+ A
A -
كان للزبير بن العوام أرضٌ في أطرافِ المدينةِ المنورةِ فيها نخلٌ يسقيه من ساقية ماءٍ تمرُّ في أرضه، ثم في أرضِ جارٍ له من الأنصار. فشكا الأنصاريُّ الزُبير إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الماء يتأخَّر ليصله.
فقال النبيُّ للزبير: اسقِ يا زُبير ثم أرسِلْ الماء إلى جارك.
فغضبَ الأنصاريُّ وقال: ألأنَّ الزبير ابن عمتكَ؟!
فتلوَّنَ وجهُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قال: اسقِ يا زُبير، ثم احبسْ الماءَ حتى يرجع إلى الجَدْرِ!
الساقيةُ تمرُّ في أرضِ الزُبير أولاً، والمنطقُ والعُرفُ الزراعيُّ يقضي أن يسقيَ الزبير نخيله أولاً حتى يرتوي، ثم يُرسل الماء إلى جاره، ولكن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم طلبَ من الزُبير أول الأمر أن يسقيَ شيئاً يسيراً، ثم يُرسل الماء إلى جاره، فإذا سقى جاره عادَ الزُبير وأكمل، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذَ من حق ابن عمته الزُبير بخلاف العُرف ليُرضيَ الأنصاري لِعِلْمِهِ أنَّ الزُبير سيُطيعه ولو قضى له بحقه ناقصاً تأليفاً للقُلوب، ولكن المصيبة هي أن الأنصاري لم يرضَ رغم هذا، وبلغتْ به قلة الأدب أن يتَّهمَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمُحاباةِ ابن عمته، عند ذلك قضى بالحُكمِ والعُرف دون مُراعاة للمشاعر، الحقُّ أن يسقيَ الزبيرُ أرضه كلها حتى إذا ارتوتْ فاضَ الماءُ إلى أرضِ الأنصاري!
يُعلِّمُنا النبيُّ صلِّى الله عليه وسلَّم درساً عظيماً في فضِّ النزاعات، وهو «الحل الوسط» الذي يقوم على الأخلاق لا على القانون! فالقانونُ واضحٌ وهو في صف الزُبير، ولكن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم راعى أدب الجيرة، وتأليف القلوب، فأعطى الزُبير بعض حقه، وأعطى الأنصاري حقاً ليس له، لأن ظنه بالزُبير أنّه مع كسبِ القلوبِ لا مع كسبِ المواقفِ، ولكن بعض الناس على قول العجائز: رضينا بالبين والبين ما رضي فينا!
في المشاكل التي تدخلُ بها حَكَماً، لا بأس أن تأخذَ من حقِّ من تعرف دِينه وكرمه وحسن أصله، لتُعطي خصمه لتُصلح النزاع وتفُضَّ الخلاف، لأنَّ استمرار العلاقات والإلفة بالتنازل، أفضل من قطعها بالقانون، أما إذا وصلَ الأمرُ لطريقٍ مسدودٍ فليأخذ القانون مجراه!
كان في الجاهليةِ رجلٌ يقضي في الخصوماتِ بين الناس، يقصدونه من أرجاءِ جزيرة العرب، وكان له ابن وحيد ليس له غيره، وفي يومٍ من الأيام لاحظَ الابنُ بعضَ الحزنِ بادياً على وجه أبيه، فسأله عن السبب، فأخبره أنه حزين لأنه صارَ طاعناً في السِّن وأن الناس بعد موته لن تقصدَ بيته لحل النزاعات.
فقال له الابن: أنا أقضي بينهم مكانك!
فقال له الأب: إذا جاءك كريم وبخيل في خصام ماذا تفعل؟
قال: آخذ من حصة الكريم وأُعطي البخيل وأُصلحُ بينهما.
فقال له: إذا جاءك بخيلان ماذا تفعل؟
قال: أدفعُ من جيبي وأُصلح بينهما.
فقال له: إذا جاءك كريمان ماذا تفعل؟
فقال: يا أبتِ كريمان لا يحتاجان حكماً بينهما!
فرحَ الأبُ بجواب ابنه، وقال: هذا البيتُ لن يُغلقَ بموتي!بقلم: أدهم شرقاوي
فقال النبيُّ للزبير: اسقِ يا زُبير ثم أرسِلْ الماء إلى جارك.
فغضبَ الأنصاريُّ وقال: ألأنَّ الزبير ابن عمتكَ؟!
فتلوَّنَ وجهُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قال: اسقِ يا زُبير، ثم احبسْ الماءَ حتى يرجع إلى الجَدْرِ!
الساقيةُ تمرُّ في أرضِ الزُبير أولاً، والمنطقُ والعُرفُ الزراعيُّ يقضي أن يسقيَ الزبير نخيله أولاً حتى يرتوي، ثم يُرسل الماء إلى جاره، ولكن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم طلبَ من الزُبير أول الأمر أن يسقيَ شيئاً يسيراً، ثم يُرسل الماء إلى جاره، فإذا سقى جاره عادَ الزُبير وأكمل، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذَ من حق ابن عمته الزُبير بخلاف العُرف ليُرضيَ الأنصاري لِعِلْمِهِ أنَّ الزُبير سيُطيعه ولو قضى له بحقه ناقصاً تأليفاً للقُلوب، ولكن المصيبة هي أن الأنصاري لم يرضَ رغم هذا، وبلغتْ به قلة الأدب أن يتَّهمَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمُحاباةِ ابن عمته، عند ذلك قضى بالحُكمِ والعُرف دون مُراعاة للمشاعر، الحقُّ أن يسقيَ الزبيرُ أرضه كلها حتى إذا ارتوتْ فاضَ الماءُ إلى أرضِ الأنصاري!
يُعلِّمُنا النبيُّ صلِّى الله عليه وسلَّم درساً عظيماً في فضِّ النزاعات، وهو «الحل الوسط» الذي يقوم على الأخلاق لا على القانون! فالقانونُ واضحٌ وهو في صف الزُبير، ولكن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم راعى أدب الجيرة، وتأليف القلوب، فأعطى الزُبير بعض حقه، وأعطى الأنصاري حقاً ليس له، لأن ظنه بالزُبير أنّه مع كسبِ القلوبِ لا مع كسبِ المواقفِ، ولكن بعض الناس على قول العجائز: رضينا بالبين والبين ما رضي فينا!
في المشاكل التي تدخلُ بها حَكَماً، لا بأس أن تأخذَ من حقِّ من تعرف دِينه وكرمه وحسن أصله، لتُعطي خصمه لتُصلح النزاع وتفُضَّ الخلاف، لأنَّ استمرار العلاقات والإلفة بالتنازل، أفضل من قطعها بالقانون، أما إذا وصلَ الأمرُ لطريقٍ مسدودٍ فليأخذ القانون مجراه!
كان في الجاهليةِ رجلٌ يقضي في الخصوماتِ بين الناس، يقصدونه من أرجاءِ جزيرة العرب، وكان له ابن وحيد ليس له غيره، وفي يومٍ من الأيام لاحظَ الابنُ بعضَ الحزنِ بادياً على وجه أبيه، فسأله عن السبب، فأخبره أنه حزين لأنه صارَ طاعناً في السِّن وأن الناس بعد موته لن تقصدَ بيته لحل النزاعات.
فقال له الابن: أنا أقضي بينهم مكانك!
فقال له الأب: إذا جاءك كريم وبخيل في خصام ماذا تفعل؟
قال: آخذ من حصة الكريم وأُعطي البخيل وأُصلحُ بينهما.
فقال له: إذا جاءك بخيلان ماذا تفعل؟
قال: أدفعُ من جيبي وأُصلح بينهما.
فقال له: إذا جاءك كريمان ماذا تفعل؟
فقال: يا أبتِ كريمان لا يحتاجان حكماً بينهما!
فرحَ الأبُ بجواب ابنه، وقال: هذا البيتُ لن يُغلقَ بموتي!بقلم: أدهم شرقاوي