يشكل نشر اللغة العربية وتعزيز الهوية الثقافية محورين أساسيين في المساعي التعليمية التي ترنو إليها مؤسسة قطر. ولتحقيق ذلك، يستخدم المعلمون في مؤسسة قطر أساليب تدريسية مبتكرة ويقومون بإطلاق مبادرات تحفز الطلاب على المشاركة في أنشطة تُعزز ارتباطهم بتراثهم الثقافي، وتطوير كفاءتهم اللغوية، وتطبيق ما يتعلمونه على أرض الواقع.

وبهذا السياق، يقول الدكتور محمد حسني، منسق اللغة العربية في أكاديمية قطر– السدرة، التابعة للتعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر: «نعتمد في تدريسنا للغة العربية على العديد من الأساليب لتعزيز الحصيلة اللغوية لدى طلابنا وتقوية ارتباطهم بتراثهم الثقافي، وفي مقدّمتها أن يتواصل المعلمون مع الطلاب باللغة العربية الفصحى، الأمر الذي يعمل على تطوير مهارات الاستماع لديهم، ومهارات التحدث بطلاقة».

ويضيف: «من بين هذه الأساليب، أسلوب «التعليم المتمايز» الذي يأخذ بعين الاعتبار تلبية الاحتياجات الفردية للطلاب، الأمر الذي يسمح لكل طالب بالتقدم وفقاً لمستواه الأكاديمي ويضمن حصوله على فرص تعلّم عادلة».

ويوضح الدكتور حسني أنه من بين المبادرات التي تُطلقها المدرسة مسابقة «شاعر السدرة» لتشجيع التعبير الإبداعي باللغة العربية، ومسابقة كتابة القصة القصيرة لتعزيز المهارات الأدبية، والمسابقة المدرسية السنوية في حفظ القرآن الكريم، وأخيراً تحدي إتقان المفردات الذي يهدف إلى تقوية المهارات اللغوية لدى الطلاب وتوسيع حصيلتهم اللغوية.

وفي حديثها عن الأساليب المبتكرة المستخدمة في تدريس اللغة العربية، تقول رنا الناجي، نائبة المدير في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للتعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر: «في مدرستنا، نقوم بالتركيز على دروس قائمة على البحث والتقصي، حيث يدرس الطلاب قضايا عديدة، مثل تغير المناخ، والحفاظ على الهوية الثقافية، مع التركيز على استخدام اللغة العربية عند تدريس هذه المواضيع. الأمر الذي يحفز الطلاب على المشاركة الفاعلة أثناء الحصص الدراسية وتوظيفهم للغة العربية عند الانخراط بهذه المحادثات».

وفقاً للناجي، تقوم المدرسة بدمج التكنولوجيا في العملية التعليمية، وذلك من خلال توظيف التطبيقات التكنولوجية والافتراضية، بالإضافة إلى رواية القصص باستخدام وسائلٍ افتراضية، مما يسمح للطلاب بالمشاركة باللغة العربية وتطبيقها في حياتهم اليومية.

وتوضح: «يشارك طلابنا أيضاً في «رؤية»: وهي مناقشاتٍ حوارية على غرار محاضرات تيد، إلى جانب المناظرات، والمسابقات القصصية باللغة العربية، بالإضافة إلى التعلم التعاوني القائم على المشاركة، والمشاريع الجماعية، مما يخلق بيئة تعليمية داعمة وأهدافًا مشتركة». وتختتم الناجي حديثها موضحةً تأثير هذه الأساليب على الطلاب، قائلةً: «تعمل هذه الأساليب على رفع مستوى الثقة بالنفس، وتعزيز الإبداع، وتحسين مهارات الخطابة من خلال ربطها بتجارب الحياة الواقعية، وتشجيع الطلاب على المبادرة الذاتية. ولهذا السبب، يطلب العديد من الأهالي تنظيم المزيد من هذه المشاريع، مشيرين إلى تحسنٍ كبير في مهارات أطفالهم وأدائهم».

وعن أكاديمية قطر– الوكرة، إحدى المدارس العاملة تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر تقول المعلمة فاطمة أبو نجم، مسؤول قسم اللغة العربية للمرحلة الابتدائية في الأكاديمية: «قمنا بتنظيم نادٍ يُدعى «شريك القراءة»، وهو عبارة عن دمج الطلاب من مراحل دراسية مختلفة للمطالعة سوياً، وذلك لزيادة عدد ساعات القراءة. ذات يوم، أخبرني طالبٌ أنه قام بقراءة 46 قصة خلال أربعة أسابيع، لا يُمكن وصف شعوره بالفخر آنذاك».

وتُضيف: «فاز طلابنا بالمركز الثالث في مسابقة المدارس التي أطلقتها «قطر تقرأ»، مبادرة تابعة لمكتبة قطر الوطنية هدفها نشر ثقافة القراءة في قطر، ضمن فعاليات حملة «كتاب واحد، مجتمع واحد». وقد شملت المسابقة جميع الطلاب، بما في ذلك أولئك الذين يجدون صعوبة في التحدث أمام الجمهور، إذ قمنا باختيارهم بالتحديد لمنحهم مساحة للتعبير عن مكنونهم حتى وإن لم يكن عن طريق التواصل السمعي».

واختتم الدكتور حسني حديثه بالإشارة إلى ردود فعل الأهالي حول مختلف المبادرات: «لاحظنا ردود فعل إيجابية من الأهالي تجاه هذه المبادرات، حيث أعرب الكثير منهم عن فخرهم بتقدم أبنائهم في مهارات التحدث والتعبير عن أنفسهم بثقة، بينما أشار البعض إلى دور هذه المبادرات في بناء مهارات القيادة والعمل الجماعي».