+ A
A -
لم تكن لحظة إحراق التونسي محمد البوعزيزي لنفسه مجرد لحظة عابرة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، فقد كانت لحظة كاشفة لمجتمعات مفرغة من مضمونها، وأجيال ضائعة لم تقدم لها الأنظمة الحاكمة ما تصبو إليه، فأشعلت انتفاضات امتدت من تونس إلى دول آخري بالمنطقة، تسقط أنظمة حاكمة ظلت في السلطة لعقود دون أن تفي بوعودها والتزاماتها، ومن ثم كانت هذه الحركات الاحتجاجية تعبيراً عن الرغبة في عقد اجتماعي جديد يكرس لنمط جديد من العلاقة بين السلطة والمواطنين تصوغ حياة أفضل، وتنتج نماذج جديدة للمجتمعات تتجاوز النماذج المأزومة التي ظلت راسخة لسنوات، وكانت السبب الرئيسي لاندلاع الانتفاضات. كان يتعين أن تؤسس هذه الانتفاضات لنموذج مغاير للدولة يتجاوز إشكاليات الماضي، لكنها تعثرت كثيراً، وبدلاً من تعزيز قدرات الدولة الوطنية، اتضح أنها كشفت عن هشاشة بنى ومؤسسات الدولة وكرست من الانتماءات الأولية والصراعات الداخلية.
إن نجاح المجتمعات العربية في تحقيق تحول من الثورة إلى سلام مستدام واستقرار، يتوقف على الانخراط في عملية تصالح وطني شامل وواسع.
ومن خلال التصالح الوطني تستطيع هذه المجتمعات تجنب حدوث حروب أهلية، واستمرار أو إعادة بناء الوحدة الوطنية، لكن الدول العربية تبدو على طريق الفشل، نتيجة الانكفاء باتجاه صراعات عرقية وطائفية مقيتة قادت إلى الصورة الراهنة حالكة السواد، وهي تعود في جانب رئيسي منها إلى غياب المشاركة السياسية الشعبية والتي لم تكن موجودة في ظل النظم الديكتاتورية السابقة، حيث القرارات تتم من أعلى لأسفل في ظل غياب تام للحوار والمشاركة المجتمعية.
باختصار فإن الشعوب العربية لم تكن جزءا من عقد اجتماعي تمثيلي حقيقي، كما لم يكن لهم كلمة في اختيار من سيتولى السلطة، لقد بدأ ذلك في فترة ما بعد الاستعمار حيث تقلد الحكام السلطويون الحكم مباشرة بعد حصول دولهم على الاستقلال.
وفجأة واجهت هذه الشعوب أسئلة أساسية حول طبيعة بلادهم لأول مرة، إنها الأسئلة المريرة التي قادت إلى كل مانرى اليوم، دون أن يكون في مقدور أي أحد تقديم إجابة شافية لمآلات هذه التداعيات، وهي خطيرة بالتأكيد.
بقلم : حسان يونس
إن نجاح المجتمعات العربية في تحقيق تحول من الثورة إلى سلام مستدام واستقرار، يتوقف على الانخراط في عملية تصالح وطني شامل وواسع.
ومن خلال التصالح الوطني تستطيع هذه المجتمعات تجنب حدوث حروب أهلية، واستمرار أو إعادة بناء الوحدة الوطنية، لكن الدول العربية تبدو على طريق الفشل، نتيجة الانكفاء باتجاه صراعات عرقية وطائفية مقيتة قادت إلى الصورة الراهنة حالكة السواد، وهي تعود في جانب رئيسي منها إلى غياب المشاركة السياسية الشعبية والتي لم تكن موجودة في ظل النظم الديكتاتورية السابقة، حيث القرارات تتم من أعلى لأسفل في ظل غياب تام للحوار والمشاركة المجتمعية.
باختصار فإن الشعوب العربية لم تكن جزءا من عقد اجتماعي تمثيلي حقيقي، كما لم يكن لهم كلمة في اختيار من سيتولى السلطة، لقد بدأ ذلك في فترة ما بعد الاستعمار حيث تقلد الحكام السلطويون الحكم مباشرة بعد حصول دولهم على الاستقلال.
وفجأة واجهت هذه الشعوب أسئلة أساسية حول طبيعة بلادهم لأول مرة، إنها الأسئلة المريرة التي قادت إلى كل مانرى اليوم، دون أن يكون في مقدور أي أحد تقديم إجابة شافية لمآلات هذه التداعيات، وهي خطيرة بالتأكيد.
بقلم : حسان يونس