+ A
A -
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم سهلاً، عذباً، رقيقاً، ليناً، ينهى عن التكلف، ويُسلِّمُ على الأطفال في الطريق، ويرقع ثوبه، ويحلبُ شاته، ويخصِفُ نعله، ويمازحُ زوجاته، ويزور أصحابه، كان بسيطاً دون سذاجةٍ، وحاشاه، وعظيماً دون تكبر، وحاشاه، ولكن البساطة التي مارسها ودعا إليها هي في شؤون الحياة العادية، فكان يقوم بها دون تعقيد، ولكنه نهى عن الاشتغال بالتوافه من الأمور، وحثَّ على علو الهمة في السعي إلى الآخره، لهذا قال: إنَّ الله يُحِبُّ معاليَ الأمور، ويكره سفاسفها!
كان الإمام أحمدُ يكثِرُ من ذكر شيخه الإمام الشافعي أمام أهله، ويُثني عليه، ويُعظِّمُ شأنه، وزار الإمام الشافعيُّ يوماً تلميذه الإمام أحمد في بيته، تناول الضيّفُ الطعام، ومضى إلى فراشه، ثم صلى بأهل البيت صلاة الفجر، ثم عاد إلى مضجعه ليكمل أذكاره..
كان كل شيء يبدو عادياً جداً إلى حين قالت ابنة الإمام أحمد له: يا أبتاه.. أهذا هو الشافعي الذي كنتَ تحدثني عنه؟
فقال: نعم يا ابنتي..
فقالت: سمعتك تُعظِّم الشافعي، وما رأيتُ له هذه الليلة لا صلاةً ولا ذِكراً ولا وِرداً، وقد لاحظتُ عليه أموراً ثلاثة!
فقال: وما هي يا ابنتي؟
فقالتْ: عندما قدَّمنا له الطعام أكل كثيراً على خلاف ما سمعته عنه، ولم يقُم ليصلي الليل، وعندما صلى بنا الفجر لم يتوضأ!
فأخبرَ الإمامُ أحمد الإمامَ الشافعي بما قالته ابنته..
فقال الشافعي: يا أحمد لقد أكلتُ كثيراً لأنني أعلمُ أن طعامكَ حلال، والطعام الحلال دواء، وبي مرض، فأكثرتُ من طعامكَ لا لأشبع وإنما لأتداوى!
وأما أنني لم أقم لصلاة الليل، فلأني عندما وضعتُ رأسي لأنام، نظرتُ فكأنَّ أمامي الكتاب والسُّنة، ففتح الله عليَّ باثنتين وسبعين مسألة من علوم الفقه، رتبتها في منافع المسلمين، فحال التفكير بها بيني وبين قيام الليل!
وأما أنني صليتُ بكم الفجر بغير وضوء، فواللهِ ما نامتْ عيني حتى أجدد الوضوء فصليتُ بكم الفجر بوضوء العشاء!
ثم ودَّعه ومضى، فقال الإمام أحمد لابنته: هذا الذي عمله الشافعي الليلة وهو مستلقٍ أفضل مما عملته وأنا قائم!
لقد أعطتنا ابنة الإمام أحمد درساً عملياً في الاهتمام بمعالي الأمور وترك سفاسفها! فملاحظاتها كانت حول طعام كثير لا تعهده من الفقهاء، وحول قيام الليل، ووضوء الفجر! إنها لم تُعلِّق على ثياب الإمام الشافعي، ولا عمامته، ولا شكله، ولا مظهره، فالاشتغال بالمظاهر، وبفلان لبس كذا، وفلانة اشترت كذا، وعِلاَّن سافرَ، وعلان عاد، هو من سفاسف الأمور!
انظروا إلى الدنيا بعين الآخرة تعتادوا الاهتمام بمعالي الأمور!بقلم: أدهم شرقاوي
كان الإمام أحمدُ يكثِرُ من ذكر شيخه الإمام الشافعي أمام أهله، ويُثني عليه، ويُعظِّمُ شأنه، وزار الإمام الشافعيُّ يوماً تلميذه الإمام أحمد في بيته، تناول الضيّفُ الطعام، ومضى إلى فراشه، ثم صلى بأهل البيت صلاة الفجر، ثم عاد إلى مضجعه ليكمل أذكاره..
كان كل شيء يبدو عادياً جداً إلى حين قالت ابنة الإمام أحمد له: يا أبتاه.. أهذا هو الشافعي الذي كنتَ تحدثني عنه؟
فقال: نعم يا ابنتي..
فقالت: سمعتك تُعظِّم الشافعي، وما رأيتُ له هذه الليلة لا صلاةً ولا ذِكراً ولا وِرداً، وقد لاحظتُ عليه أموراً ثلاثة!
فقال: وما هي يا ابنتي؟
فقالتْ: عندما قدَّمنا له الطعام أكل كثيراً على خلاف ما سمعته عنه، ولم يقُم ليصلي الليل، وعندما صلى بنا الفجر لم يتوضأ!
فأخبرَ الإمامُ أحمد الإمامَ الشافعي بما قالته ابنته..
فقال الشافعي: يا أحمد لقد أكلتُ كثيراً لأنني أعلمُ أن طعامكَ حلال، والطعام الحلال دواء، وبي مرض، فأكثرتُ من طعامكَ لا لأشبع وإنما لأتداوى!
وأما أنني لم أقم لصلاة الليل، فلأني عندما وضعتُ رأسي لأنام، نظرتُ فكأنَّ أمامي الكتاب والسُّنة، ففتح الله عليَّ باثنتين وسبعين مسألة من علوم الفقه، رتبتها في منافع المسلمين، فحال التفكير بها بيني وبين قيام الليل!
وأما أنني صليتُ بكم الفجر بغير وضوء، فواللهِ ما نامتْ عيني حتى أجدد الوضوء فصليتُ بكم الفجر بوضوء العشاء!
ثم ودَّعه ومضى، فقال الإمام أحمد لابنته: هذا الذي عمله الشافعي الليلة وهو مستلقٍ أفضل مما عملته وأنا قائم!
لقد أعطتنا ابنة الإمام أحمد درساً عملياً في الاهتمام بمعالي الأمور وترك سفاسفها! فملاحظاتها كانت حول طعام كثير لا تعهده من الفقهاء، وحول قيام الليل، ووضوء الفجر! إنها لم تُعلِّق على ثياب الإمام الشافعي، ولا عمامته، ولا شكله، ولا مظهره، فالاشتغال بالمظاهر، وبفلان لبس كذا، وفلانة اشترت كذا، وعِلاَّن سافرَ، وعلان عاد، هو من سفاسف الأمور!
انظروا إلى الدنيا بعين الآخرة تعتادوا الاهتمام بمعالي الأمور!بقلم: أدهم شرقاوي