+ A
A -
كان عبدُ الله بن عُمر بن الخطاب شاباً أعزبَ ينامُ في المسجد، وكان الرَّجُلُ من الصحابةِ إذا رأى الرؤيا قصَّها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فتمنَّى عبد الله أن يرى رؤيا ليقُصها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وذات ليلة وهو نائم رأى في منامه أن ملكين أخذاه وذهبا به إلى النارِ فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وفيها ناس قد عرفهم، فجعل يقول: أعوذ باللهِ من النار، أعوذ باللهِ من النار! ثم استيقظ من نومه!
ولما كان الصَّباح قصَّ رؤياه على أُخته حفصة، فقصَّتها حفصةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: «نِعمَ الرَّجُلُ عبد الله لو كان يقوم الليل»!
فلم يتركْ عبدُ الله بن عُمر القيامَ حتى مات!
وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه: «نِعمَ الرَّجُلُ خُريم الأسدي لولا طول جُمته/‏شعره وإسبال إزاره»!
فبلغَ ذلك خُزيماً، فأخذ على الفور شفرةً وقطع جُمَّتَه إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه!
كان يكفي أحدهم أن يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نِعمَ الرَّجُلُ فُلان لو يفعل كذا وكذا، فكان على الفور يلتزم الأمر ولا يتركه ما دام على قيد الحياة!
يقومُ عبدُ الله بن عُمر الليلَ طوال عمره، ويقطعُ خُريمٌ جُمَّتَه ويرفعُ إزارَه، وقيامُ الليلِ نافلةٌ، وإصلاحُ الشَّعْرِ شأنٌ من شؤون المظهر، فقط لأن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم تمنَّى فعلاً!
فهل فعلنا نحن الفرائض فقط لأنه تمنى؟!
هل حاسبْنا أولادنا على الصلاةِ كما نُحاسبهم على الدروس وعلاماتِ الامتحانات؟!
هل أمرْنا بناتنا بالحجاب كما نأمُرهنَّ بالجدِّ والاجتهادِ والتحصيلِ في المدارس؟!
هل برَرْنا آباءنا وأمهاتِنا لأن الأب أوسط أبواب الجنة، ولأن الجنة تحت أقدام الأمهات؟!
هل وصلْنا أرحامنا لأن الرَّحِمَ مُعلقةٌ بالعرش فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله؟!
هل أحسنَّا إلى جيراننا لأن جبريل ما زال يُوصي بالجارِ حتى ظنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه سيُورِّثه؟!
تخيَّلوا أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاء إلى بيت أحدكم فجأة، تُرى ما الذي سيُعجبه إذا شاهده، وما الذي سيُزعجه!
ثابروا على ما تظنون أنه سيُعجبه، وأصلِحوا ما تظنون أنه سيُزعجه، هكذا فقط يستحق أحدُنا نِعمَ الرَّجُلُ، ونِعمَ المرأة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
06/12/2020
4476