سَرَقَتْ امرأةٌ من بني مخزوم، ورُفِعَ أمرُها إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاعترفتْ بفعلتِها، والاعترافُ سيِّدُ الأدِلة، والحُكم لا لبس فيه، فالنصُّ واضحٌ صريح، قطع اليد!
وحزِنَتْ قريشُ واغتمَّتْ لهذا، فبنو مخزوم فخذ عريق من قُريش في الجاهلية والإسلام، فأخذوا يبحثون عمَّن يشفعُ لها عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم اتَّفقوا أنه ليس لهذا الأمر إلا أُسامة بن زيد، حبيب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وابنه المُدلل الذي لم يلده، وكذلك كان أبوه من قبل! فجاؤوا إلى أُسامة وطلبوا منه الشفاعة، فذهبَ أُسامة إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وطلبَ منه أن يعفوَ عنها فلا يُقيم عليها الحدَّ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أتشفعُ في حدٍّ من حدود اللهِ يا أُسامة»؟ ثم قامَ، فصعدَ المنبر وقال: «إنما أَهلَكَ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحَدَّ، وأيمُ الله، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرقتْ لقطعتُ يدها»!
لو كنتُ من أهل الحديث، وأردتُ أن أجمعَ فضائل فاطمة رضي الله عنها، لجعلتُ هذا الحديث أول الأحاديث في فضائلها، فكأنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ليس على ظهر الأرض أحدٌ أحب إلىَّ من فاطمة! وهذا معنى واضح نستخدمه في حياتنا اليومية، تخيَّل أنك مُدرِّسٌ مثلاً، وجاءك من يطلبُ منك أن ترفعَ علامات طالب راسبٍ، فقلْتَ له: واللهِ لو أنَّ أُمي طلبَتْ مني أن أرفع علاماته ما رفعتها، أنتَ بهذا المعنى تقول: إنه لا أحد أحبُّ إليك من أمك! ولكنَّ الحقّ حق!
ما فسدَتْ البلادُ والبيوتُ إلا بسبب المُحاباة والواسطة وعقلية أنا من طرف فلان!
يُعلَنُ عن الوظائف، فيتقدَّمُ إليها الناس، من يستحقُّ ومن لا يستحقُّ، فتجدُ من يملك الشهادة الأكاديمية، والكفاءة المهنية، يدرسُ ويستعِدُّ ويُراجعُ، وينجحُ، ثم يأخذُ الوظيفة غيره الذي أتى من طرف فلان! وهذه ليستْ خدمة لا للأقل كفاءة، ولا للمُتنفِّد الذي توسَّط له، وإنما هي سرقة وغِش، سرقة حق إنسان كانتْ له الوظيفة، وغِشٌ للأمة بأسرها، فحين يتقلَّد المنصب من ليس لديه الكفاءة ليقوم به ينعكس هذا على الناس جميعاً، وكُلما كانت الوظيفة أرقى، كان أثرها السيئ أكبر، لأن الشريحة التي ستضرر منها أوسع!
قبل أن تطلب الواسطة، تذكر أنك خطوتَ الخطوة الأولى في سرقةِ حق إنسان آخر! فالسرقة ليست محصورة في أن تمدَّ يدك لتأخذ مال غيرك، كل حقٍّ ليسَ لكَ تسعى لأخذهِ بطرقٍ ملتويةٍ هو سرقة!
وقبلَ أن تَدُقَّ على صدركَ لتكون واسطةً لغيركَ تذكَّر أنك خطوتَ الخطوة الأولى في غِش الناس، فخدمةِ فردٍ واحدٍ على حساب أُمَّة جريمة وليستْ خدمة!
إن صلاح الأُمم يبدأ في أن يتولَّى المناصب الأكفأ، بدءاً بسائقي الباصات العمومية وانتهاءً بالوزراء والرؤساء! وإن انحطاط الأمم يبدأ عندما تبدأ الوساطات والمحسوبيات!
عندما يتساوى الناس أمام القانون، يُحاسَب القوي رغم قوته ويُنصَفُ الضعيف رغم ضعفه، عندما يُطبَّق مبدأ تكافؤ الفرص، فيتولَّى من يستحق، عندها فقط يمكن القول إننا صُرنا أُمَّة!بقلم: أدهم شرقاوي
وحزِنَتْ قريشُ واغتمَّتْ لهذا، فبنو مخزوم فخذ عريق من قُريش في الجاهلية والإسلام، فأخذوا يبحثون عمَّن يشفعُ لها عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم اتَّفقوا أنه ليس لهذا الأمر إلا أُسامة بن زيد، حبيب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وابنه المُدلل الذي لم يلده، وكذلك كان أبوه من قبل! فجاؤوا إلى أُسامة وطلبوا منه الشفاعة، فذهبَ أُسامة إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وطلبَ منه أن يعفوَ عنها فلا يُقيم عليها الحدَّ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أتشفعُ في حدٍّ من حدود اللهِ يا أُسامة»؟ ثم قامَ، فصعدَ المنبر وقال: «إنما أَهلَكَ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحَدَّ، وأيمُ الله، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرقتْ لقطعتُ يدها»!
لو كنتُ من أهل الحديث، وأردتُ أن أجمعَ فضائل فاطمة رضي الله عنها، لجعلتُ هذا الحديث أول الأحاديث في فضائلها، فكأنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ليس على ظهر الأرض أحدٌ أحب إلىَّ من فاطمة! وهذا معنى واضح نستخدمه في حياتنا اليومية، تخيَّل أنك مُدرِّسٌ مثلاً، وجاءك من يطلبُ منك أن ترفعَ علامات طالب راسبٍ، فقلْتَ له: واللهِ لو أنَّ أُمي طلبَتْ مني أن أرفع علاماته ما رفعتها، أنتَ بهذا المعنى تقول: إنه لا أحد أحبُّ إليك من أمك! ولكنَّ الحقّ حق!
ما فسدَتْ البلادُ والبيوتُ إلا بسبب المُحاباة والواسطة وعقلية أنا من طرف فلان!
يُعلَنُ عن الوظائف، فيتقدَّمُ إليها الناس، من يستحقُّ ومن لا يستحقُّ، فتجدُ من يملك الشهادة الأكاديمية، والكفاءة المهنية، يدرسُ ويستعِدُّ ويُراجعُ، وينجحُ، ثم يأخذُ الوظيفة غيره الذي أتى من طرف فلان! وهذه ليستْ خدمة لا للأقل كفاءة، ولا للمُتنفِّد الذي توسَّط له، وإنما هي سرقة وغِش، سرقة حق إنسان كانتْ له الوظيفة، وغِشٌ للأمة بأسرها، فحين يتقلَّد المنصب من ليس لديه الكفاءة ليقوم به ينعكس هذا على الناس جميعاً، وكُلما كانت الوظيفة أرقى، كان أثرها السيئ أكبر، لأن الشريحة التي ستضرر منها أوسع!
قبل أن تطلب الواسطة، تذكر أنك خطوتَ الخطوة الأولى في سرقةِ حق إنسان آخر! فالسرقة ليست محصورة في أن تمدَّ يدك لتأخذ مال غيرك، كل حقٍّ ليسَ لكَ تسعى لأخذهِ بطرقٍ ملتويةٍ هو سرقة!
وقبلَ أن تَدُقَّ على صدركَ لتكون واسطةً لغيركَ تذكَّر أنك خطوتَ الخطوة الأولى في غِش الناس، فخدمةِ فردٍ واحدٍ على حساب أُمَّة جريمة وليستْ خدمة!
إن صلاح الأُمم يبدأ في أن يتولَّى المناصب الأكفأ، بدءاً بسائقي الباصات العمومية وانتهاءً بالوزراء والرؤساء! وإن انحطاط الأمم يبدأ عندما تبدأ الوساطات والمحسوبيات!
عندما يتساوى الناس أمام القانون، يُحاسَب القوي رغم قوته ويُنصَفُ الضعيف رغم ضعفه، عندما يُطبَّق مبدأ تكافؤ الفرص، فيتولَّى من يستحق، عندها فقط يمكن القول إننا صُرنا أُمَّة!بقلم: أدهم شرقاوي