+ A
A -
محمد أبوحجر

نشرت وزارة العدل، أمس، العدد 26 من الجريدة الرسمية، والذي تضمن إصدار التعديلات الدستورية لسنة 2024 على الدستور الدائم لدولة قطر،، والمذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية لسنة 2024 على الدستور الدائم للدولة.

وجاء في المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية:

أعدت هذه المذكرة لبيان الغايات التي قامت عليها التعديلات الدستورية وإيضاحاً لبعض نصوصها، ويُعتبر ما ورد فيها معدلاً ومكملاً لما ورد في المذكرة التفسيرية للدستور الدائم.

أولاً: غايات التعديلات الدستورية: إنفاذاً للتوجيهات السامية لسمو الأمير بتحقيق المواطنة المتساوية وتعزيز المشاركة الشعبية في الشأن العام، فقد تمثلت الغايات المتوخاة من التعديلات الدستورية فيما يلي:

1 - تعزيز مبادئ الحكم الرشيد: يؤكد التعديل على أن النظام الديمقراطي للدولة يقوم على ثلاث ركائز أساسية: الشورى، باعتبارها معلماً من معالم الشريعة الإسلامية الغراء، وبما تمثله من مشاركة شعبية مستنيرة وفعّالة في الشأن العام وبما يحقق المصالح العليا للدولة.

والعدل، كقيمة إنسانية عليا، أساس للحياة والحكم، وضمانة للإنصاف والمساواة.

وسيادة القانون، المبدأ الدستوري الهام في الدول المتحضرة، والذي يوفر الإطار الجامع لعمل سلطات الدولة المختلفة وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتنظيم العلاقة بين الدولة والمؤسسات والأفراد وفيما بين بعضهم البعض.

2 - تكريس المساواة بين المواطنين في شغل عضوية مجلس الشورى: حري بالبيان أن كيفية تشكيل مجلس الشورى تدور وجوداً وعدماً مع المصلحة العليا للدولة في كل الأحوال، ولا ريب أن النظام الانتخابي لاختيار أعضاء السلطة التشريعية ليس الأسلوب الوحيد لتحقيق المصلحة العامة للشعوب، والحصول على حقوقهم ومشاركتهم في الشأن العام، لا سيما أن أحكام الدستور والتشريعات المعمول بها فيها ما يلبي ويصون كافة حقوق الأفراد ويحمي حرياتهم ويكفل تحقيق مصلحة المجتمع القطري، خاصة وأن تجربة تعيين أعضاء مجلس الشورى كانت تجربة إيجابية وتحققت في ظل العمل بها العديد من الإنجازات في مختلف المجالات.

إن التعديل يتضمن أن يكون التعيين في مجلس الشورى أمراً متاحاً لكل مواطن يحمل الجنسية القطرية، وأن يتم اختيار أعضاء مجلس الشورى من قبل سمو الأمير وفقاً لضوابط وشروط محددة تكفل تحقيق المصلحة العامة وقيام العضو المعين بالدور المنوط به، ويراعي التعديل الإبقاء على اختصاصات وصلاحيات مجلس الشورى المعين وعدم المساس بها خاصة ما يتعلق منها بسن التشريعات والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين في الدستور ومذكرته التفسيرية.

3 - توسيع المشاركة الشعبية في الشأن العام للدولة من خلال تعزيز التشاور مع أهل الحل والعقد في الأمور التي تتعلق بالمصلحة العليا للدولة: من أجل مزيد من المشاركة الشعبية في الشؤون العامة، واستلهاماً بمبدأ الشورى، تتضمن التعديلات النص على تعزيز التشاور مع أهل الحل والعقد في الأمور الهامة للدولة، والتي تخضع في تحديدها لتقدير سمو الأمير. والأصل أن يُستشار أهل العلم بالشريعة أو القانون إذا كان الأمر يتعلق بمجال الدين أو التشريع، ويُستشار خبراء الاقتصاد فيما يتعلق بالاقتصاد، وهكذا في غيرها من المجالات.

ثانياً: التفسير الخاص لبعض النصوص التي تضمنتها التعديلات الدستورية: انطلاقاً من الغايات المنوه عنها، عدلت بعض المواد الواردة في الباب الأول من الدستور المتعلق بالدولة وأسس الحكم، والباب الرابع الخاص بتنظيم السلطات والباب الخامس المتعلق بالأحكام الختامية، وبناءً على المناقشات والمداولات التي صاحبت إعداد التعديلات الدستورية، تُفسر بعض نصوصها على النحو التالي:

المادة (1)

لم يمس تعديل هذه المادة ثوابت دولة قطر المتعلقة بكونها دولة عربية دينها الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، وأنها دولة مستقلة ذات سيادة على كامل إقليمها، على الوجه المبين تفصيلاً في الدستور ومذكرته التفسيرية.

ويقتصر تعديل هذه المادة على بيان الغايات والمرتكزات الأساسية للنظام الديمقراطي للدولة والمتمثلة في الشورى والعدل وسيادة القانون، ولئن كانت الديمقراطية تهدف في جوهرها إلى مشاركة المواطنين في القرارات المنظمة للمجتمع في شتى المجالات، إلا أن العبرة بتحقيق تلك الغايات وإن اختلفت آليات ووسائل تحقيقها وبما يتفق مع طبيعة المجتمعات وموروثها الحضاري والثقافي.

وتعد ركيزة الشورى أصلاً من أصول الشريعة الإسلامية الغراء، وهناك اتفاق بأن الشورى في الإسلام منوطة بفئة من المسلمين يطلق عليهم أهل الحل والعقد، ويتسع مفهوم الشورى كركيزة للديمقراطية في الوقوف على رأي الشعب من خلال الاستفتاء بشأن بعض الموضوعات الهامة للدولة.

ويظل العدل أساساً للحكم ولصون المجتمع واستقراره وتحقيق تقدمه وازدهاره. ويعد مبدأ سيادة القانون من أهم المبادئ الدستورية التي تقوم عليها الدول المتحضرة، والالتزام به هو السبيل الأمثل لتحقيق الصالح العام والسلم والأمن المجتمعي، لذلك تحرص معظم النظم القانونية في العالم على إدراجه بصورة واضحة وجلية ضمن أحكام الدستور، والأصل أن يسود القانون بشكل حقيقي وفعّال وأن ينظم جميع العلاقات سواء بين الدولة والأفراد أو بين الأفراد بعضهم بعضاً أو بين جميع أجهزة الدولة.

ويرتبط بمبدأ سيادة القانون مبدأ آخر ينبثق عنه هو مبدأ خضوع الدولة للقانون، ومن مظاهره وجود دستور يعبر عن إرادة الشعب في ظل تدرج القواعد القانونية يكون هو الأساس الذي تنظم من خلاله السلطات في الدولة، والقاعدة التي تصدر القوانين والتشريعات بناءً عليها، والاعتراف بالحقوق والحريات العامة بشكل حقيقي ملموس، وتكريس الفصل بين السلطات، وتنظيم رقابة قضائية على أعمال السلطة التنفيذية، وغير ذلك من مظاهر أخرى حسب نظام كل دولة.

المادة (7)

توضح هذه المادة المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية للدولة والتي تتمثل في توطيد السلم والأمن الدوليين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتكريس التعاون مع جميع الشعوب والأمم المحبة للسلام، وتشجيع الدولة على فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية والتي تشمل الوساطة أو المساعي الحميدة أو المفاوضات أو اللجوء إلى القضاء أو التحكيم وغيرها من الطرق المتعارف عليها دولياً.

وتكريساً للدور الهام الذي تقوم به دولة قطر في حل النزاعات والصراعات الدولية فقد تضمن تعديل هذه المادة بيان ثوابت الدولة حيال قيامها بالوساطة والحوار لحل النزاعات على المستويين الإقليمي والدولي، وجدير بالذكر أن هذه الوساطة وفقاً للمستقر عليه يتعين أن تتم على أساس قيم الحق ومبادئ العدالة وقواعد القانون الدولي والتزام الدولة بالحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف المتنازعة.

المادة (13)

نصت هذه المادة قبل التعديل على أنه إذا تغيب الأمير عن البلاد فإن ولي العهد هو الذي ينوب عن الأمير، وأنه في حالة كون ولي العهد قاصراً أو متغيباً عن البلاد لأي سبب من الأسباب يتعذر معه أن ينوب عن الأمير، فللأمير في هذه الحالة أن يعين بأمر أميري نائباً له من العائلة الحاكمة يتولى مباشرة بعض صلاحياته، واختصاصاته التي يحددها الأمير في أمر تعيينه، وليس لنائب الأمير أن يباشر غير هذه الاختصاصات والصلاحيات.

وتحقيقاً للمصلحة العامة للدولة، والتي قد تدعو إلى تعيين نائب للأمير في وجود ولي العهد، أُضيف حكم جديد يجيز للأمير في الأحوال التي يقدرها حتى مع وجود ولي العهد أن يعين نائباً له، ويحدد الأمير صلاحيات واختصاصات نائبه.

المادة (75 مكرراً)

تراعي هذه المادة وجود بعض الموضوعات الهامة التي يرى الأمير ضرورة التشاور بشأنها مع مجلس العائلة الحاكمة، وأهل الحل والعقد، ومجلس الشورى تعزيزاً لمبدأ المشاركة الشعبية في الشأن العام، ومن ثم أجازت أن يتم ذلك في اجتماع مشترك بناء على دعوة من الأمير، أو أن يدعو الأمير للاجتماع من يراه ملائماً سواء مع أهل الحل والعقد أو أي من المجلسين المشار إليهما.

المادة (77)

تبين هذه المادة العدد الذي يتألف منه مجلس الشورى، وتحدده بألا يقل عن (45) عضواً يختارهم الأمير، ويكون شغل عضوية مجلس الشورى عن طريق التعيين بقرار من الأمير.

ولا غرو أن النص على حد أدنى لعدد الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الشورى يجيز زيادة عدد الأعضاء في المستقبل، في ضوء مقتضيات المصلحة العامة دون الحاجة لإجراء تعديل دستوري.

المادة (80)

تضمنت هذه المادة قبل تعديلها الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الشورى ومن بينها شرط الجنسية القطرية بصفة أصلية، وتعزيزاً للمواطنة المتساوية بين أفراد المجتمع القطري، تم تعديل هذه المادة لإتاحة إمكانية التعيين في مجلس الشورى لكل المواطنين القطريين على حد سواء، واشترط التعديل - بصفة عامة - فيمن يعين في مجلس الشورى أن يكون من أهل العلم أو الرأي أو ذوي الكفاءة والخبرة.

المادة (81)

حددت المادة مدة العضوية في مجلس الشورى بأربع سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع للمجلس، وقد تم تعديل هذه المادة بما يتفق مع نظام اختيار أعضاء المجلس، فقررت أن يتم تعيين أعضاء المجلس الجديد خلال الستين يوماً السابقة على نهاية مدة المجلس السابق، وأوضحت أنه إذا لم يتم تعيين أعضاء المجلس الجديد خلال هذه المدة أو تأخر ذلك لأي سبب من الأسباب، فإن المجلس الحالي يبقى قائماً حتى يتم تعيين أعضاء المجلس الجديد، وقد حظرت هذه المادة في الفقرة الأخيرة من الفصل التشريعي إلا للضرورة، وأوجبت أن يتم ذلك بمرسوم، على ألا يتجاوز ذلك المد فصلاً تشريعياً واحداً، والمقصود بعبارة الفصل التشريعي هنا هو مدة المجلس وهي أربع سنوات ميلادية كما ورد في صدر المادة، والضرورة هنا يقدرها الأمير.

المادة (83)

تعالج هذه المادة افتراضاً يحدث كثيراً يتمثل في خلو محل أحد أعضاء مجلس الشورى سواء بالوفاة أو بالاستقالة أو بإسقاط العضوية أو لأي سبب آخر. وعلى ذلك، فإن تعديل هذه المادة ينص على أنه إذا خلا محل أحد الأعضاء يعين الأمير عضواً آخر خلال شهر من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو، أما إذا كان الخلو قبل شهرين من انتهاء مدة المجلس فإنه يتم التريث إلى أن يتم تعيين المجلس الجديد. وفي كل الأحوال، لا تتجاوز مدة عضوية العضو الجديد المدة المتبقية للمجلس، وتنتهي عضويته بانتهاء مدة المجلس.

المادة (104)

اتساقاً مع نظام اختيار أعضاء مجلس الشورى، عدلت هذه المادة ليكون حل المجلس فقط في أحوال الضرورة ومقتضيات المصلحة العامة التي يقدرها الأمير على أن يتم تعيين المجلس الجديد في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ حل المجلس السابق، وذلك حرصاً على استمرار السلطة التشريعية في ممارسة اختصاصاتها. ومن الطبيعي أن يواجه الدستور الفترة التي يغيب فيها مجلس الشورى، فقد تحتاج البلاد في هذه الفترة إلى قوانين وتشريعات، وعندئذ عهد الدستور إلى الأمير يعاونه في ذلك مجلس الوزراء مهمة إصدار القوانين، وهذه من الحالات التي تنتقل فيها وظيفة التشريع كاملةً إلى السلطة التنفيذية.

المادة (117)

قصرت هذه المادة قبل تعديلها تولي الوزارة على من كانت جنسيته الأصلية قطرية، وقد تم تعديل هذه المادة لتجيز تولي الوزارة لكل من يحمل الجنسية القطرية بصرف النظر عن كيفية اكتسابها.

المادة (125)

تضمنت هذه المادة اختصاصات رئيس مجلس الوزراء وصلاحياته، ونظراً إلى أنها جاءت خلواً من أي سلطة تمنحه الحق في تفويض بعض اختصاصاته أو صلاحياته، فقد أضيفت فقرة جديدة تجيز لرئيس مجلس الوزراء تفويض نوابه أو الوزراء بعضاً من اختصاصاته أو صلاحياته، وذلك لتيسير العمل وإيجاد السند التشريعي له عند الحاجة إليه.

copy short url   نسخ
01/01/2025
10