حقدَ شيخٌ أشيبٌ على أحدِ المُقربين من فخرِ المُلْكِ أمير خراسان لدولةِ السلاجقة، فوشى به عنده في رسالةٍ رفعها إليه!
فلمَّا قرأَ فخر المُلْكِ الرسالة، دعا بدواةٍ وقلم، وكتبَ على جهةِ الرسالةِ الأُخرى: الوشايةُ قبيحةٌ وإن كانتْ صحيحة، فإن كنتَ أجريتها مجرى النُّصح، فخسرانك فيها أكثر من الرِّبح، ومعاذ الله أن نقبلَ من مهتوك في مستور، ولولا أنكَ في خفارةِ شيبك لقابلتكَ بما يُشبه مقالكَ، ويردعُ أمثالكَ، فاكتُمْ هذا العيب، واتقِ من يعلمُ الغيب، والسلام!
غضبَ أعرابيٌّ على رجلٍ فقال له: ما أغضبكَ مني؟
فقال: شيءٌ نقله أحدُ الثقاتِ عنكَ إليَّ.
فقالَ له: لو كان ثِقةً ما نمَّ!
وفي صفوة الصفوة لابن الجوزي، عن الفضلِ بن أبي عيَّاش قال:
كنتُ جالساً مع وهب بن مُنبه، فأتاه رجلٌ فقال: إني مررتُ بفلانٍ وهو يشتمكَ!
فغضبَ وهب، وقال له: أما وجدَ الشيطانُ رسولاً غيركَ؟!
أغلِقوا الأبوابَ في وجوه النمَّامين، ولا تستمعوا إليهم، فهم رُسُل إبليس للإيقاعِ بين الناس، وتفرقةِ القُلوب، وصبِّ الزيتِ على النار، وإدامةِ ألفِرقة!
وخُذوها عندكم قاعدة: من نمَّ لكم نمَّ عليكم!
الذي حملَ لكَ كلمةً سيئة قِيلتْ في غيابك، سيحملُ، يوماً ما، كلمةً سيئةً تقولها أنتَ عن أحد!
تقعُ المشاكلُ بين الناس، وساعة الخصام يقول الناس كلاماً لا يقصدونه بالحرف، ويُهددون ويتوعَّدون في ساعةِ الغضبِ بما لن يفعلوه أبداً إذا ما هدأوا وعادوا إلى رشدهم، ولكن نمَّاماً يسمعُ الكلمة فيحملها وينقلها، وما النتيجة؟!
المشكلةُ التي كانتْ قابلةً للحلِّ ستتعثَّرُ وتتعسَّر!
والقلبُ الذي كانَ قابلاً لأن يصفو سيحقد!
والخاطرُ الذي كانَ سيهدأ سيتكدَّر!
روى البُخاري ومُسلم في صحيحيهما من حديثِ ابنِ عباس أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّ بحائط من حِيطان المدينة، فسمعَ صوتَ إنسانين يُعذبان في قبورهما، فقال: «يُعذبان، وما يُعذبان في كبير، بلى، كانَ أحدهما لا يستتر من بوله، وكانَ الآخر يمشي بالنميمة»!