كثير من الناس ينسون كل النعم والإيجابيات بحياتهم في مقابل موقف سلبي صغير يحصل معهم. فترى أحدهم يغضب بشدة ويدمر يومه بأكمله لمجرد أن شخصاً آخر تجاوز سيارته بطريقة غير صحيحة، أو لأنه اضطر للانتظار بعض الوقت حتى تفتح إشارة المرور، أو لأن أحد العملاء وجه إليه ملاحظة بسيطة، أو غير ذلك من أشياء كان يمكن أن تمر مرور الكرام لولا أنه صب كل تركيزه على الموقف السلبي البسيط الذي تعرض له.
ويندرج ذلك تحت ما يسمى بالتعميم وتضخيم الأمور، حيث نميل بطبيعتنا البشرية إلى التركيز في كثير من الأحيان بصورة مبالغ فيها على الأحداث السلبية مهما كانت تافهة وبسيطة، في الوقت الذي نتجاهل فيه الجوانب الإيجابية في حياتنا.
إن هذا الأمر الذي يحدث مع الغالبية العظمى من البشر أشبه بموقف شخص حصل لتوه على مكافأة مادية مجزية تقديراً لجهوده وإسهاماته في العمل، ثم بعد ذلك بدقائق معدودات وهو يمشي عائداً إلى مكتبه، إذ بشخص آخر يصطدم به دون قصد، فيدخل في نوبة غضب وينسى على الفور أنه منذ وقت قصير جداً كان في قمة السعادة.
إذا تأملت في حياتك جيداً، وجلست لتعدّد الأشياء الإيجابية فيها، فإنك على الأغلب ستجد كل يوم ما لا يقل عن 10 نعم وعطايا كونية متنوعة. فلماذا تعكر صفو أيامك بالتأثر بمواقف سلبية لا تشكل سوى جزءاً بسيطاً من مجموع النعم التي تتمتع بها!
إن قانون التركيز ينص على أن ما تركز عليه يزداد ويتوسع. وعليه، فإن تركيزك على الإيجابيات يزيد حضورها في واقعك، بينما إذا بقيت تولي أدنى موقف سلبي تتعرض له جلّ اهتمامك وطاقتك، فإنك بذلك تحرم نفسك من القدرة على الاستمتاع بما لديك، وتزيد عمق المشكلات، وتساهم دون وعي منك في زيادة المواقف السلبية التي تتعرض لها.
إن الواقع الذي تعيشه ليس سوى انعكاساً لما تفكر فيه وتشعر به. لهذا ترى أشخاصاً أشبه بالمغناطيس يجذبون إلى واقعهم كل شيء جميل، وكأنهم خلقوا بقوى سحرية تجتذب كل خير إلى حياتهم. وآخرون على النقيض منهم، حيث تشعر وكأن الواحد فيهم مشؤوم، لا يستقطب إلى حياته سوى الويلات وخيبات الأمل.
صحيح أن هناك العديد من الأحداث التي تحصل دون تدخل منا ورغماً عن إرادتنا، ولا نملك أن نغير فيها شيئاً، لكن بإمكاننا على الدوام أن نختار ردة فعلنا عليها. وبالتأكيد فإن استجابتنا بطريقة إيجابية تجاه الأمر الواقع أمر مهم جداً في تخطي أي عقبة وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترضنا.
فلا تدع حدثاً تافهاً أو موقفاً بسيطاً يسرق السعادة من بين أحضانك، ولا تسمح لأي شخص أيّاً كان أن يفسد يومك بتعليق جارح أو تصرف مسيء، ولا تتح المجال لأي إزعاج سخيف أن يؤثر فيك ويجعلك تنسى النعم التي تحظى بها. كن ممتنّاً دائماً على الصحة والأسرة المتحابة والوظيفة الجيدة والوضع المادي المقبول. فقبولك للواقع كما هو بحلوه ومره، وتقبلك لأي حدث سلبي في حياتك بصدر رحب وإيجابية وصبر، سيكون له أثر بالغ في جعلك إنساناً ناجحاً وسعيداً، وقادراً في الوقت ذاته على إسعاد الآخرين من حوله. فانظر إلى الجوانب الإيجابية من الحياة، ولا تدعها تفلت من بين يديك.