الحب سعادة، والصفح والتسامح سعادة، وهما متلازمان لا ينفصلان، ونعني بالسعادة تلك النفحة التي تحمل على أجنحتها معاني الشعور باللذة والرّاحة والاستقرار النفسي، والزواج الموفَّق يتطلب الجهود المشتركة، ليصمد أمام المحن والمنغصات، يَبذلها كِلا الزوجين حتى يكون زواجهما ناجحًا؛ فالحياة لا تخلو من المشكلات والاندفاعات والحماقات والجهالات، مهما توفر التفاهم بين الاثنين،، الحب والتسامح والعفو، من عوامل التماسك والاستقرار والعيش الرغيد في العش الجميل، فمن منا لا يُخطئ، النظر للمستقبل، أفضل من اجترار المشكلة أو الموقف أو الماضي، التسامح فضيلة، واجترار المشكلات جريمة، العيش معها، واستِحضارها والحزن عليها حمق وجُنون؛ بل قتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة، واللحظات الهانئة، فملف الماضي عند المتحابين الحكماء العقلاء يُطوى ولا يُروى، وينبغي أن يغلق، ونقلب الصفحة، فالعقلاء والأحبة لا يَنظرون إلى الوراء، ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأن الريح دائمًا تتَّجه إلى الأمام فلا يجب أن يخالفوا سنة الحياة، كما أن القراءة في ملفات الماضي، ضياع للحاضر، وهدر للوقت، وتشتيت للجهد، ونسف للحظة الراهنة ؛ فقد ذكر الله الأمم وما فعلت، ثم قال - سبحانه وتعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) البقرة: 134. فيَنبغي للمتحابين للزوجين أن يُصدِر كل منهما كل ليلة عفوًا عامًّا قبل النوم عن كل إساءة إليه من الطرف الآخَر، وبهذه الطريقة سوف يكسب كل منهما الأمن الداخلي والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن الرحيم، إن من يعفو ويصفح فسينال عزَّ الدنيا وشرَف الآخِرة وراحة البال ؛ فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) الشورى: 40، فالصُّلح هنا مُقترِن بالعَفو ؛ كما قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَأوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت: 34، كذلك قوله- سبحانه وتعالى- (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) 9 آل عمران: 134. فما أطيَبَ القلبَ الأبيض، وما أسعد صاحبه، وما أهنأ عيشه، ثم هل في هذا العمر القصير وزمن الكورونا مساحة لتصفية الحسابات وتسديد فواتير الماضي؟ إن العمر أقصر من ذلك، والذي يذهب ليقتص من كل من أساء إليه، وينتقم من كل من أخطأ في حقِّه، سوف يعود بضيق الصدر، وكثرة الهمِّ، فيا أيها الأحبة، أيها الزوجان، أنقِذا نفسَيكما من شبح الماضي، والخلافات، والصدامات، ولتكن حياتكما مليئة بالحب والتسامح والعفو حتى تسعَدا في الدارين، حتى تنتقلا من ضيق المكان إلى سعة السعادة، أزيلا الترسبات الجاثمة فوق إحساسكما القاصر، ليتحرَّر وينطلق نحو أنس الحبيب، لن تدخلا عالم السعادة المشتهى إلا بالحب والصفح والتسامح، أسأل الله أن يجعلكما أكثر سعادة، ورحم الله قارئاً قال آمين.. وعلى الخير والمحبة نلتقي.

بقلم : يعقوب العبيدلي