يعقوب العبيدلي
وصلني صباح أمس طبقان عبارة عن (عصيدة) من رئيس العلاقات العامة في إحدى الإدارات الإعلامية، طبقان لذيذان شهيان، طبقان شعبيان بامتياز، وأنا أعشق الطعام الشعبي من الطراز الأول، ليس لديّ طبق واحد بعينه، لأنني لا أستطيع اختصار النكهات التي أعشقها في تسمية طبق واحد، إنما يمكنني تسمية أطباق كثيرة، فأنا أعشق الأطباق التي تقدم إلى جانب الأرز، المضروبة، البلاليط وغيرها كثير، وأفضل أن آكلها في المنزل، أو مع الزملاء واليمعة، بشرط أن تكون محضرة بطريقة صحيحة وتقليدية يعني على أصولها، لأنها «تسكر ونيني» وتطفي لهيبي، وتحفزني لترديد قول الشاعر: «خلك غناتي وين بتروح، لي عاد ما في الرّوح مصلوح، كنك شرات الصاحب الشوح، كله مشرق والملا غرب»، العصيدة ملهمة دافعة، دافقة، لذيذة، جامعة، متفق عليها من كافة الأطياف، في كل زمان ومكان، وفي كل الفصول، تدور وتجول، أكلة شعبية، الأوسع محلياً، تجدها في كل بيت قطري، يتناولها الصغير والكبير، والفتى والفتاة، والرجل والمرأة، تحتل مكانة خاصة عند كل قطري، خاصة في المناسبات الاجتماعية، تصنع من بعض الإيدامات المتنوعة حسب مزاج الشيف أو الطاهي الذي يحضرها ويعدها، العصيدة لها أهميتها عندي وعند عشاق الحلو، تشبع الحاجات، وتفجر الطاقات، إن شعائرنا الاجتماعية جميلة، كجمال العصيدة وطعمها الشهي اللذيذ، العصيدة ذوق، ورومانسية، ولحظات حالمة، ومهمة في حياة القطريين باعتبارها من العادات الاجتماعية والعائلية الهامة، ومن الأفضل أن تتناولها لتعيش التجربة الأصيلة، العصيدة خفيفة في الصباح أو المساء، والعديد من المطابخ الشعبية التقليدية تحضرها وتصنعها، ولكن العصيدة التي وصلتني من النوع الفاخر، الذي لا يقاوم، لا تشبه غيرها، ولا زالت العصيدة تطلب بكثرة إلى الوقت الحاضر، وطريقة صنع هذه الأكلة بسيطة ولكن تحتاج فنا ومهارة وإتقانا. إن الأكلات الشعبية القطرية لها جمهورها، تزدهر، والإقبال عليها كبير، العصيدة ثقافة وموروث شعبي جميل، خاصة أنها من الأكلات الغنية بالقيمة التراثية والغذائية ولها مذاق طيب يستسيغه الجميع، الحلاوة الشعبية القطرية والخليجية تجنن، لها مذاق يجنن، وتشد الظهر، وتتميز بسمعة طيبة عند عشاقها، وأحس أنها تولد الود واللطف وعلاج للخصام أو المشاكل العاطفية، وتناولها يولد الأنس ويضفي على الجلسة روح المرح، والقليل منها يكفي لتتحلى بهذه الروح الخفيفة اللطيفة، والكثير منها لا يضر، جربها وراح تحبها مثلي، العصيدة تنشط وتساعد على الاسترخاء، وتنفع وتجدي مع أصحاب القلق والتوتر و«الربشة» في العمل، معها يستكينون ويستريحون وينتجون، وأخذت سمعة طيبة بين أكيلة الأطعمة الشعبية، ويا حلو أكل العصيدة بحسب مناسبتها ووقتها ومقدمها والمهداة إليه.
الهدية مقبولة ولكن نطالب بالمزيد، من العصيدة وأخواتها من الأطباق الشعبية القطرية الأخرى، وبألفين عافية عليّ وعلى من شاركوني الطبق اللذيذ، وعلى الخير والمحبة نلتقي.