+ A
A -
محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربونمرّة أخرى تجد التشكيلة السياسية في تونس بعد الثورة نفسها في أزمة حكم جديدة بعد أن بلغ التعنت والتجاذب أقصى درجاته، وقد رفض رئيس الجمهورية المصادقة على الحكومة التي اقترحها الوزير الأوّل السيد هشام المشيشي.
التجاذب في العمق ليس إلا خلافا لا قيمة له حول صلاحيات رؤوس السلطة في البلاد إذ يرفض رئيس الجمهورية التنازل لصالح رئاسة الحكومة أو رئاسة البرلمان عن بعض الحقائب الوزارية.
هذا المأزق ليس في الحقيقة إلا حلقة جديدة من مأزق قديم اختصت به النخب السياسية التونسية منذ الثورة إلى اليوم وهو الأمر الذي يطرح عددا من التساؤلات حول الدور الحقيقي للنخب في لحظات الانتقال الديمقراطي.
الأمر الأخطر في المسألة هو أنه لا يمكن إنجاز انتقال سياسي دون نخب سياسية أو فكرية أو قانونية وهو ما يجعل من وجود هذا المكوّن مسألة حتمية في مسار تاريخي كمسار الثورة التونسية، الأمر الثاني إنما يتمثل في النفور الشديد الذي أصاب عامة الجماهير في تونس من السياسة والسياسيين ومن الأحزاب وممثليهم وهو ما قد ينسحب سلبا على مستقبل المسارات التي ستعرفها البلاد.
لم تنجح النخب التونسية بعد سقوط واجهة الاستبداد في صياغة بدائل فاعلة تستطيع من خلالها تحويل المطالب الشعبية إلى بذور التأسيس لدولة القانون ودولة المؤسسات، بل إنها استعادت صراعاتها وأحقادها القديمة وأعادت صياغتها لتسمّم بها الساحة السياسية في تونس، عادت أسئلة الهوية والانتماء وعادت سياسة المحاور والاصطفاف من جديد وغابت أسئلة الاقتصاد والتنمية وإيجاد الحلول الواقعية لمجتمع على حافة الهاوية.
لم يعد شعب تونس يهتم كثيرا للشعارات السياسية بعد عشرية صاخبة بالتحليل السياسي بل أصبح اليوم أميل إلى الحلول الواقعية وإلى المشاريع التنموية، وإلى تلمس الطريق للخروج من المأزق الاقتصادي الذي صنعته النخب السياسية. هذا التحول الهام يؤذن بنهاية مرحلة وبداية مرحلة في حياة الوعي السياسي الجمعي وهي المرحلة التي ستفرض على النخب المحلية التأقلم معها، ومراعاة ما تفرضه عليها من شروط وبدائل.
لن تكون المرحلة السياسية المقبلة من مراحل الحياة السياسية في تونس مرحلة شعارات وقراءات ونظريات بل ستكون مرحلة مشاريع وصيغ عملية لتغيير الواقع اليومي للمواطنين.
في غياب هذا البديل الحتمي فإن النخب التونسية ستحكم على نفسها بالاندثار بعد أن صار الصراع بين الرئاسة والحكومة والبرلمان مثار تندّر في الداخل والخارج، وأضحى الجميع مدركا لخطر النهج الذي اختارته النخب السياسية بعد الثورة.
أستاذ مشارك بجامعة السوربونمرّة أخرى تجد التشكيلة السياسية في تونس بعد الثورة نفسها في أزمة حكم جديدة بعد أن بلغ التعنت والتجاذب أقصى درجاته، وقد رفض رئيس الجمهورية المصادقة على الحكومة التي اقترحها الوزير الأوّل السيد هشام المشيشي.
التجاذب في العمق ليس إلا خلافا لا قيمة له حول صلاحيات رؤوس السلطة في البلاد إذ يرفض رئيس الجمهورية التنازل لصالح رئاسة الحكومة أو رئاسة البرلمان عن بعض الحقائب الوزارية.
هذا المأزق ليس في الحقيقة إلا حلقة جديدة من مأزق قديم اختصت به النخب السياسية التونسية منذ الثورة إلى اليوم وهو الأمر الذي يطرح عددا من التساؤلات حول الدور الحقيقي للنخب في لحظات الانتقال الديمقراطي.
الأمر الأخطر في المسألة هو أنه لا يمكن إنجاز انتقال سياسي دون نخب سياسية أو فكرية أو قانونية وهو ما يجعل من وجود هذا المكوّن مسألة حتمية في مسار تاريخي كمسار الثورة التونسية، الأمر الثاني إنما يتمثل في النفور الشديد الذي أصاب عامة الجماهير في تونس من السياسة والسياسيين ومن الأحزاب وممثليهم وهو ما قد ينسحب سلبا على مستقبل المسارات التي ستعرفها البلاد.
لم تنجح النخب التونسية بعد سقوط واجهة الاستبداد في صياغة بدائل فاعلة تستطيع من خلالها تحويل المطالب الشعبية إلى بذور التأسيس لدولة القانون ودولة المؤسسات، بل إنها استعادت صراعاتها وأحقادها القديمة وأعادت صياغتها لتسمّم بها الساحة السياسية في تونس، عادت أسئلة الهوية والانتماء وعادت سياسة المحاور والاصطفاف من جديد وغابت أسئلة الاقتصاد والتنمية وإيجاد الحلول الواقعية لمجتمع على حافة الهاوية.
لم يعد شعب تونس يهتم كثيرا للشعارات السياسية بعد عشرية صاخبة بالتحليل السياسي بل أصبح اليوم أميل إلى الحلول الواقعية وإلى المشاريع التنموية، وإلى تلمس الطريق للخروج من المأزق الاقتصادي الذي صنعته النخب السياسية. هذا التحول الهام يؤذن بنهاية مرحلة وبداية مرحلة في حياة الوعي السياسي الجمعي وهي المرحلة التي ستفرض على النخب المحلية التأقلم معها، ومراعاة ما تفرضه عليها من شروط وبدائل.
لن تكون المرحلة السياسية المقبلة من مراحل الحياة السياسية في تونس مرحلة شعارات وقراءات ونظريات بل ستكون مرحلة مشاريع وصيغ عملية لتغيير الواقع اليومي للمواطنين.
في غياب هذا البديل الحتمي فإن النخب التونسية ستحكم على نفسها بالاندثار بعد أن صار الصراع بين الرئاسة والحكومة والبرلمان مثار تندّر في الداخل والخارج، وأضحى الجميع مدركا لخطر النهج الذي اختارته النخب السياسية بعد الثورة.