خلال مسيرة حياتنا، نتعرض للكثير من المواقف والمشكلات بصورة شبه يومية. لكن لكل إنسان ظروفه الخاصة ومشكلاته المختلفة عما لدى الآخرين، فهكذا هي الحياة.
ربما يعاني أحدهم من مشاكل مادية في حين أنه مكتف من الناحية الروحية، بينما يتمتع آخر بأموال الدنيا بيد أنه يعاني مشاكل على الصعيد النفسي والروحاني، وثالث يتمتع بالمال والروحانية لكنه مشكلاته محصورة في كيفية العيش وسط هذا العالم الذي استشرت فيه المادية والسطحية، وهكذا دواليك، لا أحد تخلو حياته من المنغصات والمعضلات! ومع ما نواجه كل يوم من تحديات، تبقى أذهان معظمنا غارقة في تحليل المواقف والأحداث ومحاولة إيجاد الحلول، أو الاستسلام للقلق والتوتر ونقله إلى كل مكان نذهب إليه.
كثير من الناس يقضون حياتهم بهذه الصورة. يستيقظ الواحد فيهم محملاً بهموم الدنيا ومخاوف المستقبل، يذهب إلى كليته أو عمله وهو يحمل كل تلك الأعباء، ثم تعكس تصرفاته ما في قلبه من مشاعر ويدور في عقله من أفكار، دون أن يكون للطرف المقابل أي ذنب فيما جرى!
مدير يخفق في تحقيق هدف هذا الشهر، فيُخرج مشاعره على هيئة صراخ وعقوبات يُنزلها دون حق بموظفيه، ومدرّس يعاقب الصف كله نظير خطأ ارتكبه طالب واحد، وزوجة تخاطب زوجها بعصبية لأن الأطفال أتعبوها طيلة اليوم وهلمّ جرّاً!
إن معظم الناس بحكم الطبيعة البشرية، يعتقدون أنه من حقهم إخراج غضبهم أو استيائهم أو كآبتهم أمام الآخرين، لكن هذا غير صحيح. إذ يُفترض أن يحتفظ الإنسان بمشكلاته الخاصة لنفسه، فلا يعكسها على من حوله.
ما ذنب الأشخاص الذين تحبهم فيما حصل لك في العمل؟! وما ذنب الموظف المسكين فيما حدث معك من مشكلات منزلية قبل أن تأتي إلى مقر الشركة؟!
إن الحياة المتوازنة تقتضي منا ألا نتحرك ونحن نحمل مشاكلنا على أكتافنا. فكيف السبيل إلى تحقيق النجاح الأسري أو الوظيفي وعقلك يعيش في مكان يخالف المكان الذي أنت فيه حاليّاً؟!
إن العيش في ذكريات الماضي أو أحداث المستقبل المجهول يبعدنا عن اللحظة الحاضرة، ويجعلنا محدودي التفكير، ضيقي الأفق، ويدفعنا للتصرف بعجالة ودون وعي وارتكاب الحماقات تجاه أناس ليس لهم أي ذنب فيما نفعل. فكيف السبيل إلى التركيز على ما بين أيدينا في الوقت الراهن؟
عليك أن تدرك أولاً أن الحاضر هو كل ما تملكه، لا وجود للماضي ولا المستقبل إلا في مخيلتك، ولا يمكن حلّ مشاكلك بأخذها معك أينما ذهبت. فإذا خرجت للعمل أغلق باب بيتك وانسَ ما جرى من شجار أو مشكلات لتعود إليها لاحقاً في الوقت المناسب، وركز على عملك والبسمة تعلو شفتيك واللطف يقطر من فمك كلمات عذبة تُسعد بها موظفيك.
وإذا دخلت المنزل، فاترك مشاكل العمل خارجه، فلديك ما يكفي من الوقت للتعامل معها في الوقت الملائم. استمتع بكل لحظة تقضيها مع أسرتك، وركز على اللحظات التي تجمعك بهم؛ لأنها قد لا تتكرر.ظروفك الخاصة ومشكلاتك لك وحدك، ولا يجب أن تكون شماعة تعلّق عليها طريقة تصرفك مع الغير. فلا ينعكس ما تمر به من مشكلات على تعاملك مع الآخرين، بل افصل بينهما، وكن إنساناً يُشاد بأخلاقه وأدبه في كل المناسبات.