+ A
A -
مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةما الذي يمكن أن يطرح كتصورات استراتيجية لمحاولة إنقاذ ما تبقى من منظومة الأمن القومي للخليج العربي، وعبر تفعيل مختلف لمظلة مجلس التعاون الخليجي؟ بالطبع ما كان هذا السؤال ليُطرح لولا التغير النوعي لفرص انفراج الأزمة الخليجية، الذي يخوض ولادة عسيرة.
فقبل ذلك، تحتاج الأجواء المحتقنة إلى فترة تختبر فيه موقفها، وبالذات في الملفات الأمنية والسرية التي استُخدمت في ذروة الأزمة.
لكن السؤال هنا أن هذا البيت الخليجي المتصدع، لم يُعلن بعد نهاية أزمته، وإن تم ذلك في الأيام المقبلة، فإن جسم المجلس غير مؤهل لطرح أي منظومة للأمن القومي، إلا لو كان هناك موقف مشترك، لصالح التوازن الذي يحتاجه الأمن القومي للخليج العربي، خارج استخدامه كضغط أميركي.
ولذلك يبرز هنا ملف ملح، وهو واقع الاشتباك الإقليمي القائم مع إيران، فلا تزال التدخلات الإيرانية الواسعة، في المنطقة تؤثر على استقرار المشرق العربي، وعلى ما تبقّى من أمن قومي للخليج، هدمته حماقة الأزمة الخليجية.
وفي ذات الوقت، فلا مشروع ترامب في التصعيد العشوائي، على إيران الذي سيظل منضبطا بحدود، ولن يتقدم للمراهنة باقتلاع نفوذها، من العراق ولا سوريا ولا لبنان، ولا ايضاً في العودة، إلى مشروع أوباما والاتفاق النووي الأوروبي الأميركي المشترك مع طهران، ففي كل تلك الحسابات لم تبرز مصالح للخليج العربي، بسبب تفرقه وسلبية تعاطيه، وصراعاته الداخلية، حتى قبل الأزمة.
وهنا ما نطرحه هو البحث عن المقترح، الذي يخلق وجوداً وحضوراً، خليجياً مستقلاً، يعكس مصالحه، وإن نسق بالضرورة مع الأميركيين وأوروبا، والأمم المتحدة، ويبرز ملف اليمن كأولوية ممكن أن يُحقق فيها موقف خليجي موحّد، وبالذات عبر تنسيق بين مسقط والدوحة والرياض، لتحول نوعي، يقوم على ثلاثة أهداف، هو في ختامه ضرورة إنسانية لمستقبل اليمن، ولشعبها وجرحه النازف:
1 - وقف الحرب وإخراج الشعب من دورة هذا الصراع المر المدمر.
2 - وقف الهيمنة التي لم تحسم للإيرانيين، وحسم الإيرانيين لن يُقدم أي استقرار لصالح اليمن، بل سيبقى التمزق، فتحويل اليمن إلى إمارة طائفية، لن يصنع بنية دولة، وفي المقابل تراجعت قيم الإنسان والعروبة والتقدم المدني، الذي اختطه الكفاح اليمني على مدى عقود، وكان يتنظر حلم الدولة المدنية المستقرة، المؤمنة بقيمها الإسلامية وتقدمها الحقوقي.
3 - صناعة جسر تفاعل مباشر مع إيران بدون التدخل الغربي، لتفصيل اتفاق مارشال سياسي واقتصادي، يقنعها بالقبول بانسحاب من اليمن، يسمح لها بوجود سياسي بحكم مرجعية الحركة الحوثية لها، والتي تبسط نفوذا قويا على الأرض، ويُنفّذ المقترح في إطار سياسي تحت غطاء الأمم المتحدة، ولكن القوة هنا، في وجود تفاهم بين مسقط والرياض والدوحة لضمان هذا العبور.
وهنا لا يمكن تحقيق المصالح السياسية للشعب، الذي يخدم استقراره أيضاً، مصلحة الخليج العربي، دون قوة تدافع سياسية ذات إمكانية عسكرية، ودون التوسع في المعارك، ولا استئناف الحرب.
وسنلاحظ هنا أن توحيد موقف الحكومة الشرعية، مع المجلس الانتقالي في الجنوب، ممكن أن يتحول لمصلحة مشتركة للجميع، لكن مع ضرورة الخروج من اللعبة الطفولية حول اخوان اليمن، الذين هم جزءٌ من نسيج الشعب مدنياً وعشائرياً، والوصول إلى حكم ذاتي، وحتى تصويت عن طبيعة الحكم لأقاليم الجنوب، بعد مرحلة زمنية، في اتفاق سلام مع الحكومة الشرعية، هو مدخل توافق ممكن.
غير أن هذا الأمر ينتظر بلا أدنى شك، موقف القوة الأولى في الجنوب وهي أمارة إبو ظبي، وبالتالي تقوم الرعاية الخليجية، على عناصر قوية على الأرض، تتفاهم مع طهران من موقع قوة، والتي تخرج عبرها الدول الضحية من الحروب، بهذه التوافقات، ويبقى بعد ذلك حق الشعب اليمني، بكل توجهاته، في صناعة مستقبله السياسي الجديد، بالتدافع السياسي لا الحربي الدامي.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةما الذي يمكن أن يطرح كتصورات استراتيجية لمحاولة إنقاذ ما تبقى من منظومة الأمن القومي للخليج العربي، وعبر تفعيل مختلف لمظلة مجلس التعاون الخليجي؟ بالطبع ما كان هذا السؤال ليُطرح لولا التغير النوعي لفرص انفراج الأزمة الخليجية، الذي يخوض ولادة عسيرة.
فقبل ذلك، تحتاج الأجواء المحتقنة إلى فترة تختبر فيه موقفها، وبالذات في الملفات الأمنية والسرية التي استُخدمت في ذروة الأزمة.
لكن السؤال هنا أن هذا البيت الخليجي المتصدع، لم يُعلن بعد نهاية أزمته، وإن تم ذلك في الأيام المقبلة، فإن جسم المجلس غير مؤهل لطرح أي منظومة للأمن القومي، إلا لو كان هناك موقف مشترك، لصالح التوازن الذي يحتاجه الأمن القومي للخليج العربي، خارج استخدامه كضغط أميركي.
ولذلك يبرز هنا ملف ملح، وهو واقع الاشتباك الإقليمي القائم مع إيران، فلا تزال التدخلات الإيرانية الواسعة، في المنطقة تؤثر على استقرار المشرق العربي، وعلى ما تبقّى من أمن قومي للخليج، هدمته حماقة الأزمة الخليجية.
وفي ذات الوقت، فلا مشروع ترامب في التصعيد العشوائي، على إيران الذي سيظل منضبطا بحدود، ولن يتقدم للمراهنة باقتلاع نفوذها، من العراق ولا سوريا ولا لبنان، ولا ايضاً في العودة، إلى مشروع أوباما والاتفاق النووي الأوروبي الأميركي المشترك مع طهران، ففي كل تلك الحسابات لم تبرز مصالح للخليج العربي، بسبب تفرقه وسلبية تعاطيه، وصراعاته الداخلية، حتى قبل الأزمة.
وهنا ما نطرحه هو البحث عن المقترح، الذي يخلق وجوداً وحضوراً، خليجياً مستقلاً، يعكس مصالحه، وإن نسق بالضرورة مع الأميركيين وأوروبا، والأمم المتحدة، ويبرز ملف اليمن كأولوية ممكن أن يُحقق فيها موقف خليجي موحّد، وبالذات عبر تنسيق بين مسقط والدوحة والرياض، لتحول نوعي، يقوم على ثلاثة أهداف، هو في ختامه ضرورة إنسانية لمستقبل اليمن، ولشعبها وجرحه النازف:
1 - وقف الحرب وإخراج الشعب من دورة هذا الصراع المر المدمر.
2 - وقف الهيمنة التي لم تحسم للإيرانيين، وحسم الإيرانيين لن يُقدم أي استقرار لصالح اليمن، بل سيبقى التمزق، فتحويل اليمن إلى إمارة طائفية، لن يصنع بنية دولة، وفي المقابل تراجعت قيم الإنسان والعروبة والتقدم المدني، الذي اختطه الكفاح اليمني على مدى عقود، وكان يتنظر حلم الدولة المدنية المستقرة، المؤمنة بقيمها الإسلامية وتقدمها الحقوقي.
3 - صناعة جسر تفاعل مباشر مع إيران بدون التدخل الغربي، لتفصيل اتفاق مارشال سياسي واقتصادي، يقنعها بالقبول بانسحاب من اليمن، يسمح لها بوجود سياسي بحكم مرجعية الحركة الحوثية لها، والتي تبسط نفوذا قويا على الأرض، ويُنفّذ المقترح في إطار سياسي تحت غطاء الأمم المتحدة، ولكن القوة هنا، في وجود تفاهم بين مسقط والرياض والدوحة لضمان هذا العبور.
وهنا لا يمكن تحقيق المصالح السياسية للشعب، الذي يخدم استقراره أيضاً، مصلحة الخليج العربي، دون قوة تدافع سياسية ذات إمكانية عسكرية، ودون التوسع في المعارك، ولا استئناف الحرب.
وسنلاحظ هنا أن توحيد موقف الحكومة الشرعية، مع المجلس الانتقالي في الجنوب، ممكن أن يتحول لمصلحة مشتركة للجميع، لكن مع ضرورة الخروج من اللعبة الطفولية حول اخوان اليمن، الذين هم جزءٌ من نسيج الشعب مدنياً وعشائرياً، والوصول إلى حكم ذاتي، وحتى تصويت عن طبيعة الحكم لأقاليم الجنوب، بعد مرحلة زمنية، في اتفاق سلام مع الحكومة الشرعية، هو مدخل توافق ممكن.
غير أن هذا الأمر ينتظر بلا أدنى شك، موقف القوة الأولى في الجنوب وهي أمارة إبو ظبي، وبالتالي تقوم الرعاية الخليجية، على عناصر قوية على الأرض، تتفاهم مع طهران من موقع قوة، والتي تخرج عبرها الدول الضحية من الحروب، بهذه التوافقات، ويبقى بعد ذلك حق الشعب اليمني، بكل توجهاته، في صناعة مستقبله السياسي الجديد، بالتدافع السياسي لا الحربي الدامي.