داليا الحديدي
كاتبة مصرية
درهم تقدير تمنحه لشريكك اليوم، خير من رثائه غدًا بمليار دينار، فطوبى لمن قدر قيمة لحظة حاضرة قبل أن تؤول لماض، ولمن يشعر بالموجود قبل أن يُمسي مفقودًا ولمن يزين مضارعه، عوضًا عن التحسر على جميل ماضيه.
تقديري لمن يدرك أن حقول حاضره ستورد محصولا من الذكريات لمصنع مستقبله. وألف تحية لمن يتغنى بـ الآن الآن، وليس غدًا.
تقديري للملتفتين للمتوفر لا للمعسعسين عن النواقص.
فقلة من تعي أن خمس ساعات من الهموم، تَهزم عشرين ساعة صفو.
تحية لمن يوقن أن الواقع ليس بهذا المرار، وأنه بإزاء كل لوحة قاتمة، هناك ألف «بورتريه» لنعم مغبونة، لا يُحْمَد عليها، لتعامي الكنود عن رُؤيتها أو ليُعمينا عن الاطلاع عليها درءًا للحَسد.
ندر من أوتي القدرة على الاستمتاع بشمس صيف أغسطس، وأندر منهم من فتح فمه لأمطار الشتاء، وقاتل الله قومًا احترفوا استفقاد صيفهم في شتائهم.
حيا الله المنتبهين للعمال أثناء دوامهم لا حال انقطاعهم عن العمل.
- الله الله لمن يحسن لشريكه وهو بين ظهرانينا، وأفٍ لمن يجعل نصيب زوجه من التقدير منشورا على منصات التواصل، لنعيه بدمع سخي ثخين لكن بعد فوات الحياة.
- طوبى لمن تمتع بسواد شعره قبل المشيب ولمن قنع بمشيب شعره قبل انحساره بالمرض، ولمن قدر وظيفته قبل التقاعد وألف تحية لمن صبر على صعوبات الإحالة على المعاش قبل الإحالة من قيد الحياة.
طوبى لمن يستبصر العوض في المضارع الآني، فقنع بقدم صناعية بُعيد بتر قدميه ولمن رضي بشعر مستعار عقب العلاج الكيماوي أو من يعاني التعلثم، لكنه موقن أن حاله أفضل من الأبكم.
وسلام على من يقرر كبح جماح صاري الهموم، وفرد شراع السرور.
كم انبهر بانسان لا يمنح هواجس المستقبل فوق ما تستحق، ولمن لم تَهزمه هُموم أرزاق الغد، فتحرمه فرحة النصر بوفرة خبز اليوم.
ولمن لا ينجرف للرهان على «لوتاريا» باكر، بإدخار لوازم السعادة للمستقبل.
بارك الله من يستعذب الماء حال تدفقه لا ساعة انقطاعه عن السريان في الجدول، وبورك من يتعمد الابتعاد عن المشهد فاصلة، ليطالع صورته عن بعد بشكل أدق.
-وصلنا من العلامة عدنان ابراهيم أن «المَسَرّة ليست سرمدية، بل طيف متذبذب كما بأجهزة قياس ضربات القلب».
فلنشكر الله لا على النعم فحسب، بل على ديمومة إحساسنا بها، فبكل مرة تشغلون محرك السيارة ويعمل، أوتبحثون عن مكان لصف مركباتكم، فتجدون.. ليته يَرن في آذانكم جرس منبه لأهمية تناول لحظة التساهيل ومضغها بتمهل لتعملقوا طيف بهجتكم أو لتستشعروه بشكل مدرك لكافة نعمكم، المعلوم منها والمجهول.
-تحية لمن يكبس زرا، فإن وجده يضارع ويصارع ويشتغل، ارتفعت أسهمه الخضراء في بورصة راحته وشعر أن الله يَصُب على أقداره من السكينة، صبّ الهوينى.
-رحم الله من يرى في قوارير مؤن بيته الرُبْع ممتلئة، طُمأنينة وكل الرحمة لأزواج لا يفتأون يعربشون عن حلاوة سلام أول لقاء بأيديهم.
-حيا الله من عجز سارق الأحزان من نشل محافظ أفراحهم.
- سلام على من وصفهم الدكتورعدنان بأنهم «يتعاملون مع نِعم المُنعم على أنها شيء (غيرعادي) فضلًا عن سعيهم لإستبقاء مشاعر الدهشة كالأطفالن ىلانه (ليس عاديًا) أن يعود زوج لبيته محملًا بالمؤن من فاكهة، وأطايب، سيما لو قارنّا بينه وبين من يعود سكران، جَائِش.
و(ليس عاديًا) أن يجد الزوج طعامه مُحضرًا وبيته مرتبًا وزوجته الصيّنة بانتظاره، بدليل وجود شريكات مُهملات وخائنات.
و(ليس عاديًا) أن تجد وظيفة تُمَولُك، موهبة تُحَققك أوعائلة تساندك بينما هناك أطنان ممن يعانون البطالة أو يتصارعون على شهادة نسب كما ذكر المفكر ذاته.
ويا حسرةَ على من ينسون تَسول الفرحة ولو من بالونات فقاعات الصابون ولا يرون المجد في الأوراد والروعة في الأعشاب كما كتب الشاعر «ويليام ووردز وورث».