وقفَ رجلٌ يُصلي في المسجد، فسجدَ، وجعلَ يبكي بكاءً شديداً، فقام إليه أبو أمامة الباهلي صاحب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال له: أنتَ، لو كان هذا في بيتك!
حاصرَ المسلمون حصناً من حصون الروم وطال الحصار، واشتدَّ الانتظار على المسلمين، وأثخنتهم سهام العدو، فقام رجلُ من المسلمين سراً إلى ناحية من نواحي الحصن، فحفرَ نفقاً دون أن يدري عنه أحد، ثم دخل منه إلى حصن الروم، وهجمَ على حُرَّاس الباب، فجعلوا يضربونه ويضربهم حتى فتح الباب ودخل جيش المسلمين، ومنَّ اللهُ عليهم بالنصر!
فنادى قائد الجيش مسلمة بن عبد الملك وقال: ليخرج إلىَّ صاحب النفق!
فلم يخرج أحد!
فقال: أُحرِّج على صاحب النفق بحقي من الإمارة أن يأتيني.
فلم يخرج أحد!
فلما كان الليل، دخل الحارس على مسلمة بن عبد الملك وقال له: رجل في الباب يقول إنه مرسل إليك من صاحب النفق!
فأدخله مسلمة على جناح السرعة، وقال له: من صاحب النفق؟
فقال الرجل: إنه يشترط عليك شروطاً قبل أن يخبرك من هو.
فقال مسلمة: وما هي شروطه؟
فقال الرجل: أن لا تسأل عنه، ولا تبحث عنه، ولا تدعه إلى مجلسك.
فقال مسلمة: له ما اشترط فمن هو صاحب النفق؟!
فقال الرجل: أنا صاحب النفق، فلا تسأل عني، ولا تبحث عني ولا تدعني إلى مجلسك!
ثم خرج من الخيمة واختفى بين الجند.
فكان مسلمة بن عبد الملك كلما دعا بعدها قال: اللهم احشرني مع صاحب النفق!
ليس بالضرورة أن توثق كل خير تفعله كلَّف الله الملائكة بهذه المهمة، فاطمئن، عملك مكتوب وأجرك محفوظ!
ليس بالضرورة أن يرى الناس كل صدقةٍ تصدقت بها، ولا كل بطنٍ جائع أشبعته، ولا كل محتاج ساعدته، ولا كل خلافٍ أصلحته، ولا كل دمعةٍ مسحتها، ولا كل مظلوم أنصفته، ما شاء الله كرماً منه أن يُظهره من عملكَ الصالح فبها ونعمتْ، وما كان بإمكانك أن تُخفيه فلا تُظهره، فكم من عملٍ صالح لما اطلع عليه الناس فسدتْ النية التي من ورائه، وربما طلب الإنسان الأجر من الناس وهو لا يدري فحبط العمل، وفي الحديث القدسي: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشركَ فيه معي غيري تركته وشركه!بقلم: أدهم شرقاوي
حاصرَ المسلمون حصناً من حصون الروم وطال الحصار، واشتدَّ الانتظار على المسلمين، وأثخنتهم سهام العدو، فقام رجلُ من المسلمين سراً إلى ناحية من نواحي الحصن، فحفرَ نفقاً دون أن يدري عنه أحد، ثم دخل منه إلى حصن الروم، وهجمَ على حُرَّاس الباب، فجعلوا يضربونه ويضربهم حتى فتح الباب ودخل جيش المسلمين، ومنَّ اللهُ عليهم بالنصر!
فنادى قائد الجيش مسلمة بن عبد الملك وقال: ليخرج إلىَّ صاحب النفق!
فلم يخرج أحد!
فقال: أُحرِّج على صاحب النفق بحقي من الإمارة أن يأتيني.
فلم يخرج أحد!
فلما كان الليل، دخل الحارس على مسلمة بن عبد الملك وقال له: رجل في الباب يقول إنه مرسل إليك من صاحب النفق!
فأدخله مسلمة على جناح السرعة، وقال له: من صاحب النفق؟
فقال الرجل: إنه يشترط عليك شروطاً قبل أن يخبرك من هو.
فقال مسلمة: وما هي شروطه؟
فقال الرجل: أن لا تسأل عنه، ولا تبحث عنه، ولا تدعه إلى مجلسك.
فقال مسلمة: له ما اشترط فمن هو صاحب النفق؟!
فقال الرجل: أنا صاحب النفق، فلا تسأل عني، ولا تبحث عني ولا تدعني إلى مجلسك!
ثم خرج من الخيمة واختفى بين الجند.
فكان مسلمة بن عبد الملك كلما دعا بعدها قال: اللهم احشرني مع صاحب النفق!
ليس بالضرورة أن توثق كل خير تفعله كلَّف الله الملائكة بهذه المهمة، فاطمئن، عملك مكتوب وأجرك محفوظ!
ليس بالضرورة أن يرى الناس كل صدقةٍ تصدقت بها، ولا كل بطنٍ جائع أشبعته، ولا كل محتاج ساعدته، ولا كل خلافٍ أصلحته، ولا كل دمعةٍ مسحتها، ولا كل مظلوم أنصفته، ما شاء الله كرماً منه أن يُظهره من عملكَ الصالح فبها ونعمتْ، وما كان بإمكانك أن تُخفيه فلا تُظهره، فكم من عملٍ صالح لما اطلع عليه الناس فسدتْ النية التي من ورائه، وربما طلب الإنسان الأجر من الناس وهو لا يدري فحبط العمل، وفي الحديث القدسي: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشركَ فيه معي غيري تركته وشركه!بقلم: أدهم شرقاوي