+ A
A -
جريدة الوطن

الدوحة- قنا- اختتمت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، أمس، أعمال مؤتمرها الرابع عشر لوزراء التربية والتعليم العرب تحت عنوان «التعليم الشامل وتمكين المعلمين: رؤية استراتيجية للتربية في الوطن العربي»، بصدور «إعلان الدوحة»، الذي أكد الالتزام بالمبادئ والموجهات العملية لتطوير نظم التعليم في الوطن العربي بما يسهم في بناء مجتمعات أكثر عدالة وازدهارا، مشددا على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك في مجال التربية والتعليم لتحقيق التحولات المطلوبة في النظم التعليمية.

وتضمّن «إعلان الدوحة» توصيات تدعو إلى تطوير سياسات وطنية تدعم التعليم الشامل وتضمن إدماج جميع الفئات، مع تكامل الجهود الوطنية والإقليمية لضمان استمرارية التعليم في حالات الطوارئ والأزمات، مشددا على أهمية وضع خطط لتدريب المعلمين وتطوير مهاراتهم بشكل مستمر، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية اللازمة للتعليم الرقمي وضمان وصولها إلى جميع المناطق لتقليل الفجوة الرقمية، وإنشاء برامج خاصة لدعم التعليم في حالات الطوارئ مع توفير حلول مبتكرة لاستمرارية العملية التعليمية.

وأكد ضرورة تفعيل التعاون بين الدول العربية وبناء شراكات مع المؤسسات الإقليمية والدولية للاستفادة من التجارب الناجحة، وزيادة المخصصات المالية الموجهة لقطاع التعليم وضمان استدامة المشروعات التعليمية لتحقيق التعليم الشامل، داعيا إلى دعم البحث العلمي في مجالات التربية والتعليم، وتطوير نظم تقييم شاملة لتحسين جودة التعليم ومخرجاته، وتحديث المناهج بما يتماشى مع متطلبات العصر وسوق العمل ويعزز من الإبداع والابتكار.

وتطرق الإعلان إلى تحديث البرامج الصفية واللاصفية لتعزيز قيم المواطنة والتسامح والانتماء الوطني والهوية العربية، بالإضافة إلى تعزيز تعليم المواد الفنية في التعليم العام لتنمية شخصية الطلاب وصقل مواهبهم وتعزيز قدراتهم على الإبداع والابتكار.

وفي كلمته الختامية للمؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، أثنى سعادة الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، على أهمية الموضوعات التي تطرق لها المشاركون في معالجة التحديات الراهنة التي تواجه التعليم في الوطن العربي.

وأعرب المدير العام لـ«الألكسو» عن شكره لدولة قطر على استضافتها وتنظيمها المتميز لفعاليات المؤتمر، مؤكدا أن قطر كانت ولا تزال سباقة في دعم قضايا التعليم والتنمية في الوطن العربي.

هذا وترأست دولة قطر الدورة الرابعة عشرة من مؤتمر «الألكسو» لوزراء التربية والتعليم العرب، تحت عنوان «التعليم الشامل وتمكين المعلمين: رؤية استراتيجية للتربية في الوطن العربي»، وذلك بتنظيم من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم.

وأبرزت سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، رئيس اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر، التحديات العديدة التي يواجهها قطاع التعليم في كل دول العالم، منها الدول العربية، على الرغم من التقدم الملحوظ مقارنةً ببداية الألفية في زيادة التحصيل العلمي والتساوي في الوصول إلى التعليم الرسمي، منوهة بوجود عوائق تتم مواجهتها، لا سيما في مجال مواكبة التكنولوجيا الرقمية المتطورة باطراد، وتشعب العلوم، وإعداد معلمين متمرسين وقادرين على نقل علوم العصر إلى الجيل المقبل.

وأوضحت سعادتها أن هذا المؤتمر يعد محاولة في سبيل تعزيز جودة التعليم وتطويره من خلال إتاحة الفرصة لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة، وبناء الشراكات الفاعلة بين الأقطار العربية، والاطلاع على التوجهات الناشئة في مجالات التربية والتعليم، وإيجاد الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات للنهوض بالمنظومة التعليمية ومتابعة تنفيذها، بما يضمن مستقبلا أكثر إشراقا لأبنائنا، مبينة أن موضوع المؤتمر لهذا العام يعكس رؤية طموحة ومتجددة، تسعى لتحقيق التعليم الشامل، باعتباره حقا أساسيا لكل فرد، وتمكين المعلمين ليكونوا قادة فاعلين في هذا المجال.

وأكدت سعادتها أن التعليم يعد محورا رئيسا في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية لما له من تأثير إيجابي في بناء وتنمية قدرات الأفراد المختلفة، وتزويد المتعلمين بالمهارات والمعارف والقيم ليصبحوا قادرين على إحداث التغييرات المنشودة نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارا، معتبرة أن التعليم الجيد يتطلب الاهتمام بالمعلم، إذ هو ركن العملية التعليمية وعمادها، ويستلزم ذلك توفير التأهيل والتدريب المستمر، والدعم المهني، الذي يعزز قدراته على مواكبة التوجهات التربوية الحديثة والتطورات التكنولوجية، ويرفع من كفاءته، بما ينعكس إيجابا على مستوى الطلاب ونتائج تحصيلهم العلمي.

ولفتت سعادة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي إلى ما وفرته دولة قطر من برامج تدريبية، وإطلاقها العديد من المبادرات لتمكين المعلمين قبل الخدمة وخلالها، على غرار برامج (تمهين) و(تمكين) و(مسار القادة) في مؤسسة علم لأجل قطر التي تعد برامج تدريبية تستهدف الراغبين بتحويل مساراتهم المهنية ليصبحوا معلمين ويساهموا في بناء المستقبل، وبرنامج (بداية موفقة) الذي يقدم الدعم للمعلمين الجدد لمدة عام كامل ويسهم في صقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم، مشيرة إلى برنامج زمالة المعلمين (خبرات) الذي يهدف إلى توفير فرص تعليمية وتدريبية ذات جودة عالية للمعلمين للارتقاء بمهنة التدريس، خاصة في ظل ما يوجب وضعه في عصر التطور بمجالات التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي، لمواكبة التقدم المتسارع، وإيجاد الحلول المبتكرة للتصدي لمخاطرها، مع أهمية تعزيز المهارات الرقمية للمعلمين والطلبة.

وفي هذا الصدد، نوهت سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر بإطلاق دولة قطر استراتيجية التعليم الإلكتروني عام 2022، وتدشينها عددا من المبادرات، ومناهج الأمن السيبراني، التي تعزز التوعية بالمواطنة الرقمية وأمن البيانات وتسعى لحماية النشء من مخاطر الاستخدام غير الآمن وغير المنضبط للإنترنت، مشيرة إلى ما تشهده المنطقة العربية من تحديات غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، فالأزمات تلم بالعديد من دولنا العربية، سواء في سعيها للتعافي من تبعات جائحة «كوفيد-19»، أو تصديها لآثار النزاعات التي تحرم ملايين الأطفال من فرص التعليم، مبينة أن تقديرات البنك الدولي أفادت بأن مدارس المنطقة العربية أغلقت لمدة متوسطها 22 أسبوعا من عام 2020 إلى 2022 ضمن جهود التصدي للجائحة، أي ما يعادل نصف عام دراسي.

وذكرت سعادتها أن العديد من المصادر الأممية أكدت تسجيل مغادرة 15 مليون طفل مدارسهم نتيجة تفاقم النزاعات في المنطقة، بالتزامن مع التوقعات بزيادة أعدادهم إلى 20 مليون طفل في السنوات الخمس القادمة، معربة عن أملها بأن تتم تسوية تلك النزاعات، ومن بينها جرائم الإبادة الجماعية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني، وأن يعود الطلبة إلى مدارسهم حتى يساهموا في تحقيق طموحاتهم وتنمية مجتمعاتهم.

واستعرضت سعادتها أيضا حجم الجهود التي بذلها صندوق قطر للتنمية الذي وفر أكثر من مليار دولار كمساعدات تعليمية إلى أكثر من 60 دولة، وجهود مؤسسة التعليم فوق الجميع عبر مبادرة علم طفلا التي التحق بها أكثر من 15 مليون طفل محروم في 57 بلدا حول العالم، وغيرها من المبادرات التي تؤكد على التزام دولة قطر الراسخ بدعم التعليم على المستوى الدولي كما المحلي.

وأشادت سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، رئيس اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، في كلمتها، بجهود المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) على دورها الرائد في توحيد الجهود من أجل صياغة رؤى مشتركة لمستقبل التعليم في المنطقة العربية، بما يسهم في تحقيق الرفاه والاستدامة لشعوبها.

بدوره، قال سعادة الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، في كلمة، «إن دولة قطر تمثل نموذجا يحتذى به في دعم قطاع التعليم وتطويره على كافة الأصعدة»، مثمنا جهود وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بدولة قطر، في تبني مبادرات تعليمية رائدة، مكنتها من الصدارة في الترتيب العالمي لجودة التعليم وتميزه.

ونوه سعادته بما بذلته دولة قطر من جهود كبيرة لتنفيذ مبادرات عربية وإقليمية عززت من تحقيق تعليم عربي شامل، لاسيما احتضانها لعدد من الفعاليات في مجال التعليم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي وجوائز التطبيقات لفائدة ذوي الإعاقة بالتعاون مع مؤسسة مركز مدى المساعدة، مستعرضا أبرز الجهود التي قدمت لضمان كافة مستلزمات نجاح المؤتمر وتميزه، والذي يعتبر إضافة نوعية لتعزيز الجهود العربية المشتركة في مجالات التربية والتعليم بما يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتعهدات الوطنية والدولية، وتبادل الخبرات والتعاون المشترك.

وأوضح أن موضوع المؤتمر جاء ليجدد الالتزام بتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، من خلال التفكير المشترك حول استراتيجيات تطوير نظمنا التربوية ووضع الخطط المستقبلية التي تلبي احتياجات العصر، ومواكبة التغيرات العالمية المتسارعة، مؤكدا أن التعليم الشامل وتمكين المعلمين أساس لا غنى عنه لتحقيق التحول الإيجابي في النظام التعليمي العربي، من خلال تنفيذ استراتيجيات شاملة ومدروسة تمكن من بناء نظام تعليمي يعزز المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع، ويسهم في إعداد أجيال قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية والمشاركة الفاعلة في التنمية المجتمعية.

ولفت سعادته إلى سعي «الألكسو» إلى تعزيز السياسات التربوية في الدول العربية من خلال منصة المؤتمرات الوزارية رفيعة المستوى، وتبادل التجارب بينها لتنسيق الجهود للنهوض بالتعليم في إطار شراكة استراتيجية مع منظمات العمل العربي المشترك، وكافة المؤسسات الحكومية الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية، ومع المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المعنية بقطاعات التربية والتعليم في الدول العربية، مبينا أن الجهود الكبيرة التي تنفذها «الألكسو» تستجيب لتوجهات الحكومات والقيادات التربوية في الدول العربية، والتي كانت منطلقا لمشروعاتها القومية الكبرى، بهدف إحداث نقلة كمية ونوعية ضمانا «للحق في التعليم» الذي تكفله كل الدساتير، في إطار تنموي شامل مستدام، ودامج للجميع، حيث يترجم هذا الاهتمام الرسمي العربي بإصلاح التعليم، من خلال قرارات القمم العربية ودعوتها للإصلاح الشامل، وإحداث تحول جذري ونوعي في التعليم وسياساته، والنهوض بالبحث العلمي.

ونوه المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بأن دور «الألكسو» يندرج في دعم التعليم في الدول العربية من خلال برامج متنوعة تهدف إلى تطوير الأنظمة التعليمية، وتحسين مستوى المعلمين، وتوفير الخبرات الفنية لتكون رافدا مؤثرا في تطوير المناهج التعليمية، وتدريب الأطر التربوية، وتطبيق أساليب تعليمية مبتكرة تلبي احتياجات الطلاب في العصر الرقمي.

وأبرز أن «الألكسو» في هذا الإطار وتنفيذا لقرارات المجالس العربية المختصة، تعمل بطلب من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على وضع «خطة استشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن العربي 2026 -2035 لتكون مرجعية هامة لدولنا العربية، وضمانا لتحقيق نقلة نوعية في التربية والتعليم، تؤكد على تحديث المناهج التعليمية وجعلها مرنة تواكب العصر، وتستجيب لاحتياجات الطلاب، وتتماشى مع متطلبات سوق العمل.

وأكد سعادة الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، التزام»الألكسو«بتعزيز مكانة لغتنا العربية باعتبارها من أعظم اللغات الإنسانية، التي تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ، وتحمل في طياتها إرثا حضاريا زاخرا بالمعرفة والفكر، مع أن اللغة العربية اليوم أمام تحديات جديدة تتطلب إعادة النظر في كيفية دعم مكانتها في ظل ثورة التكنولوجيا، والتحول الرقمي الذي أضحى واقعا يؤثر في كافة مناحي الحياة، وقطاع التعليم ليس استثناء منها.

بدوره، قال الدكتور فراج العجمي الوزير المفوض مدير إدارة التربية والتعليم والبحث العلمي بجامعة الدول العربية،»إن المعلمين يلعبون دورا محوريا في تعزيز الممارسات الشاملة، ويتوجب أن يكونوا مجهزين بالمعرفة حول احتياجات التعلم المتنوعة والتعليم المتمايز والتصميم الشامل للتعلم»، مشددا على أن تمكين المعلمين يعتبر جزءا محوريا في نجاح التعليم الشامل، كون المعلمين هم الركيزة الأساسية في نجاح أي نظام تعليمي، وعلى ضرورة توفير التدريب المستمر والموارد اللازمة لهم والدعم لاكتساب مهارات جديدة تتناسب مع تطور احتياجات الطلاب المتنوعة مما يساهم في تحسين جودة التعليم بشكل عام.

واعتبر التعليم حجر الأساس للشعوب التي تأمل في تحقيق الرخاء والتقدم، فالدولة التي تعمل على تطوير نظامها التعليمي هي الدولة التي تتفوق في كافة المجالات والأصعدة سواء الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية للوصول إلى مخرجات نوعية من التعليم قادرة على البناء والعطاء، لافتا إلى أن التعليم عملية شاملة بمختلف جوانبها وأبعادها وهو مسؤولية تشاركية بين الحكومة والأسرة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

كما أبرز أن التعليم الشامل يعد من الأسس الهامة لبناء مجتمعات قوية ومستدامة، ويسهم في تقديم فرص تعلم متساوية لجميع الأفراد بعض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، ويهدف إلى تلبية احتياجات جميع الطلاب من خلال توفير بيئة تعليمية مرنة وداعمة ومهيأة لكل الفئات، مؤكدا أن توفير التعليم الشامل وتمكين المعلمين يؤدي إلى خلق بيئة تعليمية عادلة وشاملة تتيح للطلاب من جميع الفئات، بهدف تحقيق إمكاناتهم الكاملة مما يعزز الابتكار والإبداع لديهم وهذا يساهم في بناء مجتمعات قادرة على التكيف مع التحديات المستقبلية.

copy short url   نسخ
08/01/2025
170