+ A
A -
جريدة الوطن

الدوحة - الوطن - بالتعاون مع مركز مناظرات قطر نظم مركز النور للمكفوفين، أحد مراكز المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، في مركز وفاق مناظرة بعنوان "برايل في العصر الرقمي"، وشارك في الفعالية عدد من منتسبي المركز من ذوي الإعاقة البصرية الملتحقين بمدارس الدمج.

وهدفت المناظرة إلى تسليط الضوء على العلاقة بين التكنولوجيا الحديثة وطريقة برايل، ومناقشة التحديات والفرص الناتجة عن التوسع في استخدام التقنيات الرقمية مقابل الاعتماد على برايل كوسيلة رئيسة للتعلم والتواصل.

وبدأت الجلسة مع المنتسبة روضة منصور النعيمي التي استهلّت بطرح رؤيتها بشأن الدور المحوري الذي تؤديه التكنولوجيا في حياة ذوي الإعاقة البصرية، معتبرةً أن الابتكار الرقمي أصبح عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه في تسهيل حياتهم، مشيرةً إلى أن التطبيقات الحديثة، مثل قارئات الشاشة وبرامج التعرف الصوتي، أسهمت بشكل كبير في تمكين الكفيفين، ليس في مجال التعليم فحسب، بل أيضًا في مختلف الجوانب الحياتية اليومية، بما في ذلك العمل والتنقل. مؤكِّدةً في حديثها على أن التكنولوجيا ليست مجرد وسيلة عملية، بل تعد أداة لتمكين المكفوفين من الوصول إلى معلومات وفرص كانت في السابق بعيدة المنال.

في حين تناول المنتسب عبد العزيز سالم في مداخلته فوائد التكنولوجيا في تعزيز اندماج ذوي الإعاقة البصرية في المجتمع، مسلِّطًا الضوء على أهمية التعليم الرقمي القائم على الأجهزة والتطبيقات الحديثة.

وأشار إلى أن هذه الأدوات الرقمية تتيح للكفيفين فرصًا متكافئة للتعلم والتطور، وهذا يسهم في تقليص الفجوة بينهم وبين أقرانهم غير المكفوفين، موضحًا أن تقنيات مثل الكتب الصوتية الرقمية وتطبيقات الوصول إلى النصوص المكتوبة تمثّل نقلة نوعية، إذ تُمكّن المكفوفين من متابعة التطور التعليمي والتقني بالوتيرة ذاتها التي يواكبها غيرهم.

وفي السياق ذاته، ركزت المنتسبة العنود قاسم المري على الأبعاد الثقافية والإنسانية لطريقة برايل، مشددة على أن هذه الطريقة لا تزال تحتفظ بقيمة رمزية كبيرة لدى المكفوفين، فهي تعبر عن الهوية والاستقلالية وتوفر لهم وسيلة فعالة للتعلم والتفاعل مع بيئتهم.

وأكدت أن الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تراجع استخدام برايل بين الأجيال الجديدة، وهذا قد يُفقد ذوي الإعاقة البصرية مهارات أساسية تعزز ثقتهم بأنفسهم، وأضافت أن طريقة برايل ليست مجرد وسيلة للقراءة، بل تمثل قدرة الإنسان على التغلب على التحديات باستخدام أدوات تقليدية ثابتة لا تتأثر بالأعطال التقنية أو التقلبات التكنولوجية.

في المقابل، قدّم المنتسب جاسم المهندي وجهة نظره، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا رغم ما تحمله من أهمية كبيرة، لا يمكن أن تكون بديلًا كاملًا عن طريقة برايل، مبينًا أن المكفوفون قد يواجهون عقبات متعددة عند الاعتماد الكلّي على الأجهزة الرقميّة، مثل الأعطال التقنية المفاجئة أو فقدان الاتصال بالإنترنت، وهذا يجعل من طريقة برايل خيارًا آمنًا وضروريًا في بعض المواقف.

وأكد المنتسب في نهاية المناظرة جاسم المهندي على ضرورة الحفاظ على التوازن بين استخدام برايل والتكنولوجيا لضمان تحقيق استفادة شاملة للكفيف، بحيث يكمل كلا الجانبين بعضهما من دون أن يلغي أحدهما الآخر.

ومن جانبها، أكدت السّيدة منيرة العذبة، رئيس قسم التنفيذ والمتابعة، والمشرف القائم على المناظرة، أن هذه الفعالية تأتي في إطار التزام مركز النور للمكفوفين بتعزيز وعي المجتمع بقضايا ذوي الإعاقة البصرية.

وأشارت إلى أن الهدف الأساسي من هذه النقاشات هو إيجاد التوازن المطلوب بين دعم الابتكار الرقمي الذي يخدم ذوي الإعاقة البصرية من جهة، والحفاظ على برايل كوسيلة ثقافية وتعليمية أساسية من جهة أخرى، لضمان استمرار دورها الفاعل في حياة ذوي الإعاقة البصرية، مضيفة أن المركز يحرص باستمرار على تنظيم مبادرات مشابهة تهدف إلى تمكين الكفيفين وتعزيز استقلاليتهم، وفتح آفاق جديدة أمامهم لتحقيق تطلّعاتهم وطموحاتهم.

وصرّح السيد عبدالعزيز البنعلي، مدير إدارة التوعية المجتمعية بالإنابة، أن تنظيم هذه المناظرة يعكس التزام مركز النور للمكفوفين بتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تقدمها التكنولوجيا الحديثة في حياة ذوي الإعاقة البصرية، مؤكدًا أن التوازن بين التقنيات الرقمية وطريقة برايل يعد أمرًا ضروريًا لضمان استمرار فاعليتها كوسيلة أساسية للتعلم والتواصل.

وأشار البنعلي إلى أهمية هذا النوع من الفعاليات في تعزيز الوعي المجتمعي بمسائل تمكين المكفوفين، مشدّدًا على أن الابتكار والتكنولوجيا يجب أن يعززا المهارات التقليدية دون أن يحلا محلها.

وصرّحت السّيدة ريم المسلم، مدير إدارة الاتصال في مركز مناظرات قطر: إن التعاون بين مركز مناظرات قطر ومركز النور للمكفوفين يعكس رؤيتنا المشتركة لدعم مختلف فئات المجتمع، خاصة تلك التي تحتاج إلى تمكين أكبر للتعبير عن أصواتها.

وبينت المسلم أن هذه الفعالية الاستثنائية جاءت تجسيدًا لالتزامهم بتسليط الضوء على القضايا المحورية التي تهم المكفوفين، خصوصًا في ظل التسارع الرقمي الحالي والتي يسعون من خلالها إلى تعزيز النقاش حول سبل دمج طريقة برايل مع التقنيات الحديثة لتحقيق شمولية أوسع ومساواة حقيقية

وأضافت لقد عملنا على تأهيل الشباب المنتسبين لمركز النور من خلال برنامج تدريبي شامل وورش عمل متخصصة بإشراف مدربي مركز مناظرات قطر، ركز هذه البرامج على تطوير مهارات النقاش، صياغة الحجج، وتقديمها بطريقة مؤثرة ومقنعة، بما يعكس أهمية الموضوع ويبرز تأثيره على المجتمع.

وقد شهدت المناظرة تفاعلًا كبيرًا من قبل الحضور، الذين أعربوا عن إعجابهم بعمق النقاشات والمستوى الفكري الرفيع الذي أبداه المشاركون، وتأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقها مركز النور احتفاءً باليوم العالمي لبرايل، بهدف دعم ذوي الإعاقة البصرية وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم.

ويعكس هذا النشاط التزام المركز المستمر بتطوير أدوات تعليميَّة ووسائل مبتكرة توازن بين الأصالة والحداثة، وتضع ذوي الإعاقة البصرية في صميم عملية التنمية والابتكار، ما يحقق دمجًا فاعلًا لهم في المجتمع.

copy short url   نسخ
07/01/2025
125