+ A
A -
بهاء رحال كاتب فلسطيني

ولأنّها غزّة، فإنّ محاكاتها في سطوع الكلام أمر يثير الرّهبة والدّهشة، كونها تهوى التّفاصيل، كما تهوى سلامها الداخليّ المفقود على وقع حرب الإبادة الجماعيّة المستمرة حتّى اليوم، الأمر الّذي يحتاج منك معرفة أخرى لتقريب المسافة بين نصّ تكتبه وواقع يكتبك.

تراك تقول لها باندفاع: صباح الخير، فتجيب: هل انتهيت من قهوتك؟ ولا تراها تدقّق في ما وراء القهوة. لن تجدها تسألك كم فنجانا احتسيت، ولن تراها تعدّ لفافات تبغك الّتي تركتها في المنفضة. تظهر عاديّة تماما، بلا أيّ ملامح عصبيّة، مثل امرأة تزين الصباح بضحكتها رغم الألم المتواصل بصورة يومية من قصف ودمار وقتل وتعذيب ستقول لك: هل تناولت شطيرة الزّيت بالزّعتر؟

وستضيف: إلى أين أنت ذاهب؟ ومتى ستعود؟ ولن تجدها تبالي وهي تدفع ملابسك المتّسخة وترمي بها إلى جانب آخر، لتقدّم لك كتابا تقرأه في صخب هدوئك، أو ثيابا على حدّ زعمها أنّها تليق بمقامك، وتضحك إذا وجدتها ضحكت في وجه كلام قلته عن ترهة المقام وصخب الهدوء بين طلقة وطلقة، ثمّ تترفّع عن الجواب بغمزة أو شهقة تجد فيها كلّ الأعذار لسلطان جنابك.

صباح الخير يا غزّة. صباح الصبر والعزّة..القدس الفلسطينية

copy short url   نسخ
31/12/2024
120