وغيرهم، فلقد أضحى العالم الإنساني بالفعل، يستشعر أن ضمير الفرد والطفل خصوصا، تحت احتلال مشاعر تتدخل في بناء تعليمه وثقافته ووعيه.
فإذا قيل وما هو الإشكال في ذلك؟
قلنا باختصار هو علاقة كل هذا التدفق الحاشد، بهدم منظومة القيم، منظومة القيم الأخلاقية للإنسان، والتي تمتلك فيها الرؤية الكونية للإسلام، فارقاً مهماً لكن لا توجد منابر تحمل هذه الرسالة، إلا في مساحة محدودة.
إن ما نقصدُه من هذه الرؤية الكونية المختلفة للإسلام المعرفي، يعتمد على قاعدة أساسية لصالح كل إنسان على هذه الأرض، وهي إعلاء الضمير الروحي وحقوقه للفرد، وليس لإذكاء النزوات المادية والغرائز الجنسية، ثم بثّها بقوة على أنظار ومسامع ووجدان الطفولة، والغرائز أمرٌ طبيعي ولكنها تحتاج إلى توجيه لا إلى تفجير سلوكي.
وحتى تلك الأيقونات المزعومة لحماية الطفل، التي تُثبتُها خدمات الشركات العالمية، التي تُتاجر بأنظمة التكنولوجيا الحديثة، فهي لا توقف تدفق هذا البث الهائل، الذي يُثير أسئلة الطفولة وقلقها واضطرابها.
فضلاً عن أن هذه التوجهات اليوم، أي التدخل في عقل الطفل وبعثرة روحه الفطرية البسيطة، هو هدف بذاته، لتحالف القوة الرأسمالية المتوحشة، والأفكار غير الأخلاقية المتعددة، ويَستثمر هذا التحالف في كون هذا المثير غزائزياً أو الشاذ فكرياً، والشذوذُ هنا هو كل ما جرح نفس الإنسان والطفولة البريئة، عن الحياة والأسرة، وطمأنينة الطفل، كل طفل ولد في هذه الأرض أياً كان معتقد أهله وشعبه.
ونحن في الوطن العربي، نستشعر ضغطاً أكبر يُهدّد فيه هذا الهجوم الهائل، روحَ أطفالنا وسكينتهم، ومفهوم الإيمان البسيط، بالله وبالأخلاق الإسلامية، السلوكية والقيمية، وهنا لا نتحدث عن فقرات دينية، وإنما عن معيار أخلاقي قيمي، حينما يتابعه الطفل ومع متعته، يوجِدُ في ذاته بناءً أخلاقياً لسلوكه، مع محيطه والعالم الإنساني، فيكون المحرك له، روحاً أخلاقية لا نزعات مادية حادة، وهذه الروح مربوطة بالإيمان الفطري، الذي هو في ذاته سكينة للأطفال.
ولقد حققت الجزيرة للأطفال وقناة براعم، حضوراً نوعياً في تشكيل ثقافة الطفل العربي، وهدأت بال العائلة في متابعة أطفالهم وطمأنينتها، وأصبح الكثير يفتقدها بعد التشفير، وفي اعتقادي أن من الضرورة فرزُ الجزيرة للأطفال بل وتطوير حضورها، وتكثيف برامجها النوعية، مع قاعدة الدراسات التربوية التي يُنجزها متخصصون، مواكبون لحركة تقدم التكنولوجيا، وأزمة العالم في جفاف القيم، وحاجة روح الطفل للعلم المعرفي والسلوكي معاً، بل وتشكيل قاعدة وعي هادئة تُمثل له جدار ممانعة أو مقاومة لأفكار الهدم السلبية في العالم.
إن ارتباط هذا المشروع بقطر حقق لها حضوراً مميزاً، وهو يحتاج بالفعل أن يكون تحت مؤسسة مستقلة، تُبحر بها إلى كل سواحل وجغرافيا الطفولة العربية، وهنا سيكون هذا المشروع ذا أهمية بالغة، لفكرة الدولة المركزية في المواكبة العالمية، لكنها ليست مواكبة تقليد للفاسد، الذي تبثه قنوات التوحش التكنولوجي، أو المادية الإلحادية، وإنما مزرعة قيم، تبني عند الطفل العربي أخلاقيات سلوك وتعامل راقٍ، مع بيئته ومع كل أسرة الأرض.
إننا هنا نعرضُ مفهومنا الإنساني للعالم، وهو مفهوم يعتمد القيم الإسلامية ليس للمسلمين فحسب، بل للأسرة الإنسانية، وحين تكون منظومة القيم واضحة في دلالتها، لاحترام روح الطفل والأسرة، ستكون قبلةً للأسرة العربية، بغضّ النظر عن الانتماء الديني والمذهبي، ثم من هذه الركيزة تحديداَ، ينطلق إلى فضاء لغات العالم، لتكون مساهمتنا العربية الإسلامية، تعتمد قاعدة حقوق الطفل أولاً، لحماية ضميره وعقله وجسده معاً، فمن يهدم روح الطفل لن ينقذ جسده.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةلو طُرح هذا السؤال اليوم على منصة للدراسات الأخلاقية في العالم: ما هو التحدي الأكبر الذي تعيشه البشرية في مستقبل العالم الجديد؟.. لحُدّدت ثقافة الأجيال، وقاعدتها حياة الطفولة ومرحلة تشكّل عمر الفتاة والفتى الصغير، قبل العالم العاصف أمام الشباب اليوم، فلم تعد فيه التكنولوجيا، مجرد أرضية علم وإسناد، وتأسيس منظومة تقنية لنقل المعارف وتطوير الحياة الأرضية لصالح الإنسان.
وقد ساعدت التكنولوجيا في دعم آفاق العلوم والثقافة المعاصرة لكل العالم، لكنها ليست كل الحكاية، فيما يجري اليوم، وهذا قلق أخلاقيٌ عالمي ذو نزعة إنسانية، تشمل المسلمين وغيرهم، فلقد أضحى العالم الإنساني بالفعل، يستشعر أن ضمير الفرد والطفل خصوصا، تحت احتلال مشاعر تتدخل في بناء تعليمه وثقافته ووعيه.
فإذا قيل وما هو الإشكال في ذلك؟
قلنا باختصار هو علاقة كل هذا التدفق الحاشد، بهدم منظومة القيم، منظومة القيم الأخلاقية للإنسان، والتي تمتلك فيها الرؤية الكونية للإسلام، فارقاً مهماً لكن لا توجد منابر تحمل هذه الرسالة، إلا في مساحة محدودة.
إن ما نقصدُه من هذه الرؤية الكونية المختلفة للإسلام المعرفي، يعتمد على قاعدة أساسية لصالح كل إنسان على هذه الأرض، وهي إعلاء الضمير الروحي وحقوقه للفرد، وليس لإذكاء النزوات المادية والغرائز الجنسية، ثم بثّها بقوة على أنظار ومسامع ووجدان الطفولة، والغرائز أمرٌ طبيعي ولكنها تحتاج إلى توجيه لا إلى تفجير سلوكي.
وحتى تلك الأيقونات المزعومة لحماية الطفل، التي تُثبتُها خدمات الشركات العالمية، التي تُتاجر بأنظمة التكنولوجيا الحديثة، فهي لا توقف تدفق هذا البث الهائل، الذي يُثير أسئلة الطفولة وقلقها واضطرابها.
فضلاً عن أن هذه التوجهات اليوم، أي التدخل في عقل الطفل وبعثرة روحه الفطرية البسيطة، هو هدف بذاته، لتحالف القوة الرأسمالية المتوحشة، والأفكار غير الأخلاقية المتعددة، ويَستثمر هذا التحالف في كون هذا المثير غزائزياً أو الشاذ فكرياً، والشذوذُ هنا هو كل ما جرح نفس الإنسان والطفولة البريئة، عن الحياة والأسرة، وطمأنينة الطفل، كل طفل ولد في هذه الأرض أياً كان معتقد أهله وشعبه.
ونحن في الوطن العربي، نستشعر ضغطاً أكبر يُهدّد فيه هذا الهجوم الهائل، روحَ أطفالنا وسكينتهم، ومفهوم الإيمان البسيط، بالله وبالأخلاق الإسلامية، السلوكية والقيمية، وهنا لا نتحدث عن فقرات دينية، وإنما عن معيار أخلاقي قيمي، حينما يتابعه الطفل ومع متعته، يوجِدُ في ذاته بناءً أخلاقياً لسلوكه، مع محيطه والعالم الإنساني، فيكون المحرك له، روحاً أخلاقية لا نزعات مادية حادة، وهذه الروح مربوطة بالإيمان الفطري، الذي هو في ذاته سكينة للأطفال.
ولقد حققت الجزيرة للأطفال وقناة براعم، حضوراً نوعياً في تشكيل ثقافة الطفل العربي، وهدأت بال العائلة في متابعة أطفالهم وطمأنينتها، وأصبح الكثير يفتقدها بعد التشفير، وفي اعتقادي أن من الضرورة فرزُ الجزيرة للأطفال بل وتطوير حضورها، وتكثيف برامجها النوعية، مع قاعدة الدراسات التربوية التي يُنجزها متخصصون، مواكبون لحركة تقدم التكنولوجيا، وأزمة العالم في جفاف القيم، وحاجة روح الطفل للعلم المعرفي والسلوكي معاً، بل وتشكيل قاعدة وعي هادئة تُمثل له جدار ممانعة أو مقاومة لأفكار الهدم السلبية في العالم.
إن ارتباط هذا المشروع بقطر حقق لها حضوراً مميزاً، وهو يحتاج بالفعل أن يكون تحت مؤسسة مستقلة، تُبحر بها إلى كل سواحل وجغرافيا الطفولة العربية، وهنا سيكون هذا المشروع ذا أهمية بالغة، لفكرة الدولة المركزية في المواكبة العالمية، لكنها ليست مواكبة تقليد للفاسد، الذي تبثه قنوات التوحش التكنولوجي، أو المادية الإلحادية، وإنما مزرعة قيم، تبني عند الطفل العربي أخلاقيات سلوك وتعامل راقٍ، مع بيئته ومع كل أسرة الأرض.
إننا هنا نعرضُ مفهومنا الإنساني للعالم، وهو مفهوم يعتمد القيم الإسلامية ليس للمسلمين فحسب، بل للأسرة الإنسانية، وحين تكون منظومة القيم واضحة في دلالتها، لاحترام روح الطفل والأسرة، ستكون قبلةً للأسرة العربية، بغضّ النظر عن الانتماء الديني والمذهبي، ثم من هذه الركيزة تحديداَ، ينطلق إلى فضاء لغات العالم، لتكون مساهمتنا العربية الإسلامية، تعتمد قاعدة حقوق الطفل أولاً، لحماية ضميره وعقله وجسده معاً، فمن يهدم روح الطفل لن ينقذ جسده.