+ A
A -
كان مُعاذ بن جبل يُصلي مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجد، ثم يأتي قومه فيُصلي بهم إماماً، وفي إحدى صلواته بدأ يقرأ بسورة البقرة، فدخل في الصلاة خلفه الصحابي حرام بن ملحان، وهو يُريدُ أن يُصلي ثم يذهب إلى بستانه ليسقي نخله، فلما أطال معاذٌ في القراءة، تركه حرام بن ملحان وصلَّى وحده ثم انصرفَ إلى بستانه ليعمل فيه وإلى نخله فيسقيه، فلما انتهى مُعاذ من الصلاة أُخبِر بما كان من حرام بن ملحان، فقال: هو مُنافق!
وعلمَ حرام بن ملحان بمقولة مُعاذ بن جبل عنه، فأتى النبيَّ صلّّى الله عليه وسلَّم يشكو إليه مُعاذاً، فإذا معاذٌ عنده! فقال: يا نبيَّ اللهِ، أردتُ أن أسقي نخلي، فدخلتُ المسجد لأُصلي أولاً، فلما أطال معاذٌ الصلاة، تجوَّزتُ في صلاتي، فلحقتُ بنخلي أسقيه، فزعمَ أني مُنافق!
فالتفتَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى مُعاذ وقال له: أفتَّانٌ أنتَ يا مُعاذ؟! لا تُطوِّل بهم، ولكن اقرأْ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحوها!
مُعاذ بن جبل أعلمُ الأمة بالحلال والحرام كما قال عنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان منه هذا الموقف، هذا لنعلمَ أنه لا معصوم في هذه الأُمة إلا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ لكل عالِمٍ هفوة، ولكل جواد كبوة، والإنصاف يقتضي أن لا نُذهبَ كل تاريخ العلماء والأفاضل أدراج الرياح إذا ما صدر منهم الخطأ، فالصالح ليس نبياً نهاية المطاف!
نعم أخطأ مُعاذ حين اتَّهم حراماً في دينه، ولكن أكثر خطأ من مُعاذٍ هو ذاك الذي حملَ إلى حرامٍ مقولة مُعاذٍ عنه! علينا أن لا نكون رُسَلَ إبليس، وأن لا نمشي بالنميمة بين الناس، وقد كان حرامُ عاقلاً فراجعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في شأن مُعاذ، ولكن ماذا لو أنه واجهه، وتطوَّر الأمر، فأمِيتوا الباطل بعدم ذِكره، ولا تحملوا إلا الخير، ودعوا مقولات الآخرين بالسوء عن آخرين تنتهي عندكم!
إذا أراد الإنسان أن يُصلي لوحده فليُطِلْ ما شاء، ولكن من أراد أن يُصلي بالناس فعليه أن يرفق بهم ويُخفف عنهم، ففيهم المريض، والضعيف، وصاحب المتجر الذي أغلقه ريثما يعود، ومن عنده عمل أو موعد أو تنتظره عائلته في السيارة!
وما يُقال عن الصلاة يُقال عن خطبة الجمعة، وقد كثُر الخُطباء الذين إذا صعدوا المنابر حبسوا الناس، فتراهم يخرجون من موضوع ليدخلوا في آخر، مع أن الكلام يُنسي بعضه بعضاً، وقصر الخطبة جزء من فقه الخطيب، فيا أيها العلماء الأفاضل ترفقوا بالناس!بقلم: أدهم شرقاوي
وعلمَ حرام بن ملحان بمقولة مُعاذ بن جبل عنه، فأتى النبيَّ صلّّى الله عليه وسلَّم يشكو إليه مُعاذاً، فإذا معاذٌ عنده! فقال: يا نبيَّ اللهِ، أردتُ أن أسقي نخلي، فدخلتُ المسجد لأُصلي أولاً، فلما أطال معاذٌ الصلاة، تجوَّزتُ في صلاتي، فلحقتُ بنخلي أسقيه، فزعمَ أني مُنافق!
فالتفتَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى مُعاذ وقال له: أفتَّانٌ أنتَ يا مُعاذ؟! لا تُطوِّل بهم، ولكن اقرأْ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحوها!
مُعاذ بن جبل أعلمُ الأمة بالحلال والحرام كما قال عنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان منه هذا الموقف، هذا لنعلمَ أنه لا معصوم في هذه الأُمة إلا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ لكل عالِمٍ هفوة، ولكل جواد كبوة، والإنصاف يقتضي أن لا نُذهبَ كل تاريخ العلماء والأفاضل أدراج الرياح إذا ما صدر منهم الخطأ، فالصالح ليس نبياً نهاية المطاف!
نعم أخطأ مُعاذ حين اتَّهم حراماً في دينه، ولكن أكثر خطأ من مُعاذٍ هو ذاك الذي حملَ إلى حرامٍ مقولة مُعاذٍ عنه! علينا أن لا نكون رُسَلَ إبليس، وأن لا نمشي بالنميمة بين الناس، وقد كان حرامُ عاقلاً فراجعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في شأن مُعاذ، ولكن ماذا لو أنه واجهه، وتطوَّر الأمر، فأمِيتوا الباطل بعدم ذِكره، ولا تحملوا إلا الخير، ودعوا مقولات الآخرين بالسوء عن آخرين تنتهي عندكم!
إذا أراد الإنسان أن يُصلي لوحده فليُطِلْ ما شاء، ولكن من أراد أن يُصلي بالناس فعليه أن يرفق بهم ويُخفف عنهم، ففيهم المريض، والضعيف، وصاحب المتجر الذي أغلقه ريثما يعود، ومن عنده عمل أو موعد أو تنتظره عائلته في السيارة!
وما يُقال عن الصلاة يُقال عن خطبة الجمعة، وقد كثُر الخُطباء الذين إذا صعدوا المنابر حبسوا الناس، فتراهم يخرجون من موضوع ليدخلوا في آخر، مع أن الكلام يُنسي بعضه بعضاً، وقصر الخطبة جزء من فقه الخطيب، فيا أيها العلماء الأفاضل ترفقوا بالناس!بقلم: أدهم شرقاوي