بوابات حديدية وجنود يقطعون الطريق على المسافرين، ومستوطِنون بعتاد عسكري وإغلاقات دائمة وطرق ضيقة متعرجة وملتفة على نفسها، فاقدة لأهلية السير عليها، بلا إنارة ولا شاخصات، مع تعمد منع وجود شرطة تشرف على تطبيق القوانين، وتمنع التجاوزات وتزيل العوائق والعراقيل، وهذا ما يفرضه الاحتلال ليكون الحال صعبا والظرف مستحيلا، وسط واقع حياتي ومعيشي معقد.
ففي مساحة ضيقة تُسمى الضفة الغربية، وهي بالكاد تكون بمساحة مدينة واحدة من مدن العالم، يُسمى الوصول من بيت لحم إلى رام الله سفرا، بل ورحلة شاقة محفوفة بالخطر الشديد والعذاب، وبتعقيدات الحواجز العسكرية، والبوابات المغلقة المنتشرة في مداخل المدن والقرى، لتعكير حياة الناس والتضييق عليهم.
ما يحدث في الضفة من خنق سياسي واقتصادي واجتماعي، هو نتاج سياسة يمينية عنصرية واضحة أعلن عنها الاحتلال، هدفها المباشر التضييق على حياة الناس، وخنق حياة البشر وجعلها على مستوى عالٍ من البؤس، وقلة الأمن والأمان، وجعل المدن والقرى والمخيمات سجونا ضيقة تكتظ بالسكان، تواصلها مع بعضها البعض محكومٌ بقرار فتح أو غلق البوابات الحديدية، والحواجز العسكرية المرهونة بأوامر الجنود.
واقع خططت له حكومة نتانياهو ليكون حال الضفة على هذا النحو الذي نعيشه، وكل من يعيش في الضفة يلمس ذلك، ويعيشه مضطرا في مواجهة يومية لا مفر منها، وهذا الواقع المدروس بعناية وفق سياسات الفصل العنصري والتضييق على حياة الفلسطينيين، وقضم وضم الأراضي وبناء المستوطنات، وتقطيع أوصال المدن والقرى عن بعضها، وجعل المسافة بطول ساعات النهار، فلا تصل إلى عملك، وإن وصلت فلن يكون بوسعك إنجاز ما سافرت لأجله، وتصبح ساعة سفر من بيت لحم إلى رام الله تلزمها خمس ساعات في الزحام وربما أكثر، وعلى هذا النحو تواصل عنصرية الاحتلال خلق واقع على الأرض غير قابل للحياة.
لا يأبه الاحتلال بفرض سياساته على الأرض، وهو يكرس شكلا عنصريا كاملا لا يتوقف عند حدود معينة، فيقضم مساحات شاسعة لصالح عمليات الاستيطان وشق الطرق الاستيطانية، وفي ذات الوقت يقطع الطريق أمام الفلسطينيين بشتى السبل، ويفرض واقعا مربكا وصعبا، ضمن خطط التهجير والطرد وتهويد الأرض.
سياسة تنتهجها حكومة نتانياهو، وتفرضها بقوة العربدة العنصرية، وتهديدات بمزيد من الضم والتهويد، ومزيد من الإجراءات التعسفية، وكل هذا يحدث بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، فمن يوقف هذه العربدة؟ ومن يمنع هذا اليمين المتغطرس عن تنفيذ مخططاته؟