مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةعند كل تحليل سياسي جديد عن المشهد التركي، تقفز عدة محددات لتقييم واقع الدولة التركية اليوم، وبالذات بعد انطلاقة التجربة الديمقراطية الثانية منذ انقلاب 1960 العسكري، الذي أسقط الرمز الديمقراطي عدنان مندريس.
وقد استمرت هيمنة العسكر، إلى أن تم تقليص تدخلهم التدريجي وخاصة في جناح الناتو، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، ويعتقد أن قرارات الرئيس رجب طيب أردوغان قد حّدت كثيراً من ذلك النفوذ، حيث تمت إعادة هيكلة الجيش التركي لأول مرة منذ تاريخ عقيدته الراديكالية.
وتُقيّم هذه المساحة بضمان عزل الجيش، عن الهيمنة أو التدخل في السلطات الثلاث، وتعزيز مهامه الوطنية وقدراته الدفاعية والتقنية، التي شهدت تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، أما الضلع الثاني الداخلي من المشهد المرتبط بقراءة المستقبل التركي، فهو التنافس بين المعارضة وحزب العدالة في موسم الانتخابات القادمة، وخاصة بعد إلغاء النظام البرلماني، وتقليص مساحات الحريات السياسية والإعلامية والتداول الديمقراطي، بحسب المعارضة وتقدير المراقبين.
غير أن بيضة القبّان كما يعتقد المراقبون هي الوصول، إلى حالة استقرار اقتصادي وسياسي، في عام 2023، قبل موعدها في يونيو من نفس العام.
وما يعنينا هنا أن حصول ذلك الاستقرار السياسي، حتى مع وجود التوترات مع الداخل ومع المسألة الكردية، ومع تأثيرات الصراعات الإقليمية، يبقى تحت حد مقبول للناخب التركي، منذ تجربة 2002 الديمقراطية، فهذا سيكون نجاحاً مهماً، لو تزامن مع تقدم اقتصادي يعالج أزمة السوق وسعر الليرة، وتأثيراتها على المواطن التركي.
من هنا يبرز لنا مركز المقال، فرغم التحديات الكبيرة التي واجهها، الاقتصاد التركي، فإن مجمل الأوضاع ونحن نعرض ذلك بناءً على حركة المعيشة وطبيعة غضب الناخب التركي المعروفة، فهو منعطف سيسمح للحزب الحاكم بالفوز، بسبب أن الناخب يخشى أيضاً، من أن يكون رهانه على المعارضة أسوء من واقعه اليوم مع حزب العدالة، رغم جدل الفساد وأزمة الحريات الواسع، الذي تخوضه المعارضة.
ولقد راهنت بعض القوى الداخلية والخارجية المناهضة لحزب العدالة، على النجاح في اختطاف لحظة انهيار اقتصادي للدولة، بناءً على صراعات سياسية خارجية متعددة، لكن المشهد الحالي في تثبيت قاعدة استقرار اقتصادي، رغم ارتفاع الأسعار، المؤثر جداً في موقف الناخب التركي.
فهو مقارنةً بتاريخ الجمهورية التركية الحديثة، فإن حركة الدفع للفرص الاقتصادية هي الأفضل، ولا تزال حيوية وفاعلة، ومؤخراً حتى بعض الدول العربية والغربية الخصم لتركيا العدالة، بدأت التعامل مع هذه القوة الثابتة لأنقرة، في عهد الرئيس التركي أردوغان وحزب العدالة.
وهذه الحسابات التي تقوم على منظور مصلحي صرف، بغض النظر عن الجدل الأخلاقي، في صراعات الإقليم والمعارضة مع تركيا العدالة، تعيد تعزيز حضور الدولة ومصالحها، ومن أهم الأمور التي راهن عليها الحزب، وذراعه الاقتصادي المشكل من داعميه، أو من أعضائه، هو فتح تركيا لسياحة المسلمين، وليس للسياحة الإسلامية، ونقصد بذلك، أن السياحة في تركيا مفتوحة للجميع، المنضبطة والمتحررة بأجواء الصناعة السياحية الأخلاقية وغير الأخلاقية.
فروّجت تركيا للمسلمين وجهها الإسلامي، المعتمد على تعظيم التراث العثماني، ومعه المصلحة الآنية في المتعة السياحية، ثم قفزت بنظام التجنيس لصالح المقيم المستثمر، ثم خفضت مساهمة المستثمر، إلى الحد الذي يوسع دائرة المتقاطرين على تركيا، من قوميتها التترية الجامعة، ومن غيرهم من المسلمين، وخاصة العرب. ونرصدُ اليوم كيف تقاطرت رؤوس الأموال، والحشد الهائل من ذوي الدخل المتوسط، الذين وجّهوا أموالهم للاقتصاد التركي، ثم ننظر ما تحقق لتركيا مصلحياً، حيث مثلت هذه الأموال والتدفق، مساهمة مهمة في حماية الاقتصاد التركي من الانهيارات الكبرى.
وبالطبع هنا مشكلة كبرى، في قضية العنصرية الصاعدة ضد العرب، غير أنها تتركز ضد أبناء الشعب السوري أكثر، وهم ضحاياها الأبرز، رغم أنهم ساهموا أيضاً في دعم الاقتصاد التركي، فمع الحاجة الماسة للحد من الفساد، فإن نجاح الدولة التركية، بتأمين برامج وقوانين حماية ضد العنصرية، تراعي فيها المشاعر التركية القومية الحادة، سيعزز مكاسبها، وقوة دبلوماسيتها الاقتصادية، وهي عنصرية لا يُمكن أن تُعالج كلياً، فالداء كبير في تاريخ الشرق المسلم وفي العالم، ولكن تقليصه وضبطه، ضرورة لصالح الجميع العرب وتركيا.
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةعند كل تحليل سياسي جديد عن المشهد التركي، تقفز عدة محددات لتقييم واقع الدولة التركية اليوم، وبالذات بعد انطلاقة التجربة الديمقراطية الثانية منذ انقلاب 1960 العسكري، الذي أسقط الرمز الديمقراطي عدنان مندريس.
وقد استمرت هيمنة العسكر، إلى أن تم تقليص تدخلهم التدريجي وخاصة في جناح الناتو، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، ويعتقد أن قرارات الرئيس رجب طيب أردوغان قد حّدت كثيراً من ذلك النفوذ، حيث تمت إعادة هيكلة الجيش التركي لأول مرة منذ تاريخ عقيدته الراديكالية.
وتُقيّم هذه المساحة بضمان عزل الجيش، عن الهيمنة أو التدخل في السلطات الثلاث، وتعزيز مهامه الوطنية وقدراته الدفاعية والتقنية، التي شهدت تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، أما الضلع الثاني الداخلي من المشهد المرتبط بقراءة المستقبل التركي، فهو التنافس بين المعارضة وحزب العدالة في موسم الانتخابات القادمة، وخاصة بعد إلغاء النظام البرلماني، وتقليص مساحات الحريات السياسية والإعلامية والتداول الديمقراطي، بحسب المعارضة وتقدير المراقبين.
غير أن بيضة القبّان كما يعتقد المراقبون هي الوصول، إلى حالة استقرار اقتصادي وسياسي، في عام 2023، قبل موعدها في يونيو من نفس العام.
وما يعنينا هنا أن حصول ذلك الاستقرار السياسي، حتى مع وجود التوترات مع الداخل ومع المسألة الكردية، ومع تأثيرات الصراعات الإقليمية، يبقى تحت حد مقبول للناخب التركي، منذ تجربة 2002 الديمقراطية، فهذا سيكون نجاحاً مهماً، لو تزامن مع تقدم اقتصادي يعالج أزمة السوق وسعر الليرة، وتأثيراتها على المواطن التركي.
من هنا يبرز لنا مركز المقال، فرغم التحديات الكبيرة التي واجهها، الاقتصاد التركي، فإن مجمل الأوضاع ونحن نعرض ذلك بناءً على حركة المعيشة وطبيعة غضب الناخب التركي المعروفة، فهو منعطف سيسمح للحزب الحاكم بالفوز، بسبب أن الناخب يخشى أيضاً، من أن يكون رهانه على المعارضة أسوء من واقعه اليوم مع حزب العدالة، رغم جدل الفساد وأزمة الحريات الواسع، الذي تخوضه المعارضة.
ولقد راهنت بعض القوى الداخلية والخارجية المناهضة لحزب العدالة، على النجاح في اختطاف لحظة انهيار اقتصادي للدولة، بناءً على صراعات سياسية خارجية متعددة، لكن المشهد الحالي في تثبيت قاعدة استقرار اقتصادي، رغم ارتفاع الأسعار، المؤثر جداً في موقف الناخب التركي.
فهو مقارنةً بتاريخ الجمهورية التركية الحديثة، فإن حركة الدفع للفرص الاقتصادية هي الأفضل، ولا تزال حيوية وفاعلة، ومؤخراً حتى بعض الدول العربية والغربية الخصم لتركيا العدالة، بدأت التعامل مع هذه القوة الثابتة لأنقرة، في عهد الرئيس التركي أردوغان وحزب العدالة.
وهذه الحسابات التي تقوم على منظور مصلحي صرف، بغض النظر عن الجدل الأخلاقي، في صراعات الإقليم والمعارضة مع تركيا العدالة، تعيد تعزيز حضور الدولة ومصالحها، ومن أهم الأمور التي راهن عليها الحزب، وذراعه الاقتصادي المشكل من داعميه، أو من أعضائه، هو فتح تركيا لسياحة المسلمين، وليس للسياحة الإسلامية، ونقصد بذلك، أن السياحة في تركيا مفتوحة للجميع، المنضبطة والمتحررة بأجواء الصناعة السياحية الأخلاقية وغير الأخلاقية.
فروّجت تركيا للمسلمين وجهها الإسلامي، المعتمد على تعظيم التراث العثماني، ومعه المصلحة الآنية في المتعة السياحية، ثم قفزت بنظام التجنيس لصالح المقيم المستثمر، ثم خفضت مساهمة المستثمر، إلى الحد الذي يوسع دائرة المتقاطرين على تركيا، من قوميتها التترية الجامعة، ومن غيرهم من المسلمين، وخاصة العرب. ونرصدُ اليوم كيف تقاطرت رؤوس الأموال، والحشد الهائل من ذوي الدخل المتوسط، الذين وجّهوا أموالهم للاقتصاد التركي، ثم ننظر ما تحقق لتركيا مصلحياً، حيث مثلت هذه الأموال والتدفق، مساهمة مهمة في حماية الاقتصاد التركي من الانهيارات الكبرى.
وبالطبع هنا مشكلة كبرى، في قضية العنصرية الصاعدة ضد العرب، غير أنها تتركز ضد أبناء الشعب السوري أكثر، وهم ضحاياها الأبرز، رغم أنهم ساهموا أيضاً في دعم الاقتصاد التركي، فمع الحاجة الماسة للحد من الفساد، فإن نجاح الدولة التركية، بتأمين برامج وقوانين حماية ضد العنصرية، تراعي فيها المشاعر التركية القومية الحادة، سيعزز مكاسبها، وقوة دبلوماسيتها الاقتصادية، وهي عنصرية لا يُمكن أن تُعالج كلياً، فالداء كبير في تاريخ الشرق المسلم وفي العالم، ولكن تقليصه وضبطه، ضرورة لصالح الجميع العرب وتركيا.