مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةربما كان أهم مسار بعد فك الاشتباك في الأزمة الخليجية، لعمل مشروع ممكن لدول المجلس، وعبره لكل وطننا العربي الكبير، هو المسار الثقافي فالبنية الفكرية في شقيّها التصحيحي والتأسيسي، تحتاج لجهود كبيرة تصنع الضمير الاجتماعي الرشيد، وخاصةً لأجيال المستقبل، وبالذات مرحلة الطفولة، ويُعاني اليوم إرث الإقليم في الخليج العربي، من آثار الصراعات السياسية المتعددة، داخل الخليج وخارجه.
وأسوأ ما تواجهه الحياة الاجتماعية لأي أُسرة، والمجتمع الذي يُمثّل شرائح الشعب، هو أزمة النموذج الأخلاقي، في السلوك الراشد والحديث المهذب، والذوق العام الذي يُغرس مع نعومة الأطفال في أي بيئة عربية، وبالتالي فإن هذه الرياح العاتية الشديدة، تقتلع أركان العلاقات الإنسانية، فضلاً عن العربية والوطنية.
فلا أساس وطني ولا عروبي ما دام يفتقد للحس الإنساني الأصلي، الذي يقوم على تكرمة الإنسان لأخيه الإنسان، وتفعيلُ قواعد الرؤية الإسلامية الكونية، في مساواة التعامل مع الأسرة البشرية، وأنه لا خُلق ولا تميّز ولا اعتبار لمن يزعم، أن معياره الأخلاقي يخص قومه أو وطنه الصغير، فضلاً عن أنّ هذه الوطنية بذاتها، تحوّل لصالح المؤسسة الحاكمة، لا الرابطة الجامعة لكل وطن.
وبالتالي ينشأ الفتيان على ما عودّتهم، هذه القوالب من البغضاء والضغينة، والصراع المصلحي والمزايدة في الانتساب بين كل بيت وآخر، فهنا ينهارُ المركز الأخلاقي للشعب، ويُتوارث السوء وتضعف الممانعة المتبقية، التي خَلقت العرب من جديد في عهد الرسالة الإسلامية، وهي في الحقيقة كارثة كبرى، تتجاوز أهميتها الكثير من المواضيع الحرجة المتعددة.
إن النجاح الكبير الذي حققه برنامج «افتح يا سمسم» وشخصياته الكرتونية، كان من أفضل مساهمات وأعمال الأسرة الفنية والإعلامية في الخليج، وكان مشهوداً في تأثيره على أجيالنا، وفي بناء أسرة متحدة في الطفولة العربية، وفي صناعة منظومة أخلاقية متينة، تغرس في الأجيال قيمة الاحترام والمساواة مع أسرته العربية الكبيرة، من الخليج إلى المحيط.
وهي الأسرة التي تستحضر قيم الإسلام وأخلاقياته ورابطة المجتمع العربي، مع إخوته من بقية الديانات في الوطن العربي، وإخوته من حاضر العالم الإسلامي، وقبيلة الإنسان الموحدة، التي وحدتها الرسالة بين أبو بكر العربي وصهيب الرومي وبلال الأفريقي وسلمان الفارسي، رضي الله عنهم أجمعين.
فهنا نحتاج اليوم «افتح يا سمسم» ليعيد رسم الأساس الأخلاقي لتربية الأطفال، ويُنظّم لهم بمشاهد قصيرة جميلة، وأساليب خفيفة مبدعة، توجيهات الصح والخطأ، مع تجديد الابتكار الإبداعي لجذب الأطفال، وهي مهمة ليست سهلة اليوم في ظل غزو الفكر الآثم المريض، ضد الطفولة والعدالة الاجتماعية الفطرية، التي تقودها نتفلكس وغيرها من وسائط.
وهنا يبرز المسار الثاني المهم، وهو إعادة ربط ذهنية الطفل بما يجده متفقاً مع فطرته واستقراره النفسي، وبالتالي تؤكد لديه صيغة الحب والتواد بين أفراد الأُسرة، ومعنى العلاقة الوثيقة بين الآباء والأمهات، التي تقوم على تقديس الرابط الزوجي، وفي ذات الوقت مساحة التفاهم الكبيرة والتفهّم، بين الزوج وزوجته، وأن المرأة ربة بيت أو عاملة، هي شريكٌ فكري واجتماعي وسياسي في الحياة العامة، وبالطبع تعالج هذه التوجهات بلغة الطفل البسيطة، واستيعابه الذكي، الذي يلتقط الفكرة مبكراً خلافاً لما نعتقده.
هنا سنجد مساحة جيدة للغاية، لتكريس قيم المروءة بين الأخ وأخته، وبين الأبناء والآباء، والتفريق بين الأبوة الرشيدة والأبوة الضالة العنيفة، فيفهم الطفل معنى أن تكون روح الأبوة الحانية هي الأصل، وكيف يصحح الأب خطأهُ، وكيف يفهم الطفل مساحة ذلك الخطأ، الذي لا يمكن أن تخلو منه علاقة بشرية، ولكنه خطأ يمضي في رحلة الحياة، وتبقى علاقة الأم والأب مع أبنائه وبناته، في مسار المودة الحانية العميقة، يسعدون قي ظلها، فليست إرثاً ثقيلاً، بل بستاناً جميلاً لعبور طريق الحياة.
إن نشر الثقافة الحقوقية للطفل ممكن جداً، بالمقدار الذي لا يُفسد أو يُثقل عليه، المادة والمتعة بها، وهو هنا مسار مزدوج يقاوم أفكار الجندر الإلحادي عبر فكرة التضامن الأُسري، ويقاوم ثقافة العنف الذكوري، فيَخرجُ الطفل إلى عالم الإعلام الآخر مزوداً بأدوات ممانعة جديّة متميزة، تقوم على شجرة القيم الأخلاقية، فافتح يا سمسم أبوابك لها من جديد.
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةربما كان أهم مسار بعد فك الاشتباك في الأزمة الخليجية، لعمل مشروع ممكن لدول المجلس، وعبره لكل وطننا العربي الكبير، هو المسار الثقافي فالبنية الفكرية في شقيّها التصحيحي والتأسيسي، تحتاج لجهود كبيرة تصنع الضمير الاجتماعي الرشيد، وخاصةً لأجيال المستقبل، وبالذات مرحلة الطفولة، ويُعاني اليوم إرث الإقليم في الخليج العربي، من آثار الصراعات السياسية المتعددة، داخل الخليج وخارجه.
وأسوأ ما تواجهه الحياة الاجتماعية لأي أُسرة، والمجتمع الذي يُمثّل شرائح الشعب، هو أزمة النموذج الأخلاقي، في السلوك الراشد والحديث المهذب، والذوق العام الذي يُغرس مع نعومة الأطفال في أي بيئة عربية، وبالتالي فإن هذه الرياح العاتية الشديدة، تقتلع أركان العلاقات الإنسانية، فضلاً عن العربية والوطنية.
فلا أساس وطني ولا عروبي ما دام يفتقد للحس الإنساني الأصلي، الذي يقوم على تكرمة الإنسان لأخيه الإنسان، وتفعيلُ قواعد الرؤية الإسلامية الكونية، في مساواة التعامل مع الأسرة البشرية، وأنه لا خُلق ولا تميّز ولا اعتبار لمن يزعم، أن معياره الأخلاقي يخص قومه أو وطنه الصغير، فضلاً عن أنّ هذه الوطنية بذاتها، تحوّل لصالح المؤسسة الحاكمة، لا الرابطة الجامعة لكل وطن.
وبالتالي ينشأ الفتيان على ما عودّتهم، هذه القوالب من البغضاء والضغينة، والصراع المصلحي والمزايدة في الانتساب بين كل بيت وآخر، فهنا ينهارُ المركز الأخلاقي للشعب، ويُتوارث السوء وتضعف الممانعة المتبقية، التي خَلقت العرب من جديد في عهد الرسالة الإسلامية، وهي في الحقيقة كارثة كبرى، تتجاوز أهميتها الكثير من المواضيع الحرجة المتعددة.
إن النجاح الكبير الذي حققه برنامج «افتح يا سمسم» وشخصياته الكرتونية، كان من أفضل مساهمات وأعمال الأسرة الفنية والإعلامية في الخليج، وكان مشهوداً في تأثيره على أجيالنا، وفي بناء أسرة متحدة في الطفولة العربية، وفي صناعة منظومة أخلاقية متينة، تغرس في الأجيال قيمة الاحترام والمساواة مع أسرته العربية الكبيرة، من الخليج إلى المحيط.
وهي الأسرة التي تستحضر قيم الإسلام وأخلاقياته ورابطة المجتمع العربي، مع إخوته من بقية الديانات في الوطن العربي، وإخوته من حاضر العالم الإسلامي، وقبيلة الإنسان الموحدة، التي وحدتها الرسالة بين أبو بكر العربي وصهيب الرومي وبلال الأفريقي وسلمان الفارسي، رضي الله عنهم أجمعين.
فهنا نحتاج اليوم «افتح يا سمسم» ليعيد رسم الأساس الأخلاقي لتربية الأطفال، ويُنظّم لهم بمشاهد قصيرة جميلة، وأساليب خفيفة مبدعة، توجيهات الصح والخطأ، مع تجديد الابتكار الإبداعي لجذب الأطفال، وهي مهمة ليست سهلة اليوم في ظل غزو الفكر الآثم المريض، ضد الطفولة والعدالة الاجتماعية الفطرية، التي تقودها نتفلكس وغيرها من وسائط.
وهنا يبرز المسار الثاني المهم، وهو إعادة ربط ذهنية الطفل بما يجده متفقاً مع فطرته واستقراره النفسي، وبالتالي تؤكد لديه صيغة الحب والتواد بين أفراد الأُسرة، ومعنى العلاقة الوثيقة بين الآباء والأمهات، التي تقوم على تقديس الرابط الزوجي، وفي ذات الوقت مساحة التفاهم الكبيرة والتفهّم، بين الزوج وزوجته، وأن المرأة ربة بيت أو عاملة، هي شريكٌ فكري واجتماعي وسياسي في الحياة العامة، وبالطبع تعالج هذه التوجهات بلغة الطفل البسيطة، واستيعابه الذكي، الذي يلتقط الفكرة مبكراً خلافاً لما نعتقده.
هنا سنجد مساحة جيدة للغاية، لتكريس قيم المروءة بين الأخ وأخته، وبين الأبناء والآباء، والتفريق بين الأبوة الرشيدة والأبوة الضالة العنيفة، فيفهم الطفل معنى أن تكون روح الأبوة الحانية هي الأصل، وكيف يصحح الأب خطأهُ، وكيف يفهم الطفل مساحة ذلك الخطأ، الذي لا يمكن أن تخلو منه علاقة بشرية، ولكنه خطأ يمضي في رحلة الحياة، وتبقى علاقة الأم والأب مع أبنائه وبناته، في مسار المودة الحانية العميقة، يسعدون قي ظلها، فليست إرثاً ثقيلاً، بل بستاناً جميلاً لعبور طريق الحياة.
إن نشر الثقافة الحقوقية للطفل ممكن جداً، بالمقدار الذي لا يُفسد أو يُثقل عليه، المادة والمتعة بها، وهو هنا مسار مزدوج يقاوم أفكار الجندر الإلحادي عبر فكرة التضامن الأُسري، ويقاوم ثقافة العنف الذكوري، فيَخرجُ الطفل إلى عالم الإعلام الآخر مزوداً بأدوات ممانعة جديّة متميزة، تقوم على شجرة القيم الأخلاقية، فافتح يا سمسم أبوابك لها من جديد.