+ A
A -
سـهــام جــاســم

تُرى هل هنالك فرقٌ بين عامٍ جديد وآخر مضى بإصراره مستعجلاً الرحيل سوى ذلك الإحساس الذي يغمرك بأنّ الجديد القادم قد يحنوعليك ليهبك مُجدداً تلك المساحات الزمنية الشاسعة لتعيش العمر الجديد على نحوٍ تظنه يمضى وفقاً لإرادتك، وعندها فقط ستحصل على بعض المزايا فهنالك احتمالية أكبر لتحقيق تلك الآمال العريضة التي رسمها خيالك بإبداع على أفق المستقبل البعيد،وفرصة أكبر للمفاجآت السعيدة لتنظم توقيتها مع لحظات اليأس ومجال آخر لحدوث المستحيلات المباغتة بعدما أعياك طول الانتظار والترقب إنّها بلا شك فُسحة الأمل واستعارة للتفاؤل على سبيل الحياة.

ولكنها الأعوام وماهي الأعوام في تتابعها السريع الخاطف سوى مشهد متكرر لا يُمَل لأُفول شمس وإشراق أُخرى..

لكن ماذا بوسعنا أن نطلق من وصفٍ على ذلك الزمن المتجردُ فيها من الفعل والتحقيق واتخاذ الموقف المناسب لموضعه هل يجدر بنا وصفه بأنّه زمن يمضي إثر عقارب الساعة والساعات القادمة بانضباطٍ تام ورتابة وكفى ؟! أم زمناً يُتقن الدوران بدقة وسرعة مذهلة لا يختل فيها توازنه ولا يخطئ ليتراجع عن قانون الدوران خاصته مانحاً بعدالة كل منّا حصته من كلّ شيء ! أو زمناً بلا ملامح محددة ولا قسمات ولن يجرؤ أحد البتة على إخضاعه لقواعد الإعراب ذلك لأنه لايملك شيئاً من تلك الأحداث ليكون له موقعاً مُحدداً..؟ ولستُ أدري من منّا الذي يجلب الأحداث ويصنعها للآخر نحن أم الزمن ؟

لكنّ الدروس التي يلقننا إياها مطروحة في كلّ دروبه وطرقاته الماضية والمقبلة بسخاء وما على الراغبين بها سوى لملمتها لتكون لهم خير دليل يلجؤون إليه إذا التبس عليهم أمرٌ ما..

ونحنُ جزءٌ لا يتجزأ من نسيج تلك الدروس الدقيق جداً، فعلى سبيل المثال لا الحصر حسبنا تلك اللحظة التي نتوقف فيها عن الإدراك والفهم لما يُحيط بنا ومن يحيطون بنا أيضاً لتُعد درساً بالغ القسوة نقدمه لمن كان أقصى طموحه هو فهمنا له بالقدر اليسير والذي يضمن له النجاة من سوء الظن به أو التجاهل، لكننا نخذله لأننا لم نعبأ مطلقاً في أن نحثّ عقولنا على ذلك البذل والجهد الذهني على الرغم من وفرة الذكاء!

لا شيء بمقدوره أن يؤكد نفسه في نهاية كل عام بقدر تلك الأمنيات الطيبة التي يعبر بها أحدنا للآخر وللبشرية جمعاء بأرق وألطف العبارات بالعيش في خير وحب وسلام، والأمنيات تستدعي مثيلاتها من الأمنيات، وكم نحن بحاجة لأمنيات بمضامين جديدة يسهل علينا تنفيذها دون عائق يذكر، كأن ندرك ونعي كم نحن متشابهون كبشر في كل شيء وكم هو سهلٌ ويسير أن يفهم أحدنا الآخر ويحتويه وبعدها ستتحقق تِباعاً كل تلك الأمنيات البعيدة..!

كلمـــة أخيــــــرة:

أتركها للشاعر إدريس جماع من ديوان «لحظات باقية»:

كلّ يومٍ صور عبر الطريق

تزحم النفس بها ثمّ تفيق

ليس ماهزك حساً عابراً

إنّه في الصدر إحساس عميق

هو إنسانية قد وصلت

كلّ نفسٍ بك في ربطٍ وثيق.

copy short url   نسخ
01/01/2025
70