+ A
A -
انتهت الحرب الأميركية على الفلوجة، واجتاحتها سلطات الحكومة الموالية لإيران، وبالتالي أُخضعت المدينة للنفوذ الإيراني، وكل ما قيل عن قوات عشائرية لتحييد الحشد الطائفي لا صحة له، في الواقع السياسي، فالحكم المركزي اليوم والقوات الأمنية بمجملها، خاضعة لنفوذ إيران، كواقع سياسي تفرضه معادلة قائمة لا شك فيها.
وبالتالي محاولة تصوير أن اجتياح الفلوجة تحريراً من إرهابيي داعش لسلام وأمن سنة العراق، مقولة تسويق إعلامي خادعة، وهذا لا يُلغي أن داعش مارست أقصى درجات الإرهاب، على المجتمع السني العراقي، كما ارتكبت أعمال إرهاب شنيعة ضد الشيعة والسنة معاً، آخرها جريمة الكرادة، ولكن ما جرى ويجري، هو تفويج جديد لعمليات إرهابية للحشد الشيعي تصلَي من جديد المدنيين السنة.
وهناك فرق بين أن تعمل لمشروع مدني توافقي للضرورات لحماية المدنيين السنة، وتبذل ما تستطيعه من اجتهادات سياسية وعسكرية مستقلة واسعة، لتأمين سلامة الناس بعد انسحاب داعش، وبين أن تتورط في آلية الحرب والتوظيف الأميركي الإيراني لها، وتحمّل الناس تبعات الجرائم الكبرى التي يرتكبها انتقام داعش أو الحشد الطائفي.
هذا كان موقف أحد طرفي أزمة السُنة في العراق، والذي ختم موقفه بحادثة خطيرة للغاية، في قضية تأمين خادع للعبادي والجيش الأميركي، تنسحب بموجبه، قوافل لداعش غالبيتها الكبرى مدنيون وأطفال، ثم غدروا بهم، واستهدفهم القصف الأميركي والعشائري المساند، وهو ما اعترفت به واشنطن فيما بعد.
ووضع هذا الطرف العراقي السني السياسي في داخل العراق وخارجها تحت المسؤولية، بعد أن غطّى أو قبل بهذه المعركة باعتبار الواقع الكارثي على سنة العراق من إرهاب داعش، فالمدني مدني امرأة أو شيخا أعزل والطفل طفل، أكان من مدنيي داعش أو الحشد أو أي قوة مقاتلة، فالمبدأ لا يتجزأ.
أما الطرف الثاني الذي يمثل جماعات أو أجنحة متفرقة من حزب البعث العربي، وهو حزب قوي وتاريخي، ولم يسهل تذويبه مطلقا ولا سحقه، ولا تزال شراكته موضعا مهما لأي مشروع سياسي انتقالي للعراق، لكن بعد مراجعات وتصحيحات مرة ومؤلمة، والخروج من الإيمان بفكرة الاستبداد الحزبي وحقها الحصري.
مع شراكة لمجموعات عراقية، وتحالفات تم توظيفها إضافة لمجموعات عربية أخرى، خاصة في صوت تويتر الخليجي المخترق بصورة واسعة، لتطلق حملات ترويج نوعية، تتحول إلى اتجاه كارثي آخر، لم يبدأ بمعركة الفلوجة ولا خطة اقتحام الموصل، ولكن سبقها بفترة طويلة، وانتهى إلى دعم فكرة الشراكة الكارثية لبعض سنة العراق مع داعش، والتشكيك بكل معركة ونفي فرص انسحاب داعش وكشف الحاضن السني.
إن الخطأ الكبير لهذا التيار وحلفائه، يتكرر منذ مدة ولا يستفيد من التجارب القاسية، بل يستمر في الترويج لحملات داعش وحروبها. وحين ينسحب التنظيم، وتحل كارثة جديدة بالعراقيين، يفجّر جولة غضب وتحريض مجنونة، لا تنقذ ما تبقى من العراق ولا تؤسس لوعي عربي متزن، يفكّر بروح ومسؤولية في بلده لوقف الغلو المسلح الذي ينتج داعش، أو غيرها.
فيما يعجز هو عن خلق أي قوة وقدرة لردع إيران عن المستضعفين، وإنما تستثمر داعش صوته، لبنائها الإعلامي التجنيدي، وهذا لا يعني عدم أهمية فضح المشروع الإيراني الإرهابي وتقاطعه الغربي، لكن بلغة متوازنة تتمسك برفض الغلو والمساس بأي مدني من أي طائفة.

بقلم : مهنا الحبيل
copy short url   نسخ
07/07/2016
2837