+ A
A -

على مدى قرن كان مؤشر البوصلة الفلسطيني أينما كانوا يتجه نحو القدس والناقورة ورفح، وما بينها من مدن وقرى وتاريخ وتراث وحضارة..

لكن بعد أوسلو 1993 تعددت الوجهات واتسعت الخلافات ووصلت إلى القتل، فبعد كل هذه التجربة النضالية التي خاضها الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور البريطاني عام 1917 بمنح فلسطين لليهود.. يصل الأمر إلى أن يرفع رجل الفداء الأول السلاح في وجه من واصل النضال ضد أبشع استعمار شهده التاريخ.

ومع كل ما لدى هذا الشعب من كفاءات ورجالات وعلماء أداروا العالم ماليا وسياسيا لم يتمكن الشعب من إنهاء خلافاته الثورية.. ويوحد كلمته لمواجهة المشروع الغربي بإقامة وطن مهمته الأولى تدمير الأمة الإسلامية والتحكم بالشرق الأوسط.

هذه الخلافات التي بلا شك يعمل على تأجيجها العدو.. فقد كانت بريطانيا تنتهج «سياسة فرق تسد» حتى بين العائلات فتجد رغم وشائج القربى والنسب خلافات بين أكبر عائلتين مقدسيتين وتجد خلافا بين العائلات الريفية.

وحين اطلق القسام ثورته فشلت بسبب الخلاف بين من يقودون الفصائل. وباتت المصالحة الفلسطينية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا على الساحة الفلسطينية، وقد شهدت محطات متعددة من التقدم والتراجع خلال السنوات الماضية.

لكن الأحداث التي وقعت في جنين وما تبعها من تداعيات سياسية وأمنية عكست عمق التحديات التي تواجه الوحدة الفلسطينية، بما في ذلك الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وغياب الثقة المتبادلة، والتدخلات الإقليمية والدولية.

ومن الأسباب التي تعرقل المصالحة والتي يجب معالجتها هي:

1. التوتر الميداني: العمليات العسكرية والهجمات الإسرائيلية في جنين ومناطق أخرى تزيد من التوتر بين الأطراف الفلسطينية وتعرقل أي محاولات للتفاهم.

2. الخلافات السياسية: التباين في الرؤى حول طريقة إدارة الحكم والمقاومة، بين السلطة الوطنية الفلسطينية التي تفضل المفاوضات والدبلوماسية، وحماس التي تعتمد نهج المقاومة المسلحة.

3. التدخلات الخارجية: دعم دول إقليمية ودولية لأطراف مختلفة يزيد من صعوبة الوصول إلى توافق

4. غياب رؤية وطنية شاملة: عدم وجود خطة واضحة تركز على المصلحة الوطنية يجعل المصالحة عرضة للانهيار في أي وقت.

هل يمكن إحياء المصالحة؟ نعم ممكن لكن إحياء المصالحة يتطلب:

إرادة سياسية صادقة من جميع الأطراف.

وقف التحريض الإعلامي والسياسي بين الفصائل.

تفعيل الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية ليشمل جميع القوى.

ضغط شعبي لإجبار القيادات على توحيد توجهاتهم.

الأحداث في جنين قد تكون عقبة جديدة، لكنها قد تشكل أيضًا فرصة لإعادة التفكير في أهمية الوحدة أمام التحديات الإسرائيلية المتزايدة.

نحتاج هذه المصالحة لعل المجازر في غزة تتوقف وليوجه السلاح نحو العدو وليس نحو الإخوة.. فكافر من يرفع السلاح في وجه المقاومة.

copy short url   نسخ
06/01/2025
205