+ A
A -
جريدة الوطن

يزداد الترقب لمسار التشاور في كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي في لبنان بعد غد الخميس في الجلسة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وأعلن أنها سوف تشهد جولات انتخاب متتابعة لحين انتخاب رئيس، في ظل زخم دبلوماسي لا يبدو أنه نجح في التوصل إلى مرشح توافقي، وكان لافتاً كلام السفير المصري يوم أمس الأول، حيث قال «بين كل المرشحين الآن بحسب ما نعلمه لا توجد أغلبية 86 صوتاً لأيّ من الأسماء المطروحة»، مشدداً على أنّ «الأمور قد تتغيّر»، وقال: «لا فيتو من الخماسية على اسم».

وذكرت صحيفة «النهار» اللبنانية أن: زيارة الوفد السعودي إلى لبنان برئاسة الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان الذي غادر بيروت مساء أمس الأول، كانت وسّعت باب الاحتمالات الإيجابية بانتخاب رئيس للجمهورية في الموعد المحدد، ولكن سرعان ما خف وهج التفاؤل على خلفية تداول معلومات بأن الفرحان حمل في جعبته احتمالين لرئاسة الجمهورية أحدهما قائد الجيش العماد جوزف عون، ولو لم يسمه علناً، والآخر يمكن أن يتبلور قبل الخميس. وتعددت الروايات في هذا الإطار بين نفي واسع من جميع الذين التقاهم الوفد السعودي أن يكون تحدث بالأسماء وبين تأكيده إيحاء بدعم انتخاب جوزف عون والذي اكتسب أهمية لا سيما بعد استقبال الأخير في الرياض. وبات مصير ترشيح عون المفتاح الحاسم لمسار خميس الاستحقاق بحيث يتوقف على بته مسار بقية الاحتمالات.

وتحدثت معلومات عن رفض حاسم للثنائي الشيعي لانتخاب قائد الجيش بالذريعة التي يسوّقها رئيس مجلس النواب نبيه بري حول حاجة عون إلى تعديل دستوري. إلا أن الرواية الأكثر تداولاً أن تغييراً طرأ على المسار الانتخابي ربطاً بتغيير لحق بموقف حزب «القوات اللبنانية» من انتخاب قائد الجيش، وفق ما سرى من معطيات عن رسالة حملها النائب بيار بو عاصي إلى المملكة السعودية قبل أيام. ومع أن «القوات» نفت ذلك حول زيارة بو عاصي، إلا أنها لم تبدد ما تقوله مرجعيات رسمية. فهذه الأخيرة تتحدث عن تحوّل في موقف «القوات» ساهم عن قصد أو غير قصد في تقوية موقف بري من رفض ترشيح قائد الجيش، لا سيما وأن بري يوحي بدوره أنه لا يمكن انتخاب رئيس من دون موافقة قواتية بحيث لا يمكن الإتيان برئيس غصباً عنها، ولكن لا أن يكون الرئيس لها بمعنى رفض انتخاب رئيسها سمير جعجع، وفق ما ينقل زوار بري.

ولكن تبيّن وفق معلومات لـ«النهار» أن جعجع لن يتبنى ترشيح العماد جوزف عون إذا لم يحصل توافق جدي حوله لا سيما مع بري ومن يؤيدونه، وإلا لن يخاطر جعجع بخسارة كتلته لمرشحها من الدورة الأولى، وترك الآخرين يحضرون لمعركة الدورة الثانية، وما لم يحصل توافق على اسم آخر ستخوض القوات معركة مرشح الـ65 صوتاً مع حلفائها ولن تعلن اسمه إلا في الجلسة.

واذا رجحت كفة استبعاد دعم انتخاب العماد عون، فإن ذلك يفتح المجال أمام بروز أسماء أخرى قد تتطلب وقتاً إضافياً للاتفاق عليها في الوقت الذي تردد أن الوفد السعودي حمل كذلك اسم الوزير السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور كاسم آخر محتمل معروف من الخارج ويحظى بثقته كذلك، ويملك من العلاقات الدولية ما يسمح له بأن يقود عملية إعادة لبنان إلى موقعه الخارجي. ومع أن لا أسماء مرشحين بارزة أخرى تحظى حتى الآن بإمكان أن تحصل على نسبة الأصوات الكافية لانتخاب أحد أصحابها، فإن الخشية الكبيرة من حسابات ومصالح وربما بازارات تفتح على خلفية «تطيير» حظوظ أزعور أيضاً. والأيام القليلة المقبلة مفتوحة حتى الآن على سيناريوات متعددة. وسيعقد اجتماع للنواب المستقلين والتغييريين اليوم في منزل النائب غسان سكاف الذي نشط بقوة على كل الخطوط في الأيام الأخيرة.

وكتبت صحيفة «الاخبار» اللبنانية بدورها: اختصرت مصادر مطلعة زيارة الموفد السعودي بأنها هدفت إلى تثبيت أمرين:

الأول: ليس لدى اللجنة الخماسية سوى عون مرشحاً، وعلى القوى الداخلية إيجاد الآلية المناسبة لانتخابه.

الثاني: لا وجود لخطة بديلة مع حرص الموفد السعودي على إبلاغ كل من التقاهم بأن المدير العام للأمن العام بالإنابة، اللواء الياس البيسري، ليس محل ترحيب اللجنة الخماسية، وأن طرحه كبديل في حال فشل تمرير قائد الجيش. وأضافت: «بالنسبة إلينا، نحن لا نناور. البيسري مرفوض، وسيبلغكم الأميركيون بذلك»! وخلصت المصادر إلى أن الزيارة السعودية كان هدفها التمهيد للأميركيين كي يحسموا الجدل، إذ يعتقد السعوديون بأن واشنطن قادرة على إقناع بري وجعجع بقائد الجيش. وعليه، عملياً الجميع ينتظر هوكشتين الذي زار الرياض والتقى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، بحضور يزيد بن فرحان، وأُعلن بعد اللقاء أن البحث جرى في «التطورات الإقليمية وخصوصاً على الساحة اللبنانية».

وكتبت صحيفة «نداء الوطن»: الموفد السعودي يزيد الفرحان التقى في منزل السفير السعودي في اليرزة رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وكان لافتاً جداً مشاركة النائبة السابقة بهية الحريري في اللقاء، ما اعتبره مراقبون رسالةً في أكثر من اتجاه.

في معرض حركة الموفد السعودي قبل أن يغادِر بيروت عائداً إلى المملكة حيث شارك في اجتماع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والموفد الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين في الرياض، وتناول اللقاء التطورات الإقليمية الراهنة، بما فيها التطورات على الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها، اعتبرت مصادر سياسية مخضرمة أن الأسلوب الذي اعتمده الموفد السعودي، ولا سيما في لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، يُعتبَر ضربة معلم، لأنه، من جهة، أراد كشف كل الأوراق، ومن جهة ثانية، قطع الطريق على المناورة التي يمكن أن يعتمدها الرئيس بري، فمن خلال تسميته العماد جوزيف عون، فإنه أراد قطع الطريق على كل الاجتهادات والتحليلات والتوقعات، فبعد هذه التسميات، فإن الحرج سيكون سيد الموقف بعد إبلاغ المملكة رداً سلبياً من الثنائي الشيعي، فهل يتحمَّل لبنان نكسةً بهذا الحجم في العلاقات اللبنانية -السعودية؟ وهل تكون المملكة التي رعت اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب، منذ أربعة وثلاثين عاماً، مستبعدة من التسوية المزمع التوصل إليها بالتزامن مع انتخاب رئيس للجمهورية؟

وأفادت «البناء» أن زيارة المسؤول السعودي عن الملف اللبناني يزيد بن فرحان إلى عين التينة ولقاءه رئيس مجلس النواب نبيه بري لم تذلل العقبات الداخلية أمام انتخاب الرئيس، بل إن التباعد لا يزال سيد الموقف، بانتظار مشاورات اليومين المقبلين. غير أن مصادر مواكبة للحراك الرئاسي لفتت إلى أنه «حتى الآن لا اتفاق على ملامح تسوية أو تفاهم وقد تبقى القوى السياسية ليوم الجلسة للإفصاح عن مرشحيها وربما لا يحصل اتفاق»، وأضافت المصادر: إذا بقي الوضع على ما هو عليه فإن انتخاب الرئيس في جلسة الخميس مستبعد.. وقالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة «اللواء» اللبنانية إن هذا الأسبوع يحدد البوصلة الرئاسية، وأكدت أن الاتصالات تكثفت بشكل غير مسبوق وتستكمل من أجل إنضاج الطبخة الرئاسية دون استبعاد فرضية سيناريو التأجيل ما لم تنجز هذه الطبخة.

وقالت إن الحراك السعودي بالشأن الرئاسي والذي يتقاطع مع الموقف الأميركي حول إتمام الاستحقاق الرئاسي بدا لافتاً من حيث مضمونه ورأت ان نتيجة هذا الحراك يتظهَّر في الساعات المقبلة، معلنة ان الاعتبارات المحلية بدورها تتحكم بالمشهدية الرئاسية وبالتالي هناك أكثر من سيناريو مرتقب في جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل: إما توافق وخروج الدخان الأبيض أو تأجيل الجلسة، موضحة أن المفاجآت واردة وبروز مرشحين جدد يتم طرحهم وارد أيضاً.

وبدت لافتة أمس الأول في الشكل والمضمون إطلالة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا من موقع اغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله في حارة حريك والرسائل التي حملتها.

وكتبت «الأخبار»: أريد للمؤتمر الصحفي للمسؤول الأمني في حزب الله، أن يكون رسالة ثقة إلى جمهور الحزب لتبديد الهواجس، وإلى الخصوم لتبديد الأوهام، وإلى الداخل والخارج بتأكيد عودة الحضور الفاعل والوازن للحزب.

ورغم الضجة التي أثارتها إشارة صفا إلى أن لا «فيتو» لدى حزب الله على انتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، وأن «الفيتو الوحيد على سمير جعجع لأنّه مشروع فتنة وحرب»، فإنه لا يعني تغيّراً في موقف الحزب بأن مرشّحه المعلن الوحيد هو رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، و«لا يعني أن حزب الله يؤيّد قائد الجيش أو يرفضه»، وفق ما أعلن النائب حسين الحاج حسن لاحقاً، وفي هذا السياق، فإن نفي صفا وجود فيتو على قائد الجيش لا جديد فيه، وينبغي أن يؤخذ بعموميته في سياق أن لا فيتو للحزب على أيّ مرشح تتوافق عليه الكتل النيابية.

وكتبت «النهار»: الكلام الذي تعمّد إطلاقه مسؤول «وحدة الارتباط والتنسيق» في «حزب الله» وفيق صفا من موقع اغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله في حارة حريك في مرور مائة يوم على اغتياله، لم يكن أقل من تعمّد استحضار نبرة التهديد وبث الاستفزاز والتحريض سواء جاء ذلك بدافع من تشدد السلطات في مطار بيروت في منع إيران من المضي في استباحة لبنان، أم بقصد مستتر آخر يهدف إلى توتير استفزازي عشية المحطة الموعودة لإنهاء الأزمة الرئاسية. كما بدا صعباً تجاهل تزامن المناورة الاستفزازية للحزب مع وجود موفد سعودي بارز عمل بقوة في لقاءات ماراتونية شاملة على تمهيد الطريق لانتخاب «توافقي» ولو أن نتائج مسعاه لا تزال محفوفة بالغموض. وأياً تكن أهداف الحزب من توقيت هذا الاستحضار الاستفزازي وعرض العضلات التهويلية مجدداً، لا يمكن عزل مناخات وأجواء كلام صفا عن التظاهرة العارمة لعناصر الحزب على طريق المطار مساء تفتيش طائرة إيرانية، ولا عن كلام صدر بأصوات تابعة للحزب واستحضر عملية «7 ايار 2008» أو «انتفاضة 6 شباط 1984» في بيروت الغربية آنذاك.

من دون مقدمات ظهر صفا ليعلن أن «حزب الله» لم يهزم ولن يهزم، وهو أقوى من الحديد لأنه يستمد قوته من الله». وتوجّه «للواهمين بأن «حزب الله» أصبح ضعيفاً»، مؤكداً «أنه أقوى مما كان، بناء على ما شهد به الأعداء والمقاومة أفقدتهم الأمان في الداخل». وأكد أنه «لن يكون هناك أي إمكانية لأحد بأن يكسر معنوياتنا، والحزب سيكون حاضراً للتصدي لظواهر التشبيح على الناس». ثم تطرق إلى الملف الرئاسي ليقول «إننا منفتحون على قائد الجيش العماد جوزف عون ولا فيتو سوى على سمير جعجع لأن مشروعه مشروع فتنة وحرب».

copy short url   نسخ
07/01/2025
5