يعقوب العبيدلي
جلنا يحب الابتسام، والضحك والترفيه عن النفس، كما أن الضحك يطرد الطاقة السلبية من أجسادنا، ويقوي الضحك عضله القلب، وينصح الاطباء في أهميته للحفاظ على البشرة ونضارتها، الفكاهة من الآداب الشائقة والماتعة، فهي نزهة النفس وربيع القلب، ومجلب الراحة، والسرور، ولا يمكن أن نتصور الدنيا من دون فكاهة، أو نتصور الحياة عابسة، إن الحياة بغير ضحك، وكما جاء في الأثر: (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلّت عميت)، والفكاهة عندنا حاضرة، ولها رسالة ومعان وحالات كثيرة، ممكن أن تكون رسالة نقدية إصلاحية، تصريحًا أو تلميحًا، على شكل نكتة أو أبيات شعر، ومن خصائص أدب الفكاهة الخفة والظرافة، ويشترط في صاحبها أن يكون ذكياً، متمكناً من ادواته، ويمتاز بنظره الثاقب، وبموهبته التي تضفي عليه خفة ولطفاً، فتأتي فكاهته أو أبياته الشعرية، لبقة غير مصطنعة، تفيض بالعذوبة والواقعية، السطور المدحرجة.
اليوم أبيات خفيفة لطيفة تعد من النوادر الطريفة الجالبة للابتسام بالعنوان أعلاه، من كتابات أستاذنا وصديقنا نصر الدين نعّال ابن حلب البار، الذي ذكرني بفكاهة الكباب وجحا، عندما اشتهت نفس جحا اكل الكباب، اشترى نصف كيلو من اللحم فعلا، وسأل احد الطباخين عن طريقه إعداد الكباب، فكتب له ورقة يشرح فيها الطريقة بالتفصيل، أمسك الورقة في يد، واليد الأخرى اللحم، واستئناف سيرة للمنزل تجاه بيته، وهو يحلم بالأكل والكباب، وفجاه انقض عليه طير خطف منه اللحم وطار به، نظر إليه بغيظ شديد ثم ابتسم، وراح يلوح للطير بالورقة ويقول: لقد أخذت اللحم يا غبي ولكن ورقة صنع الكباب معي، فماذا ستفعل باللحم من دون الورقة ؟ ههههه، ويبدو أن معلمنا القدير له من الوقفات والابتسامات والمضحكات والمبكيات الشيء الكثير، ربما عرضناها لكم في المرات القادمة، يقول ابن مدينة حلب البار:
ألا ليت الكباب يعود يوماً، فأخبره بما فعل العديس، وأذرف دمعتي شوقاً إليه، وأطلق صرختي بعد الحبيس، موائدنا بها نقص أليم، إلى من كان في السفرة الرئيس، روائحه تنادي كل ضيف، ألا يا مرحباً ضيف الخميس، وها قد أصبحت جوعى البطون، تقرقع لا ترى غير اليبيس، ألا من عودة من بعد هجر، إلى أكل اللحوم مع الحميس، وهل من دخنة من سطح بيتي، تداعى نحوها كل البسوس، كفاك توهماً شوقاً وحلماً، فجيبك فاقد كل الفلوس، فغض الطرف عن حلم وعدد، على الأسماع منفعة العديس، وعلى الخير والمحبة نلتقي.