+ A
A -
جريدة الوطن

استضاف مناظرات الدوحة لقاء مفتوحا في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، طرح سؤالاً عميق الدلالة على مجموعة من الخبراء والطلاب: ما هي الأفكار والقيم الأساسية لبناء عالم أفضل؟

وبعنوان «النظام العالمي: أي من المبادئ ينبغي أن ترسم مستقبلنا؟»، تناولت الندوة القيم المتنافسة التي تدعم مجتمعاتنا، متسائلةً: أي منها سيساعدنا في إنشاء عالم أكثر عدالة وسلامًا؟ وقد تكفلت الصحافية فيمي أوكي بإدارة هذا الحوار، الذي أقيم بالشراكة مع منتدى الدوحة، متناولًا عددًا من القضايا المهمة، بما في ذلك مستقبل الليبرالية والسياسة الخارجية الأميركية، وحقوق الإنسان الأساسية، وقدرات الدولة القومية، وتأثير مجموعة البريكس على النظام العالمي.

وقد ضم الخبراء المتحدثون في الندوة فيكتور جاو، نائب رئيس مركز الصين والعولمة؛ وحنا رباني خار، وزيرة الخارجية الباكستانية السابقة؛ وولي نصر، الباحث البارز في الشؤون الدولية. ومن على المسرح، طرح الطلاب والخريجون الجدد من مختلف الجامعات في الدوحة أسئلة على الخبراء المشاركين، فضلًا عن مشاركتهم وجهات نظرهم ذات الصلة بالموضوع.

واستهل جاو كلمته بالدفاع عن نموذج «التنمية أولاً» في الصين، قائلًا «في الصين، لدينا مقولة: إذا كنت تريد أن تكون غنيًا، فعليك ببناء طريق». مضيفًا: «أعتقد أن الاختيار واضح جدًا. دعونا نركز فعليًا على التنمية والاستقرار والسلام، ونستمر بالإيمان بالتنمية باعتبارها الحقيقة القاسية والحقيقة الأكثر ليونة والحقيقة الذكية».

من جانبه، شدد نصر على مساهمات الليبرالية في النظام العالمي - بما في ذلك الديمقراطية، والحقوق الفردية، والتقدم التكنولوجي والاقتصادي ـ - على الرغم من التحديات المتزايدة لهيمنتها. وقال: «أعتقد أننا في عصر يريد فيه الناس الاختيار بدقة وحذر، بدلاً من قبول الليبرالية بمجملها باعتبارها النظام الأفضل. لكنني أود أن أقول إن الليبرالية مبدأ هام جدًا وتظل مبدأً مؤثرًا جدًا في النظام العالمي».

وفي الوقت نفسه، شددت خار على الضرر الناجم عن التطبيق الانتقائي لأي معايير دولية. ودعت إلى تطبيق متناسق وشامل للقيم الأساسية، وخاصة حقوق الإنسان، لاستعادة مصداقية النظام الدولي. وقالت: «أود أن أقول إنه على أقل تقدير، فإن العالم بأسره قد يرغب في التوافق على أن الحق في الحياة هو أمر غير قابل للتفاوض»، مضيفًة: أعتقد أن ما ترونه يحصل في العالم هو أن الحق في الحياة نفسه أصبح الآن قابلاً للتفاوض.

وكثيراً ما كانت الأسئلة التي وجهها الحضور من الطلاب والخريجين الجدد إلى الخبراء الضيوف تتحدى حججهم. وقالت لينا درويش، خريجة جامعة جورجتاون في قطر «سيد نصر، لقد قلت إن الليبرالية جاءت من الغرب. فكيف يمكنني أن أثق في أي شيء جاء من الغرب في حين أن هناك إبادة جماعية ناشطة يتم تمويلها من قبل الغرب في فلسطين، وكيف لا أثق في أنني التالية؟».

وشكك طلاب آخرون في تأكيد جاو على موقف الصين غير التدخلي، مشيرين إلى سياسات بلاده تجاه المسلمين الإيغور وقوتها الصاعدة في إفريقيا. وتساءلت أفوميا سيوم، وهي طالبة بجامعة كارنيجي ميلون في قطر، قائلةً: «ألا تعتقد أن وجود الصين في جميع أنحاء إفريقيا هو ممارسة لنوع من القوة الناعمة؛ ألا يتعارض هذا مع السياسة الخارجية للصين؟».

وعلى الرغم من هذا الأخذ والرد، أعرب المشاركون في ختام المناقشة عن امتنانهم للقادة الشباب المشاركين، وشجعوهم على مواصلة التفكير بشكل مستقل ونقدي حول المستقبل الذي يرغبون في رؤيته لأنفسهم. وقالت خار إنه «في عالم اليوم، حيث نحاول تقسيمكم بين «نحن» و«هم»، من فضلكم اختاروا التفكير العقلاني والمنطقي»، مضيفة أن «ما تسمعونه مهم، ولكن ما يحدث في العالم واستفساركم وبحثكم في ذلك يجب أن يُجلِّي لكم الحقائق».والجدير بالذكر أن هذا اللقاء المفتوح هو السابع من نوعه من تنظيم مناظرات الدوحة، مع الإشارة إلى أن هذه السلسلة أُطلقت عام 2022 بحوار حول مستقبل تعليم النساء والفتيات في أفغانستان بمشاركة الحائزة على جائزة نوبل للسلام ملالا يوسفزاي. وتناولت اللقاءات المفتوحة الأخرى قضايا بالغة الأهمية، مثل القيادة العالمية في عالم متعدد الأقطاب، ووجهات النظر الشرقية حول الفن الاستشراقي الغربي، والهوية الفلسطينية، وتأثير وسائل الإعلام الغربية على السرديات حول العدالة العالمية وحرية التعبير.

copy short url   نسخ
01/01/2025
10